تونس: هل بات الاتحاد العام التونسي للشغل في مواجهة مفتوحة مع قيس سعيّد؟
تظاهر آلاف التونسيين في العاصمة تونس، السبت 4 من مارس/آذار، استجابة لدعوة الاتحاد العام التونسي للشغل، وللتنديد بسياسات الرئيس قيس سعيّد، وسوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
وتجمع المتظاهرون في ساحة “محمد علي” في العاصمة تونس، قبالة المقر المركزي لاتحاد الشغل. ورفع المتظاهرون لافتات كُتب عليها “لا للحكم الفردي” و”لا خوف لا رعب، السلطة بيد الشعب” و”أوقفوا الهجمة على الاتحاد”، و”لا لخطاب التقسيم”. كما طالب المتظاهرون بوقف “الاعتداءات الأمنية” بحق المتظاهرين والمعارضين.
ويُعتبر الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية في البلاد، وينخرط في صفوفه ما لا يقل عن 80 في المائة من موظفي الدولة. وتأسس الاتحاد العام التونسي للشغل في 20 يناير/كانون الثاني 1946، أي قبل 10 سنوات من استقلال تونس عن الاستعمار الفرنسي.
وقال الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، في خطاب ألقاه أمام المتظاهرين: “كنا نتمنى أن نستمع إلى خطاب الطمأنينة… نحن دعاة نضال سلمي ومدني وحوار، سلاحنا الحجة ولسنا دعاة عنف”.
وفي تعليقه على اعتقالات بحق معارضين ونقابيين، قال الطبوبي “لن نقبل بهذه الممارسات والاعتقالات… لا لخطاب العنف والترهيب وتصفية الحسابات”.
وخاطب الطبوبي أعضاء الاتحاد قائلا: “هناك من يشيطن الاتحاد ويزايد عليه، نحن آخر قلعة بقيت في البلاد، هي القوى الصامدة من مكونات المجتمع المدني، فلنكن صامدين”.
وتعليقا على دعوة الاتحاد العام التونسي للتظاهر، قال الرئيس التونسي، قيس سعيّد، إن الاتحاد حر في الدعوة للتظاهر، لكنه “ليس حرا في أن يدعوا الأجانب إلى المشاركة فيها”.
وانتقد سعيّد المتظاهرين، قائلا “عن أي شيء يحتجون اليوم، على المحاسبة، على من تورطوا في الفساد”.
وأضاف سعيّد: “غايتنا تحقيق كرامة بشرية وعدالة اجتماعية، فلماذا نختلف؟”. كما وصف سعيّد المظاهرات بأنها “لا علاقة لها بمطالب الشعب التونسي”.
وحذر سعيّد التونسيين قائلا: “هناك أعداء كثيرون يتربصون بالشعب، واليوم آن أوان المحاسبة، ولا تراجع عن هذه المحاسبة إطلاقا لأنها مطلب مشروع للشعب التونسي”.
وجاءت التظاهرة الأخيرة بعد نحو أسبوعين من مظاهرة مشابهة نظمها الاتحاد في صفاقس، جنوب شرقي البلاد، للتنديد بما وصفه “استهداف النقابة” من قبل السلطة القائمة.
وقدم الاتحاد، مع منظمات أخرى، مبادرة لحل الأزمة السياسية والاقتصادية التي تمر بها تونس، لكن الرئيس التونسي رفضها.
وبالإضافة إلى المظاهرة التي سيرها الاتحاد العام التونسي للشغل، نجحت “جبهة الخلاص الوطني” المعارضة في تنظيم مظاهرة احتجاجية أخرى، الأحد 5 من مارس/آذار، تمكنت من كسر الحاجز الأمني والتظاهر داخل شارع الحبيب بورقيبة، في قلب العاصمة تونس.
“علاقة الاتحاد العام التونسي للشغل مع الرئيس منذ قرارات 25 يوليو/تموز”
وكان الاتحاد التونسي للشغل، من ضمن القوى التي أيدت قرارات قيس سعيّد في 25 يوليو/تموز، والتي أقال من خلالها سعيّد حكومة هشام المشيشي، وجمد عمل البرلمان.
ورأى الاتحاد في القرارات “استجابة لمطالب شعبية وحلا للأزمة الاقتصادية والسياسية” التي مرت بها البلاد خلال تلك الفترة. لكنه حذر من تركز السلطات في يد رئيس الجمهورية ومن انتهاك الحقوق والحريات.
