تيك توك: الصين تتهم الولايات المتحدة بـ “قمع” الشركات الأجنبية مع تزايد المخاوف من التطبيق
اتهمت الصين الولايات المتحدة بالمبالغة في رد فعلها، بعدما أصدرت الحكومة الأمريكية أوامر للموظفين الفيدراليين بإزالة تطبيق الفيديو “تيك توك” من الهواتف والأجهزة التابعة للحكومة.
وأمهل البيت الأبيض الاثنين الوكالات الحكومية 30 يوماً لضمان إزالة الموظفين التطبيق الصيني عن الأجهزة الفيدرالية، وذلك بعد خطوات مماثلة من كندا والاتحاد الأوروبي.
واتهمت متحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية الولايات المتحدة بإساءة استخدام سلطة الدولة لقمع الشركات الأجنبية.
وقالت المتحدثة، ماو نينغ، في مؤتمر صحافي الثلاثاء: “يجب على حكومة الولايات المتحدة احترام مبادئ اقتصاد السوق والمنافسة العادلة”.
وأضافت: “كيف يمكن لقوة عظمى مثل الولايات المتحدة أن تكون غير واثقة من نفسها، لدرجة أن تخشى التطبيق المفضل لدى الشباب؟”.
وخلال الأشهر الماضية، عبر مسؤولون غربيون عن تزايد قلقهم من التطبيق الذي تملكه شركة “بايت دانس” الصينية.
يواجه تطبيق تيك توك مزاعم بأنه يجمع بيانات المستخدمين ويسلمها للحكومة الصينية، ما أثار قلق بعض وكالات الاستخبارات من احتمال كشف معلومات حساسة عند تنزيل التطبيق على الأجهزة الحكومية.
من جانبها، تقول إدارة تيك توك إنها لن تمتثل أبداً لأي طلب بمشاركة بيانات المستخدمين، وتصر على أن التطبيق لا يعمل بشكل مختلف عن شركات التواصل الاجتماعي الأخرى.
وحظرت بعض المكاتب الفيدرالية في الولايات المتحدة، بما في ذلك البيت الأبيض ووزارات الدفاع والأمن الداخلي والخارجية، تطبيق تيك توك على أجهزتها.
ويأتي ذلك عقب تمرير مجلس النواب الأمريكي لتشريع في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، يحظر استخدام تيك توك على الهواتف التابعة للدولة.
ومن المتوقع أن يقر الجمهوريون في الكونغرس تشريعات أخرى في الأسابيع المقبلة، من شأنها أن تمنح الرئيس بايدن سلطة حظر التطبيق على الصعيد الوطني.
بدورها، أعلنت كندا حظر التطبيق على الأجهزة الحكومية اعتباراً من الثلاثاء، وذلك عقب مراجعة أجراها كبير مسؤولي المعلومات في البلاد، الذي قرر أن التطبيق يمثل “مستوى غير مقبول من المخاطر على الخصوصية والأمان”.
وقال رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، إن هناك ما يكفي من المخاوف حول الأمان عند استخدام التطبيق.
وفي الأسبوع الماضي، أمرت المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي الموظفين بإزالة تطبيق تيك توك من على هواتفهم وأجهزة المؤسستين.
وقال أحد موظفي المفوضية: “يهدف الإجراء إلى حماية المفوضية من تهديدات الأمن الإلكتروني، والأفعال التي قد يتم استغلالها في هجمات إلكترونية ضد بيئة العمل في المفوضية”.
ويطالب بعض السياسيين في الولايات المتحدة وبريطانيا بفرض حظر تام على تطبيق تيك توك.
وسبق لذلك أن طرح عام 2020، خلال عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بعد شكوك حول المخاطر الأمنية التي يحملها التطبيق.
ولكن، بفضل العديد من التحديات والإجراءات القانونية المعقدة، تلاشى النقاش إلى حد كبير وتوقف في النهاية في عام 2021، عندما ألغى الرئيس جو بايدن اقتراح ترامب.
ومع تصاعد التوترات الجيوسياسية بين الصين والدول الغربية، ومن الواضح أن مستقبل تيك توك العالمي أصبح في خطر أكثر من أي وقت.
فما هي أبرز مخاوف الأمن الإلكتروني المحيطة بتيك توك، وكيف ترد الشركة عليها؟
1-يجمع تيك توك كمية “مفرطة” من البيانات
تقول متحدثة باسم تيك توك لبي بي سي إن بيانات التطبيق كافة “تتماشى مع الممارسات المعهودة في الصناعة”.
ويتهم تيك توك بجمع كميات هائلة من بيانات المستخدمين، بحسب تقرير نُشر في يوليو/ تموز عام 2022 من قبل باحثين في Internet 2.0 – وهي شركة أسترالية متخصصة في الأمن الإلكتروني – كدليل.
لكن تقريراً حديثاً صدر عن معهد جورجيا للتكنولوجيا، في يناير/ كانون الثاني، قال إن “الحقيقة الأساسية هنا هي أن معظم وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى وتطبيقات الهاتف المحمول تفعل نفس الأشياء”.
2 – يمكن للحكومة الصينية استخدام تيك توك للتجسس على المستخدمين
تقول المتحدثة باسم تيك توك لبي بي سي إن الشركة مستقلة تماماً، و”لم تقدم بيانات المستخدمين إلى الحكومة الصينية، ولن تفعل إذا طُلب منها ذلك”.
ولكن بحسب المنتقدين، فإن تطبيق تيك توك مملوك لشركة “بايت دانس” الصينية العملاقة، ومقرها بكين، ما يجعله فريداً من نوعه باعتباره تطبيقاً رئيسياً غير أمريكي.
على سبيل المثال، يجمع كل من فيسبوك، وانستغرام، وسناب شات، ويوتيوب كميات مماثلة من البيانات، لكنها كلها تطبيقات تأسست في الولايات المتحدة.
لسنوات حظيت تلك التطبيقات بثقة المشرعين الأمريكيين، وساد اعتقاد أنها لن تستخدم بيانات في أغراض قد تعرض الأمن القومي للخطر.
منذ عام 2020، حاول المسؤولون التنفيذيون في تيك توك طمأنة الناس، بأن الموظفين الصينيين، لا يمكنهم الوصول إلى بيانات المستخدمين غير الصينيين.
كذلك، سرّعت الشركة المالكة لتطبيق تيك توك المحادثات مع الحكومة الأمريكية، حول خطط لتخزين بيانات المستخدمين في الولايات المتحدة، بدلاً من الصين.
إضافة إلى ذلك، تقول الشركة إنه منذ الصيف الماضي، تم توجيه بيانات المستخدمين الأمريكيين عبر خوادم مقرها الولايات المتحدة.
وتقول الشركة أيضاً إنها بصدد إنشاء مخازن بيانات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في أيرلندا حيث تعالج الآن بيانات المستخدمين البريطانيين.
3-يمكن استخدام تيك توك كأداة “لغسل الدماغ”
تعليقاً على هذا الاتهام، تقول المتحدثة باسم تيك توك: “تحظر سياسة الاستخدام لدينا المعلومات المضللة التي يمكن أن تسبب ضرراً لمجتمعنا أو لعامة الجمهور، بما في ذلك الانخراط في سلوك زائف منسق”.
في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2022، قال كريستوفر راي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي “إف بي أي” للمشرعين الأمريكيين: “يمكن للحكومة الصينية التحكم في خوارزمية التوصية، والتي يمكن استخدامها لعمليات التأثير”.
ومما زاد من تأجيج هذه المخاوف حقيقة أن التطبيق المماثل لتيك توك – وهو تطبيق “دوين” المتوفر فقط في الصين – يخضع لرقابة مشددة، ويقال إنه مصمم لتشجيع المواد التعليمية والمفيدة على الانتشار والتداول.
لكن باحثين في مختبر “زيتزين لاب” الكندي المتخصص في أمن الإنترنت أجروا مقارنة بين تيك توك ودوين، وخلصوا إلى أن تيك توك لا يستخدم نفس الرقابة السياسية.
وقال الباحثون: “المنصة لا تفرض رقابة واضحة على المنشورات”.
كما بحث محللو معهد جورجيا للتكنولوجيا أيضاً عن موضوعات مثل استقلال تايوان، أو النكات حول رئيس الوزراء الصيني شي جين بينغ، واستنتجوا: “يمكن العثور بسهولة على مقاطع الفيديو في جميع هذه الفئات على تيك توك. العديد منها شائع ومشارك على نطاق واسع”.
عموماً، تبدو المخاوف حول الأمن على تيك توك نظرية حتى الآن.
ويرى بعض منتقدي التطبيق، أن تيك توك هو “حصان طروادة”. فحتى وإن كان يبدو غير ضار، إلا أنه يمكن أن يكون سلاحًا قويًا في أوقات الصراع، على سبيل المثال.
التطبيق محظور في الهند التي اتخذت إجراءات في عام 2020 ضده وضد عشرات المنصات الصينية الأخرى.
لكن حظر الولايات المتحدة لتيك توك قد يكون له تأثير كبير على المنصة، نظرًا لأن حلفاء واشنطن عادةً ما يحذون حذوها في قرارات مماثلة.
وكان ذلك واضحاً عندما قادت الولايات المتحدة بنجاحٍ، دعوات لمنع عملاق الاتصالات الصيني هواوي من الانتشار في البنية التحتية للجيل الخامس، استناداً إلى مخاطر نظرية.
من الجدير بالذكر، بالطبع، أن هذه المخاطر هي طريق ذو اتجاه واحد. فلا داعٍ للقلق في الصين بشأن التطبيقات الأمريكية، لأنها محظورة عن أجهزة المواطنين الصينيين منذ سنوات عديدة.