أخبار العالم

هل يتخلى بنك اليابان عن سياسته شديدة التيسير في 2024؟



ومع ظهور علامات الضعف على الاستهلاك واستمرار عدم اليقين بشأن توقعات الأجور في العام المقبل، فمن المتوقع على نطاق واسع أن يحافظ بنك اليابان على إعدادات سياسته الفضفاضة للغاية الأسبوع المقبل.

تركز الأسواق بدلاً من ذلك على أي تلميحات قد يعرضها المحافظ كازو أويدا في إحاطته الإعلامية بعد الاجتماع حول توقيت الخروج من الفائدة السلبية الأسعار.

وقال رئيس قسم الاقتصاد الياباني في أكسفورد إيكونوميكس، شيجيتو ناجاي، في التصريحات التي نقلتها عنه رويترز: “من المرجح أن تكون محادثات الأجور في العام المقبل قوية إلى حد ما، لكن بنك اليابان ربما يحتاج إلى مزيد من الوقت لتحديد ما إذا كان التضخم سيصبح مدفوعًا بشكل أكبر بالطلب المحلي”.

وقال ناجاي، المسؤول السابق في بنك اليابان: “التوقيت الأكثر ترجيحًا للخروج هو أبريل، وبعد ذلك من المحتمل أن يوجه بنك اليابان أسعار الفائدة قصيرة الأجل في نطاق من صفر إلى 0.1 بالمئة”.

وفي اجتماع يستمر يومين وينتهي يوم الثلاثاء، من المتوقع أن لا يقوم بنك اليابان بإجراء أي تغييرات كبيرة على سياسته التي توجه أسعار الفائدة قصيرة الأجل عند -0.1 بالمئة وعائد السندات لأجل 10 سنوات حول 0 بالمئة.

وفي حين أكد المسح ربع السنوي الذي يجريه بنك اليابان على قوة قطاع الشركات في اليابان، يشير بعض صناع السياسات إلى إشارات ضعيفة في الاستهلاك والشكوك الاقتصادية العالمية كعوامل تستدعي الحفاظ على الوضع الراهن.

ونقلت “رويترز” عن مصدر مطلع -وهو رأي ردده مصدران آخران- قوله: “نرى بعض الإشارات الإيجابية بشأن توقعات الأجور. لكننا لم نر بعد دليلاً على أن الأجور سترتفع بالفعل على نطاق واسع”.

وقال أويدا مراراً وتكراراً إن بنك اليابان يجب أن يحافظ على سياسة فائقة التيسير حتى يتحول التضخم الأخير المدفوع بالتكلفة إلى ارتفاعات في الأسعار مدفوعة بشكل أكبر بالاستهلاك القوي وارتفاع الأجور.

لكن بيئة السياسة النقدية العالمية المتغيرة بشكل حاد قد تؤدي إلى تعقيد قرار بنك اليابان مع إشارة البنوك المركزية الأمريكية والأوروبية إلى أنها انتهت من رفع أسعار الفائدة.

تأثير الفيدرالي الأميركي

وأشار بنك الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء إلى احتمال إجراء عدة تخفيضات في أسعار الفائدة العام المقبل، والتي يمكن أن تؤدي، إلى جانب رفع أسعار الفائدة في اليابان، إلى عكس الاتجاه الهبوطي للين بشكل حاد.

وبينما يقلل مسؤولو بنك اليابان من التأثير الذي يمكن أن تحدثه خطوة بنك الاحتياطي الفيدرالي على قراراتهم السياسية، يقول بعض المحللين إن أي ارتفاع في قيمة الين قد يضر بأرباح الشركات المصنعة الكبرى ويثنيهم عن رفع الأجور.

وفي هذا الصدد، يقول كبير استراتيجي الأسواق في BDSwiss MENA، مازن سلهب، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن من الواضح تصاعد الضغوط على بنك اليابان، الذي ظل البنك المركزي الوحيد بين الاقتصادات المتقدمة الكبرى الذي يملك أسعار فائدة سلبية (-0.10 بالمئة).

ويرجع سلهب، السبب في اتجاه السياسة النقدية لدى بنك اليابان، إلى كون اليابان بلداً فريداً في ديمغرافيته “يشيخ بسرعة”، ونسبة من هم فوق مستوى 60 عاماً أعلى بكثير من الاقتصادات الأخرى في الصين والهند مثلاً، وعليه فإن مستوى الاستهلاك وآلياته تختلف عن أميركا، ومن مهمة ومصلحة بنك اليابان الإبقاء على الين ضعيفًا؛ لتحفيز الصادرات التي تشكل عصب الاقتصاد الياباني.

ويوضح أن الين الضعيف يجعل من اليابان بلداً أقل تكلفة للسياحة والاستثمار؛ مقارنةً مع الدولار الأميركي الأقوى مثلاً، مضيفا: “ولا ننسى المنافسة القاسية مع الصين، واليوان الذي تحاول الصين دعمه بشكل مستمر”.

ويشير إلى أنه إذا أخذنا بعين الاعتبار أن التضخم الياباني مستمر في تراجعه نسبياً حيث وصل 3.3 بالمئة قبل شهرين (هدف البنك المركزي هو 2 بالمئة) والتراجع في أسعار النفط أخيراً وهي تشكل جزءاً مهماً في مؤشر أسعار المستهلكين الياباني؛ يمكن القول بأن البنك المركزي قد يتدخل لرفع الفائدة إلى 0 بالمئة على أقل تقدير.

يرى أن هذا الرفع حتى لو بقي عند مستوى صفر إلا أنه يعتبر تغييراً جذرياً هو الأول منذ 2016 عندما انخفضت الفائدة من 0 بالمئة ولم ترتفع من بعدها.

وحول ماذا يعني ذلك للأصول المالية والاستثمارية، يبين أن الين سيكون حينها قاب قوسين أو أدنى من الارتفاع، حيث من الممكن أن يصل الى 137 ين مقابل الدولار الأمريكي في 2024، كذلك فإن العوائد على سندات الحكومة اليابانية قد تستقر قريبةً من 0.40% وهي حالياً عند 0.673% لسندات الحكومة اليابانية 10 سنوات.

كما ينبّه سلهب، بأن مؤشر نيكي 225 الذي حقق مكاسب بنسبة 26 بالمئة في 2023 قد لا يكون بنفس الزخم، مع قناعتنا بوجود أصول يابانية بمستويات جودة وتصنيف عالٍ جداً.

ويعتقد بأن البنك المركزي الياباني لن ينتظر إلى نهاية العام في إحداث تغيير للسياسة النقدية، لكن في ذات الوقت لن يكون رفع الفائدة قوياً؛ لأنه سيكون على النقيض تماماً من بقية البنوك المركزية، كما أنه لن يغامر بإرسال الاقتصاد الى ركود.

ويخلص كبير استراتيجي الأسواق في BDSwiss MENA، إلى أن مهمة بنك اليابان تبدو أكثر تعقيداً من المركزي الأوروبي والفيدرالي الأمريكي؛ لأنه فقد عنصر الاستفادة من الفائدة السلبية الضعيفة، مع الانتباه إلى أن سياسة بنك اليابان ستبقى تسهيلية وليس تشددية كما يتوقّع البعض.

ولا يوجد إجماع داخل بنك اليابان حول توقيت الخروج مع انقسام مجلس الإدارة المكون من تسعة أعضاء حول المدة التي يجب أن ينتظروها في تحديد ما إذا كانت اليابان ستشهد تحقيق التضخم بشكل دائم لهدف البنك البالغ 2 بالمئة، مصحوبًا بمكاسب قوية في الأجور.

ويتوقع أكثر من 80 بالمئة من الاقتصاديين الذين استطلعت رويترز آراءهم في نوفمبر أن ينهي بنك اليابان سياسة سعر الفائدة السلبية العام المقبل، ويتوقع نصفهم أن يكون أبريل هو التوقيت الأكثر ترجيحًا. ويرى البعض فرصة لحدوث تحول في السياسة في يناير.

قيمة الين

من جانبه، يشير محلل أول لأسواق المال في مجموعة إكويتي، أحمد عزام، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن ارتفاع الين الياباني في الفترة الأخيرة أعطى الحكومة اليابانية الارتياح بعدم التدخل في سعر الصرف في العملة المحلية.

ويضيف: “تعديل التحكم في منحنى عوائد السندات كان دافعا جيدا للطلب على العملة المحلية، إضافة إلى تسعير الأسواق الأخرى لبدء إمكانية تخفيض الفوائد في الاقتصادات الكبرى، والذي دفع الين الياباني بشكل إيجابي مقابل العملات الأخرى”.

ويفيد بأن أرقام التضخم المرتفعة والتي هي أعلى من مستهدف البنك لأكثر من عام، قد تدفع بنك اليابان للخروج من سياسة الفائدة السلبية المعتمدة لسنوات طويلة في العام 2024. وهي أداة يمكن استخدامها لمحاولة كبح جماح التضخم في اليابان.

ويستدرك: “لكن يبقى التوقيت الخاص برفع أسعار الفائدة غير مؤكد إلى حد كبير؛ نظرًا لأن الاقتصاد الياباني يعتبر هشًا حاليًا بالنسبة للأرقام الراهنة. حيث إن القلق ارتفع بسبب العلامات الأخيرة على ضعف الاستهلاك، وبالإضافة طبعا إلى أن الأجور لم ترتفع بعد بما يكفي لتعويض ارتفاع تكاليف المعيشة؛ جراء أرقام التضخم المرتفعة في الفترة الأخيرة”، مبينًا هذا بأن الأجور الحقيقية المعدلة تراجعت حسب التضخم بنسبة 2.3 بالمئة على أساس سنوي، وهو الشهر الـ19 على التوالي من الانخفاضات.

وبالنظر إلى المعطيات الاقتصادية في ظل الأرقام الموجودة، يرى أن المخيف فقط بالنسبة للأرقام الاقتصادية هو أرقام النمو التي تعتبر نوعًا ما مخيفة للدخول في تجديد السياسة النقدية. لكن الأداة التي يمكن استخدامها والتخارج منها بعد استخدام التحكم بمنحنى عوائد السندات فهي بكل تأكيد استخدام رفع أسعار الفوائد.

ويردف: بنك اليابان قد يشرع في تمهيد الطريق لبدء تجديد السياسة النقدية. وغالبا ستعطي السوق في الاجتماعات المقبلة إشارة على أن الوقت بدأ يقترب، سيما مع أرقام التضخم المرتفعة. ثم يبدأ بعملية رفع الفائدة في نهاية النصف الأول من عام 2024 أو مع بداية النصف الثاني. وخاصة لو سجلت الأجور بعض التعافي.

ويرى أنه في حال اعتماد اليابان السياسة التشددية في 2024 مع اتجاه الاقتصادات الكبرى الأخرى لتخفيض أسعار الفائدة؛ فقد يعطي هذا الين الياباني القوة الإيجابية كأداء مقابل العملات، ويمكن أن نشهد الين الياباني كأداء إيجابي، يجعله الحصان الأسود في عام 2024 مقابل العملات الأخرى.

ويوضح ذلك بأن البنوك أو الاقتصادات الكبرى كانت تتبنى تجديد السياسة النقدية في الفترة الماضية من سنة 2021 و2022 بينما بنك اليابان كان يتبع السياسة التسهيلية (أسعار فوائد منخفضة)، وشراء السندات بشكل كبير وبخاصة أن بنك اليابان هو الأكثر تملكا لسنداته الحكومية مقارنة بالبنوك الأخرى، ومن ثم ستتجه الاقتصادات الكبرى لتخفيض أسعار الفوائد. بينما بالمقابل من الممكن أن يتجه بنك اليابان إلى دور التجديد للسياسة النقدية واتجاهه لعمليات رفع أسعار الفائدة.

ويضيف بأن ذلك يمكن أن يشكل انحرافا في السياسات النقدية بين الاقتصادات الكبرى؛ الامر الذي يعطي الأفضلية للين الياباني؛ جراء ارتفاع أسعار الفوائد كأفضلية في الأداء مقابل العملات الأخرى، التي سوف تتبع سياسة تشكيلية وتتبع عمليات تخفيض أسعار الفوائد.  وبالتالي هذا السبب على ما اعتقد انحراف السياسات النقدية ممكن يكون إيجابي للين الياباني بتسجيل أداء إيجابي مقابل العملات الأخرى.





المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى