زلزال تركيا وسوريا: لماذا تتأثر النساء بالكوارث أكثر من الرجال؟
- تشاغل قصاب أوغلو وفوندانور أوزتورك
- بي بي سي – الخدمة العالمية
تواجه النساء خلال الكوارث مشاكل مختلفة عن تلك التي تواجه الرجال.وتشكو الناجيات من الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا، من عدم مراعاة الجهات التي تقدم المساعدات لاحتياجات النساء بعد الكارثة مباشرة، إذ أجبرن على السكن في ملاجئ مكتظة مما جعلهن يشعرن بالقلق على سلامتهن وسلامة أطفالهن.
يعد الافتقار إلى دورات المياه المنفصلة للنساء والمنتجات الصحية ومرافق الغسيل والمرافق الخاصة بصحة الأم من بين أولى المشاكل التي تواجهها الناجيات في تركيا وسوريا وهن يحاولن تجاوز الكارثة.
تقول الناجية من الزلزال في مدينة أضنة نورجان ساييلر، : “أكثر ما نحتاجه نحن النساء هو المراحيض المتنقلة”.
في ملجأ مكتظ بالناجين، تعيش ساييلر الآن مع والدتها المسنة المريضة وطريحة الفراش، وتقول إنها تخاف أن تصاب بالمرض “لأن الجميع رجالاً ونساء يستخدمون نفس المرافق”.
الصعوبات
في غازي عنتاب المجاورة، تكرر قمر أوزكيلسيز نفس التحديات والصعوبات المستمرة للأسبوع الثاني بعد الزلازل.
وتقول: “إن المرافق قذرة للغاية. لا أستطيع أن أغتسل أو أن أحمم أطفالي. نحاول فقط مسح أنفسنا بالمناديل المبللة، كما أجد صعوبة في العثور على مكان لتغيير فوطتي الصحية”.
تمكنت أمينة توركر من مدينة غازي عنتاب، من إنقاذ نفسها وطفليها البالغين من العمر خمس وثلاث سنوات عندما وقع الزلزال.
“في الليلة الأولى التي مكثنا فيها في حديقة تحت مأوى مؤقت، كان الجو ماطراً وعمت الفوضى عندما تم توزيع المساعدات. كل ملابسنا متسخة ولا توجد مرافق لتنظيفها، ليس لدينا أي شيء، الناس هنا قلقون وخائفون”.
صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) هو إحدى منظمات المعونة التي تعطي الأولوية لمساعدة النساء.
ويقدر الصندوق أن هناك أكثر من 214 ألف امرأة حامل من بين 15 مليون شخص متضرر في تركيا، ومن المتوقع أن تلد نحو 24 ألف حامل في غضون شهر.
تقول زينب أتيلجان أوزجينك، محللة الاتصالات التي تعمل مع فريق صندوق الأمم المتحدة للسكان في جنوب تركيا: “لقد تعرضن بالفعل لصدمات شديدة، لا نريد أن يشعرن بالقلق حيال احتياجاتهن الأساسية واحتياجات أطفالهن بينما يواجهن مشاكل رئيسية أخرى مثل السكن والسلامة الشخصية”.
“نقدم للحوامل وللأمهات الجدد صناديق المستلزمات التي تصون لهن كرامتهن وأمومتهن”.
تحتوي صناديق المستلزمات المقدمة لهن على صابون وفرشاة ومعجون الأسنان، وملابس داخلية وفوط صحية وبطانية أطفال وحفاضات وفوط ما بعد الولادة.
مخاطر السلامة
يعد الوصول إلى أماكن آمنة لإعادة بناء حياتهن تحدياً كبيراً للنساء في تركيا وسوريا. في أعقاب الزلزال مباشرة ، أُجبر الكثيرون على قضاء الليل في الخارج.
تقع معظم الملاجئ في أماكن مفتوحة ومكتظة، وهو ما يحمل في طياته تهديدات ومخاطر على سلامة النساء.
وتقول سابين أبيض، مسؤولة الاتصالات والحملات الإقليمية في المنطقة العربية من منظمة (أكشن إيد)، لبي بي سي من بيروت: “إنهن يتعرضن للعنف الجنسي”. “حدث هذا في نيبال أيضاً عندما تعرضت البلاد لزلزال بقوة 7.8 درجة في عام 2015”.
حرمان النساء من أماكن خاصة بهن ومن مراحيض منفصلة للنساء يجعل مرافق الغسيل أو المراحيض أماكن غير آمنة للنساء والفتيات”.
ووفقاً لورقة بحثية نشرتها مجلة South Asian Journal of Law Policy and Social Research في فبراير/شباط 2022 ، كانت هناك زيادة في حالات العنف ضد النساء والفتيات في المخيمات والملاجئ المؤقتة بعد زلزال نيبال عام 2015.
تقول أمل أوزكيلسيز، التي تقيم في ملجأ في غازي عنتاب: “بالطبع أنا قلقة على سلامتي وسلامة أطفالي”.
“في كل مرة يتم فيها فتح سحاب الخيمة، أخشى أن يكون هناك دخيل غريب. لا أستطيع النوم في الليل خوفاً على أطفالي، فأسهر لحمايتهم، وكما تعلمين، كوني امرأة، نشعر بالاضطراب والاكتئاب بسبب ما آلت إليه الأمور، لا عمل ولا مال”.
تقول زينب قره كورت التي تعمل متطوعة في ملجأ حديقة ماسال في غازي عنتاب: “ينطوي العيش في ملاجئ مكتظة كهذه، على مخاطر شديدة على السلامة الشخصية”.
“إنهن يشعرن بأنهن تحت التهديد. على سبيل المثال، عندما يقفن في طابور للحصول على الطعام، ينتابهن شعور بالقلق عندما يقف رجل خلفهن في الطابور. ثمة رجال شرطة في المكان، لكنهن لا يزلن يخشين على سلامتهن وسلامة أطفالهن”.
سابين أبيض من أكشن إيد لديها تحذير آخر بخصوص النساء والفتيات في شمال سوريا وتركيا: “في بعض الحالات يكنّ أكثر عرضة للاتجار أو الاستغلال أيضا”.
“نعلم من عملنا على الأرض أن في سوريا وتركيا الآن هناك نساء في الشارع بملابس النوم فقط وهن في خطر حقيقي”.
“النساء السوريات لا يحظين بنفس الاهتمام”
الوضع أسوأ في شمال سوريا. يوجد بالفعل ملايين النازحين في سوريا، وكان ما يقرب من 90 في المئة من السكان في هذه المناطق يعتمدون على المساعدات الإنسانية حتى قبل وقوع الزلزال.
من بين أكثر من ستة ملايين شخص تضرروا من الزلزال في شمال سوريا، 1.5 مليون منهم من النساء في سن الإنجاب، وفقاً لممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في سوريا الدكتور هميار عبدالمغني، الذي تحدث إلى بي بي سي من حلب في سوريا.
ويضيف: “إنهن لا يحظين بنفس الاهتمام والرعاية في سوريا بسبب محدودية إمكانية الوصول إليهن. واحتياجات النساء ليست من بين أولويات الناس”.
توفر الفرق المتنقلة التابعة لصندوق الأمم المتحدة للسكان في سوريا مجموعات من الأدوات والمرافق الصحية للملاجئ في المدن المتضررة من الزلزال، لكن هذا لا يكفي.
“الاحتياجات هائلة، كل ما نقوم به محدود للغاية، هناك أكثر من 220 ملجأ يعيش فيها أكثر من 70 ألف شخصاً.
“النساء لسن ضحايا بل ناجيات”
كما تحذر سابين أبيض، من احتمال زيادة حالات زواج الأطفال القسري وعمالة الأطفال في أعقاب الكارثة التي حلت بكلا البلدين.
“الزواج المبكر هو نتيجة لأوضاع اقتصادية وعادات وتقاليد. بعض الأطفال فقدوا مدارسهم ومنازلهم وعائلاتهم، حتى أن البعض في شمال سوريا لا يعرفون معنى المنزل أو المدرسة”.
ووفقاً للمراقبين، تواجه النساء والفتيات تعافياً أبطأ بكثير من الرجال عقب الكوارث، بسبب نقص الموارد الاقتصادية وفرص العمل وعبء الواجبات المنزلية ورعاية الأطفال.
وتقول المتطوعة في غازي عنتاب، زينب قره كورت: “حتى لو كان هناك رجال في الخيام، فإن واجبات رعاية الأطفال تقع على عاتق النساء هنا، حيث هذه المجتمعات القائمة على تمييز النوع الاجتماعي، بهذه المهمة إلى النساء”.
أعربت العديد من النساء اللواتي تحدثن إلى بي بي سي في المناطق التي ضربها الزلزال عن مخاوف مماثلة.
إنهن يعدن بناء حياتهن وحياة أطفالهن بأنفسهن، لكن “الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً”.
تقول سابين أبيض: “لكن علي أن أشدد على شيء مهم، لا ينبغي أن ننظر إلى النساء والفتيات على أنهن مجرد ضحايا، بل ناجيات، لذلك نحتاج إلى تسليط الضوء باستمرار على أنه سيكون للنساء دور قيادي حاسم في الاستجابة الإنسانية”ّ.