هل يؤثر إفلاس “سيلكون فالي” و”سيغنتشر” على أسواق المنطقة؟
ورغم التراجعات التي تشهدها كثير من الأسواق في أوروبا والمنطقة، قلل خبراء اقتصاد من وجود تداعيات سلبية كبيرة لإفلاس البنكين على أسواق المنطقة والنظام المصرفي فيها نتيجة انكشاف بنوكها الضئيل جداً عليها.
وأعلنت إدارة الخدمات المالية بولاية نيويورك، الأحد، أنها أغلقت “بنك سيغنتشر” وألحقت صفة المستلم بالمؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع التي بلغت حوالي 88.59 مليار دولار.
وكان الأسبوع الماضي شهد إغلاق بنك “سيلكون فالي”، الذي يعتبر أكبر حالة إفلاس في القطاع المصرفي الأميركي منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، وأفادت المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع بأن نحو 89 بالمئة من ودائع بنك سيليكون فالي البالغة 175 مليار دولار كانت غير مؤمن عليها حتى نهاية 2022، حيث جاء في بيان مشترك لجانيت يلين وزيرة الخزانة الأميركية وجيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي ومارتن جروينبرج رئيس المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع أنه سيتم تعويض جميع المودعين بما في ذلك من تخطت ودائعهم الحد الأقصى للتأمين الحكومي.
بدورها، استبعدت بنوك مركزية في المنطقة أي تأثير لإفلاس البنكين الأميركيين على أسواق المنطقة حيث لا توجد أرقام معلنة حول أية ارتباطات بين بنوكها وهذين البنكين، إذ أعلن البنك المركزي الكويتي أن انكشاف البنوك الكويتية على بنك سيليكون فالي “إس.في.بي” ضئيل جدًا، في حين قال البنك المركزي المصري، إنه لا يوجد أية تداعيات سلبية على القطاع المصرفي المصري تأثراً بالأوضاع المالية التي يتعرض لها بنك “سيليكون فالي” وأن البنوك المصرية لا تمتلك أية ودائع أو توظيفات أو معاملات مالية لدى البنك.
تأثير محدود على أسواق المنطقة
يقول الخبير الاقتصادي والمالي علي حمودي: “لا أعتقد أن إفلاس بنكي (سيلكون فالي) و(سيغنتشر) سيكون له تأثير كبير على النظام المصرفي في المنطقة أو حتى على أسواق الأسهم، لكن ليس من الواضح بعد من لديه إيداعات فيهما من المنطقة”.
لكن حمودي أوضح في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن: “فشل بنك سيلكون فالي سيؤدي إلى القضاء على جيل كامل من الشركات الناشئة، وإلى إجبار المئات من هذه الشركات على تسريح العمال أو الإغلاق التام، غير أنه لم يُعرف حتى الآن كم من الأموال سيتم إرجاعها للمودعين إن وجدت”.
“الانهيار الذي حدث يثير القلق وقد يحمل اسقاطات كبيرة على الشركات والبنوك المنكشفة على بنك “إس في بي” أحد أكثر المصارف أهمية في الولايات المتحدة الأميركية، ويجب أن تفصح الشركات والبنوك في المنطقة عن مدى انكشافها على البنك لنعلم كم هو حجم الخسائر وما الذي سيترتب عليها”، طبقاً لما قاله حمودي، الذي أكد أن الأثر الأكبر هو فقدان ثقة المستثمرين في مثل هكذا بنوك وكذلك شركات التكنولوجيا المالية.
ويضيف الخبير المالي والاقتصادي حمودي: “على الرغم من ذلك فإن الأخبار التي تشير إلى أن السلطات الأميركية سوف تقدم تمويلاً احتياطياً ستطمئن الأسواق المالية، وأعتقد أن الأسواق الأميركية ستكون إيجابية اليوم وخصوصاً مع التوقعات بعدم لجوء الاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة هذا الشهر باعتبارها أحد الأسباب التي أدت على إفلاس بنك سيلكون فالي لدعم اتخاذه الاحتياطات اللازمة فيما يخص السندات القديمة لديهم”.
أزمة ثقة
من جهته، قال المؤسس والمدير التنفيذي لشركة “ماس” للاستشارات، مازن سلهب إنه “قد يكون من المبكر الحكم على تبعات أزمة إفلاس البنكين الأميركيين على أسواق المنطقة لكنه من المؤكد أن تأثيره النفسي سيستمر لعدة أسابيع على أقل تقدير”.
“إنها أزمة ثقة وسوء إدارة وغياب المحاسبة والحوكمة وليست أزمة مالية حقيقية كما يعتقد البعض، صحيح أن رفع الفائدة في أميركا إلى 5 بالمئة تقريباً وهي أعلى مستويات للفائدة منذ سنوات الأزمة المالية العالمية، وبالتالي قد ترتفع الأعباء المالية للكثير من البنوك والمؤسسات تجاه عملائها، لكن هذا لا يبرر فشل هذه المؤسسات في الحفاظ على أموال المودعين أو استعمال أموال المستثمرين لرفع سعر السهم وتحقيق ثروات للمدراء الكبار بينما الواقع الاقتصادي والمالي للبنك مختلف تماماً” بحسب ما قاله سلهب.
ويوضح سلهب في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن “بنوك المنطقة لن تتأثر بما يجري حالياً في الولايات المتحدة لاختلاف القواعد المالية والتشريعية تماماً كما أن البنك الذي تخصص في أصول عالية المخاطر وصناديق استثمار أولية في العملات المشفرة بعيد إلى حد ما عن بنوك المنطقة في نشاطه”.
وقال إن “هذه البنوك المحلية ما تزال تبتعد عن الأصول المشفرة حالياً، وإن حدث التأثير فانه غالباً سيكون من خلال العامل النفسي لأن تراجع أسواق أميركا سيقود العالم عموماً إلى التأثر وهذا التراجع في الأسواق يختلف كلياً عن انهيار بنك محدد”.
وأشار إلى أن “البنوك المحلية التي تتمتع بمعدلات سيولة عالية وقواعد امتثال قوية ستكون مستفيدةً لأن البحث عن الثقة والأمان كان ومازال العنوان الأهم، بل على العكس فقد نشهد المزيد من الارتفاع في أصول هذه البنوك المحلية والتدفقات النقدية لمستثمرين من الخارج تستفد من الأمان والاستقرار المالي والسياسي وكذلك معدلات الضريبة التي ماتزال أقل من أميركا وأوروبا عموماً”.
لكن التحدي الأكبر، بحسب المؤسس والمدير التنفيذي لشركة “ماس” للاستشارات، سيكون متمثلاً بإعادة النظر في الكثير من البنوك والمؤسسات المالية والاستثمارية التي قررت دخول الأصول المشفرة والرقمية، إذ سيكون هذا القطاع تحت المجهر مجدداً تشريعياً ومالياً، “وقد نرى المزيد من التراجع في الأصول المشفرة وكذلك لا نستبعد المزيد من الانهيارات في المؤسسات الصغيرة نسبياً حيث سيصبح السوق أكثر احتكاراً من كبار اللاعبين”.