ولعل قرارات الرئيس التونسي، قيس سعيّد، اللاحقة لم ترقَ إلى تطلعات الاتحاد، مما أدى أن انتقاد الاتحاد لسلوك الرئيس.
ففي ديسمبر/كانون الأول 2021، عبر الاتحاد عن رفضه البناء القاعدي الذي يتحدث عنه قيس سعيّد، وطالبه بوضع سقف زمني لحالة الاستثناء.
وكان الإضراب العام الذي نظمه الاتحاد العام التونسي للشغل، في 16 من يونيو/حزيران 2022، أوضح علامة على بدء صدام حقيقي بين الاتحاد والرئيس. وجاء الإضراب احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية ورفض الحكومة مطالب الاتحاد بزيادة رواتب العاملين، وللتنديد بخطط الحكومة للخروج من الأزمة المالية.
وتسبب الإضراب في شلل شبه تام في العديد من مؤسسات تونس الحيوية.
كما عارض الاتحاد الانتخابات التشريعية، التي أجريت في 17 ديسمبر/كانون الأول 2022، واعتبرها “بلا رائحة ولا لون”.
كذلك، تصاعدت نبرة الاتحاد تجاه الرئيس، في فبراير/شباط 2023، عقب توقيف السلطات الأمنية أحد قيادي الاتحاد والتحقيق معه إثر إضراب في قطاع الطرقات السريعة، اعتبره الرئيس إضرابا “ذا مآرب سياسية”.
ونظم الاتحاد عقب التوقيف سلسلة احتجاجات في عدة محافظات تونسية.
وشنت السلطات الأمنية التونسية، في الأسابيع الماضية، حملة توقيفات شملت شخصيات معارضة، منها قياديون في “جبهة الخلاص الوطني”.
“صراع مفتوح بين الرئيس والأحزاب”
وبجانب تصعيد الاتحاد العام التونسي للشغل، تشهد تونس، منذ 25 يوليو/تموز 2021، صراعا علنيا بين الرئيس والأحزاب السياسية.
وكان الرئيس التونسي قد أعلن، في هذا التاريخ، إعفاء رئيس الوزراء حينها، وتجميد البرلمان ورفع الحصانة عن النواب.
واستند سعيّد في قراراته إلى تأويله الخاص للفصل 80 من دستور 2014 الذي يخول رئيس الجمهورية اتخاذ “تدابير استثنائية” إذا ما كان هناك “خطر داهم” يهدد البلاد.
وترى غالبية الأحزاب السياسية التونسية في قرارات 25 يوليو/تموز “انقلابا” من جانب الرئيس على مؤسسات الدولة وسعيا منه للتفرد بالحكم. لكن قيس سعيّد يؤكد أن الغرض من القرارات محاربة الفساد.
وتمكن قيس سعيّد، في عام 2022 من تعديل الدستور التونسي، ومنح نفسه الكثير من الصلاحيات.
وكان الرئيس التونسي قد اُنتخب عام 2019 بنسبة تأييد تجاوزت 70 في المائة.
ويقول سعيّد إنه يريد تصحيح مسار الثورة ومكافحة الفساد والفوضى داخل مؤسسات الدولة.
في المقابل، يرى معارضو سعيّد أنه يسعى إلى إضعاف السلطتين التشريعية والقضائية، والاستحواذ التام على السلطة، وتعزيز حكم الفرد الواحد.
ونجحت الثورة التونسية في إزاحة نظام بن علي، لكن حكومات تونسية متعاقبة لم تستطع تحقيق آمال التونسيين في ازدهار اقتصادي وبيئة سياسة مستقرة.
ويعيش التونسيون أوضاعا اقتصادية صعبة، مع زيادة كبيرة في الأسعار وارتفاع في معدلات البطالة.
- هل بات الاتحاد العام التونسي للشغل في مواجهة مفتوحة مع قيس سعيّد؟
- هل تشهد المرحلة القادمة مزيدا من التصعيد بين الاتحاد والرئيس؟
- ما الذي ستفضي إليه المواجهة بين الاتحاد العام التونسي للشغل وقيس سعيّد؟
- لماذا يزداد عدد معارضي قيس سعيّد؟
- هل ينجح الشارع في إجبار قيس سعيّد على تقديم تنازلات؟
- وهل تسير تونس مع قيس سعيّد نحو الأفضل أو الأسوأ؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الاثنين 6 مارس/آذار.
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989
إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها:https://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC
أو عبر تويتر على الوسمnuqtat_hewar@
كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب.