أخبار العالم

COP28 يلبي طموحات البلدان النامية.. فما هي أبرز المنجزات؟



وفيما ينتظر العالم مخرجات تلك القمة المختلفة كلياً في كثير من تفاصيلها وبما شهدته من مبادرات وتعهدات مالية غير مسبوقة بهذه الوتيرة من التضافر والتعاون الدولي والالتزامات المختلفة، فإن البلدان النامية بشكل خاص تضع آمالها الواسعة على تلك المخرجات في أن تترجم التقدم المحرز على صعيد التعهدات والمناقشات بآليات عملية مع ضمان تنفيذها على أرض الواقع من أجل الوصول لمرحلة تالية في العمل المناخي.

وبينما دخل المؤتمر أمطاره الأخيرة، تأمل البلدان النامية في مخرجات تؤكد ما تم التوصل إليه في المناقشات والمبادرات المختلفة.

وتصبو البلدان النامية في المرحلة المقبلة إلى مزيد من التمويل على مساري التكيف والتخفيف، بما في ذلك نقل التكنولوجيا اللازمة، وغيرها من الأدوات، وهو ما تم الحديث بشأنه على نطاقات واسعة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف، وهو ما كان حاضرا وبقوة في الكلمات الرئيسية للقادة والمسؤولين خلال COP28 الذي وضع هذا الملف ضمن الأولويات الرئيسية في المؤتمر وحقق اختراقات إيجابية فيه ترفع من سقف آمال وطموحات هذه البلدان التي رحب عديد من مسؤوليها -في تصريحات متفرقة على هامش المؤتمر- بالتقدم المحرز على صعيد عديد من الملفات، من بينها ملف التمويل الذي تستفيد منه بشكل كبير.

  • اقترحت دول نامية أن يوفر صندوق جديد للأمم المتحدة 100 مليار دولار على الأقل بحلول 2030 للتصدي للأضرار التي لا يمكن إصلاحها الناجمة عن تغير المناخ وذلك في وقت تستعد فيه الدول لمناقشة من سيستفيد ومن سيدفع في قمة الأمم المتحدة لتغير المناخ COP28.
  • ووفقًا لتقرير فجوة التكيف الصادر عن الأمم المتحدة قبل محادثات مؤتمر المناخ العالمي COP28، أن الدول النامية تحتاج ما بين عشرة إلى 18 ضعف الأموال المتاحة دوليا، وهناك حاجة إلى 194 – 366 مليار دولار سنويا.

نجاحات المؤتمر

قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة، محمود محي الدين، خلال حديث خاص مع “سكاي نيوز عربية” إن المفاجأة الإيجابية والسارة هو أن ما تم الانتهاء إليه في الدقيقة الأخيرة في قمة شرم الشيخ العام الماضي COP27 كانت نتيجته أصداء مهمة وتنفيذه في الدقائق الأولى في قمة COP28، فيما يتعلق بتفعيل صندوق الخسائر والأضرار.

وتابع: “كان الكثير من المتابعين يعتقدون بأن هذا القرار سيكون من قرارات اللحظات الأخيرة هنا في دبي، ولكن كانت بداية إيجابية وبادرة تؤكد على طريقة عمل جيدة من أنه منذ نهاية القمة الماضية وبدء القمة الجديدة كان هناك عمل متواصل قامت به اللجنة المكلفة بمتابعة تنفيذ وتفعيل الصندوق”.

وأشار إلى أنه تم الاتفاق على مصادر التمويل وأوجه الإنفاق وأيضا النقطة التي استغرقت وقتاً طويلاً في النقاش وهي مسألة الاستضافة المؤقتة لهذا الصندوق، هل ستكون مستقلة أم في إطار البنك الدولي مع التمتع بالاستقلال من حيث الحوكمة.

صندوق الخسائر والأضرار

وحول كيفية عمل الصندوق الآليات التنفيذية الخاصة به، أوضح محيي الدين، أن “الصندوق لا يتمنى أحد اللجوء إليه؛ لأن كما اسمه يظهر ما سوف يقوم به للتعامل مع أمور إنقاذية عاجلة لمن يتعرض لخسائر وأضرار بسبب تغيرات شديدة في الطقس وأعاصير وخلافه.. كل هذه الخسائر التي لا تطال فقط الطبيعة وإنما تهدد حياة البشر تحتاج للتمويل”.

وشدد المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة، على أنه خلال هذه القمة ظهرت مصادر جيدة للتمويل في إطار تعهدات من عدة دول وصلت إلى مئات الملايين “بينما الحاجة إلى عشرات إن لم يكن مئات المليارات، ذلك أن التقديرات المبدئية للخسائر تتراوح بين 100 إلى 200 مليار دولار سنوياً”.

وأضاف: “ما تم تقديمه حتى الآن هو لتفعيل الصندوق وجعله إدارياً قادراً على العمل وأن يكون لديه الخبراء والمختصين، على ان يكون هناك مجال لتعبئة الموارد بشكل منتظم، حتى يستطيع التعامل مع ما وجدناه مثلاً في حالة أفريقيا وباكستان التي غرقت ثلث أراضيها بسبب الفيضانات العام الماضي، والحرائق في عدد من الدول مثل الحال في أميركا اللاتينية (..)”.

واستطرد: “هذ الأمور تحتاج إلى قدر عالٍ من التنبؤ في مجالات التمويل”، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن هنالك صناديق أخرى، مثل صندوق المناخ الأخضر، والذي حشد تعهدات بقيمة 13 مليار دولار من 30 دولة من بداية مؤتمر شرم الشيخ وحتى الآن، وتعد تلك التعهدات أعلى مما كان مقدراً ومتوقعاص، خاصة في ظل الظروف الجيوسياسية التي يمر بها العالم.

ملف التمويل

وتحدث المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة، في معرض تصريحاته لـ “سكاي نيوز عربية” عن ملف التمويل بشكل خاص، مؤكداً كونه المشكلة الأكبر، والتي تعكس مشكلات أخرى جيوسياسية وأزمات تحدث بالبلدان المختلفة تجعلها غير قادرة على التعامل مع أزمات المناخ، بما في ذلك أزمات مثل الأوبئة أو غير ذلك، ومع ضلوع بعض الدول في تحديات أمنية وحروب، وبالتالي فإن “موضوع التمويل هو مرآة تعكس طبيعة المشاركة الدولية في هذه الظروف”.

“لكن أيضاً هناك موضوع التكنولوجيا؛ ففي إطار القمة الحالية كان هناك حديث وتأكيد على أهمية البحث والتطوير والابتكار في تقديم ما يلزم لإنتاج الكهرباء من الطاقة الجديدة والمتجددة (مضاعفة قدرات الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول العام 2030).. المياه أيضاً هي بذات الأهمية إن لم تكن أعلى في مجالات التكيف مع المناخ”.

وأفاد محيي الدين بأن هناك مجالاً كبيراً للاستثمارات الخاصة، مشيراً إلى ما تم الإعلان عنه من قبل رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد، بخصوص تدشين الصندوق الجديد غير المسبوق في حجمه؛ للمشاركة مع القطاع الخاص وله مكون مهم لدعم القدرات وتنفيذ المشروعات.

الديون

وأجاب المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة، عن سؤال بخصوص أثر فاتورة الديون التي تثقل كاهل عديد من البلدان ومع ارتفاع معدلات الفائدة، على التمويلات الخاصة بالمناخ، مؤكداً الحاجة إلى نهج متكامل للتعامل مع التمويل، فالتمويل ليس مجرد استثمار في مشروعات، مشيراً إلى أن المطالبة الآن من البلدان النامية والأسواق الناشئة تقديم ما لا يقل عن 1.4 تريليون دولار سنوياً، وبما يتطلب وضع مسألة خدمة الدين في الاعتبار.

وأوضح أن مبادلة الديون واحدة من الأدوات، كذلك شدد على أهمية تخفيف الاعتماد على الاستدانة من حيث المبدأ إلا بضرورة وأن تكون بعائد، مشيراً في الوقت نفسه إلى أهمية حشد التمويل الميسر المناسب من خلال إصلاح النظم المالية للمؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وغيره، فضلاً عن أهمية دور القطاع الخاص في التمويل.

بداية لإنجازات متتالية

في هذا الصدد أشاد الخبير البيئي، تحسين شعلة، في حديث خاص مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، بما توصل إليه كوب 28 من إنجازات حتى الآن في إطار تحقيق أهداف الدول النامية، مشيرًا إلى أن أبرز القرارات الداعمة لموقف تلك الدول هو ما أعلنه رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد،فيما يخص تدشين صندوق خاص للحلول المناخية بقيمة 30 مليار دولار.

كذلك يشير إلى تفعيل صندوق الخسائر والأضرار، وهو جهد مبني على ما تم التوصل إليه في كوب 27 في مصر.

وثمن قيمة القرار الذي وصفه بـ “التاريخي”، ويعد بداية لإنجازات متتالية في الفترة المقبلة، من خلال كوب 28، كما يمثل دعمًا قويًا للدول النامية في مواجهة التغيرات المناخية، خاصة وأن هذه الدول ليس لها دور فعال في الانبعاثات الكربونية، التي تنتج عن الدول الكبرى المُصنعة والمصدرة للنفط في جميع أنحاء العالم.

وأشار إلى أن هناك نقاط خلافية تشهدها القمة الحالية، وحال حسمها في الختام ستكون بارقة أمل للدول النامية، متوقعًا أن تخرج بقرارات تاريخية ومميزة، لتلقي النسخة الحالية بحمل ثقيل على النسخة القادمة التي سيكون لها دور في الانتقال واستكمال التنفيذ والبناء على ما تم إنجازه.

التمويل المناسب

وإلى ذلك، أكد مستشار برنامج المناخ العالمي مجدي علام، في تصريحات لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن المفاوضات النهائية لـ COP28 هي عبارة عن أهم مخرجات القمة السابقة في شرم الشيخ بمصر، والتي لم تستكمل ونقل معظمها إلى النسخة الحالية لاستكمالها، وهو ما يعكس حجم المناقشات وصعوبتها، والتي تهدف إلى محاولة الوصول إلى نقطة اتفاق ما بين الدول الصناعية الكبرى المسببة للتغير المناخي والدول الصاعدة وعدة دول تصنف على أنها من دول العالم الثاني أو الثالث.

تلقي هذه الدول بآمال واسعة على قمة المناخ الحالية في الخروج بنتائج تخدم مصالحها وتشكل عوناً لها في مواجهة آثار تغير المناخ.

وأشار إلى أن من أهم الملفات التي يتم حسمها خلال مفاوضات هذه النسخة، هو الوصول لتمويل مناسب للدول التي تضررت من آثار التغيرات المناخية سواء بالجفاف أو التصحر أو ارتفاع درجات الحرارة وما يطلق عليه الظواهر الجامحة لتغير المناخ، لتكون أول قمة تتخذ إجراء فعلي حول هذا الشأن.

وذكر أن المفاوضات الختامية ستشهد اهتمامًا بالحديث حول مثلث الأمن الغذائي والمياه والطاقة، خاصة وأن الأمن الغذائي هو الأكثر تضررا عالميا من سيطرة القوى العظمى على الطاقة وحرق حجم هائل من الوقود، منوهًا إلى أن سيناريو تخطي ارتفاع درجة الحرارة 1.5 درجة حتى 2050 ينذر بحدوث كوارث بيئية كبيرة.

بحسب شركة Swiss Re، فإن “تغير المناخ يمثل أكبر تهديد طويل الأجل للاقتصاد العالمي، إذا لم يتم تحقيق الأهداف المناخية الصفرية في 2050، وأن العالم يخاطر بخسارة 23 تريليون دولار من الناتج الاقتصادي العالمي”.

وبشأن خروج القمة بقرارات ملزمة وجادة، من أجل الوصول إلى نتائج واقعية، عدد مستشار برنامج المناخ العالمي بعض تلك القرارات، ومن بينها الاتفاق على مختلف تفاصيل “الخسائر والأضرار” وضمان التمويل اللازم للمناطق المتضررة من التغيرات المناخية.

نتائج واقعية

ذكر عضو البرلمان العالمي للبيئة، الدكتور وفيق نصير، في تصريح خاص لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن الخروج بقرارات ملزمة وآليات جادة للوصول لنتائج واقعية في COP28، يتوقف على عدة عوامل مهمة يجب مراعاتها، من بينها تعزيز التعاون الدولي وتعزيز الشراكة بين الدول والمنظمات الدولية والمجتمع المدني.

يتضمن ذلك القفز على الملفات الخلافية والتوصل إلى تفاهمات بشأنها من أجل مصلحة العالم، لا سيما وأنه لا توجد دولة في مأمن من أثر التغيرات المناخية.

ويضيف إلى تلك العوامل أيضاً أهمية الالتزام باتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي واتفاقية باريس، وتعزيز الجهود الدولية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، علاوة على الدفع بتعزيز الابتكار والتكنولوجيا وتشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة والتخفيف من الاعتماد على الوقود الأحفوري.

ويشدد كذلك على أهمية دعم سبل رفع الوعي العام وتشجيع المواطنين والشركات على تبني أساليب حياة وأعمال مستدامة.

وتشكل تلك المحاور الشغل الشاغل للبلدان النامية إلى جانب ملف التمويل، من أجل دعمها على مساري التخفيف والتكيف مع الآثار الحادة لتغير المناخ.

 





المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى