الكلاب الشرسة: هجوم كلبٍ على مواطن مصري يثير غضباً، ومطالبُ بتغيير القوانين
- عطية نبيل
- بي بي سي- القاهرة
بعد أن قام بجولة داخل أحد مراكز التسوق لشراء احتياجات الأسرة استعدادًا لشهر رمضان، عاد محمد الماوي الذي يعمل مصرفيا في أحد البنوك إلى منزله حاملًا الأكياس التي تحوي أغراض المنزل.
محمد كان يُمني نفسه باستقبال الأبطال من زوجته إيمان بعد أن استطاع شراء أغلب الاحتياجات التي طلبتها منه، رغم ارتفاع الأسعار والأزمة الاقتصادية التي تمر بها أغلب الأسر المصرية حاليا، لكن القدر كان يخبئ له واقعة مؤلمة وحزينة.
تقول إيمان عبد المحسن زوجة الماوي في حديثها إلى بي بي سي إن زوجها كان عائدًا من الخارج بطلبات المنزل برفقة ابنهما، ولاحظ أن كلب الجيران من نوعية بتبول موجود في حديقة المنزل، وينظر إليه بطريقة رأها متحفزة، فقام بطرق الباب ليطلب من أصحابه ربطه أو إبعاده لحين الانتهاء من توصيل الطلبات إلى شقته في الدور العلوي.
غير أنه فوجئ بهجوم الكلب عليه. أوقع الكلب محمد أرضًا وعقره من ذراعه ما تسبب في إصابته بجراح بليغة. أثبتت التقارير الطبية أنه أصيب بقطعٍ في أوتار وأعصاب الذارع، وتهتك في العضلات يستلزم إجراء سلسلة من العمليات الجراحية، غير أن عضلة قلبه توقفت بطريقة مفاجأة أثناء خضوعه للعملية الجراحية.
ومن وقت الواقعة قبل أيام، يرقد محمد في العناية المُركزَة، مُصابًا بغيبوبةٍ تامةٍ.
تقول إيمان زوجة “محمد الماوي” ضحية الهجوم إنها ليست المرة الأولى التي يتعرضون فيها لاعتداء من هذا الكلب، فقد سبق وأن هاجم البيتبول الكلب الذي كانوا يمتلكونه وأصابه بإصابة كبيرة أجبرتهم على تسريحه من المنزل، وأن الكلب المُتسبب في الواقعة، ربما يكون قد ربط بين الضحية والكلب الذي اشتبك معه في وقت سابق
حالة حرجة!
أثيرت القضية أولا على وسائل التواصل الاجتماعي حين روي أصدقاء العائلة قصة هجوم الكلب على محمد.
وتباينت ردود الفعل ما بين منتقد لأصحاب الكلب الذين تركوه من غير مراقبة، وآخرين قالوا إن الكلب ربما تعرض لاستفزاز من جانب الضحية وأنه كان يقوم بحماية نفسه أو أصحابه لشعوره بالخطر والهجوم، مطالبين بضرورة وضع ضوابط صارمة لاقتناء الحيوانات الأليفة أو الشرسة.
وأعادت الواقعة إلى الأذهان هجمات سابقة تعرض لها أطفال وأشخاص آخرين أدى بعضها للوفاة أو الإصابة بعاهات مستديمة.
أخذت القضية منعطفا آخر بعد أن قرر النائب العام المصري حبس مالك الكلب لمدة 4 أيام على ذمة التحقيقات الجارية معه لتسببه في إصابة جاره بجراح خطيرة نتيجة لهجوم الكلب الشرس.
وبحسب بيان للنيابة، أفادت التحقيقات الأولية أن الكلب المملوك لعائلة مذيعة تلفزيونية معروفة عقْر المجني عليه وإحدى الجيران بذات العقار من قبل، دون تحريرهما محضرا بذلك، مضيفا أنه دائم التعدي على الجيران بالشارع لاستطاعته القفز من أعلى سور حديقة المنزل.
وعرضت النيابة الكلب على مديرية الطب البيطري التي أكدتْ خلوه من أي أعراض غير طبيعية، وتلقيه كافة التطعيمات اللازمة، وحصول مالكه على ترخيص بحيازته.
وعقب ذلك تم إيداع الكلب المتسبب في الهجوم داخل أحد مراكز الإيواء المعتمدة من الحكومة.
تدريبات الشراسة
تقول منى خليل رئيس اتحاد جمعيات الرفق بالحيوان في مصر والتي استلمت الكلب من الشرطة أنها لم تلاحظ على الكلب منذ أن تسلمته أي سلوك عدائي وأنه يتصرف بطريقة طبيعية ولا يقوم بالهجوم على الأشخاص الذين يقومون برعايته، بحسبها.
تقول منى إن سلوك أي حيوان بصفة عامة يرجع إلى الطريقة التي يعامل بها من جانب من يقوم بتربيته، وهل يتعرض الكلب للتجويع أو الضرب أو يحصل على تعليمات من صاحبه بمهاجمة الآخرين؟ وهل تعرض الكلب لتجارب سابقة أثرت على نفسيته أو سلوكه؟
وتوضح رئيس اتحاد جمعيات الرفق بالحيوان أن الكلاب هي وسيلة للتنبيه عن الخطر وليست وسيلة للقتال أو الهجوم على الآخرين، ويجب أن يتعلم الحيوان الطاعة والاستجابة لأوامر مالكيه.
وفي حالة الخروج بالحيوان من المنزل للأماكن العامة والمتنزهات يجب اتخاذ إجراءات الحماية المتعارف عليها بهذا الخصوص كأن يكون الكلب تحت السيطرة من خلال الطوق والمقود وأن توضع الكمامة على وجهه وقبل كل ذلك أن يحظى بالتطعيمات المطلوبة وفي مقدمة التطعيم ضد مرض السُعار.
تغيير القانون
“للأسف لا يوجد في مصر أي قانون يحظر اقتناء أي نوع من أنواع الكلاب مهما بدت شراستها أو قدرتها على الإيذاء”، هكذا قال دكتور كرم مصطفى مدير إدارة الرعاية والعلاج بمديرية الطب البيطري خلال حديثه لبي بي سي.
وأشار دكتور كرم إلى وجود نحو 10 أنواع من الكلاب معروف عنها الشراسة والهجوم، لكن المشكلة الحقيقية بحسب كلامه هي قيام بعض مالكي هذه الكلاب بتدريبها بطريقة معينة على الهجوم والشراسة في أماكن غير متخصصة بحيث يفقد صاحب الكلب نفسه السيطرة عليه.
يضيف كرم أن استخدام الكلاب كأدوات قتل أو هجوم ليس من صلاحية المواطنين العاديين، ولكن يجب اللجوء إلى أكاديميات الشرطة والأجهزة الأمنية وفق ضوابط وتراخيص معينة للحصول على كلب الحراسة أو الحماية وهو أمر لا يخضع لأي ضوابط حاليا في مصر، بحسب قوله.
ووفقا لمدير الطب البيطري، ينص القانون المعمول به حاليا على ضرورة حصول مالكي هذه الكلاب على رخصة تجدد سنويا بعد حصول الكلب على تطعيمات ضد السُعار.
ويضيف المسؤول الحكومي أن القانون الحالي يؤكد مسؤولية صاحب الكلب عن شراسته، وذلك لأنه قام بتدريبه على هذا السلوك العنيف ومن ثم يتوجب مساءلته، والعقوبة الحالية تصل إلى الغرامة المالية وربما الحبس. ويتوقف الأمر على نوع الضرر الذي وقع على الضحية، باعتبار أن هذا الكلب سلاح أو أداة للقتل أو الإصابة وتتدرج العقوبة حسب الإصابة أو تسببها في الوفاة والتي تصل إلى السجن المؤبد.
ويقول مدير الطب البيطري إن هناك مشروع قانون داخل مجلس النواب حاليا ينص على حظر استيراد الكلاب الشرسة للأفراد العاديين من الخارج، مع منع تداولها أو وجودها في المناطق العامة أو السكنية.
ويوضح أن من بين بنود مشروع القانون المقترح مواداً تنص على عقوبة بحق من لا يحصل على رخصة اقتناء الكلب إذ يتعرض للحبس من سنة الى 3 سنوات وغرامة تصل في حدها الأقصى إلى 300 ألف جنيه، ويُمنع من تربية الكلاب لمن دون 16 عاما لحين الحصول على ترخيص ومن ثم المساءلة.