ثلاثية تهدد وحدة النيجر وتُنذر بالانقسام
وتتمثل المخاطر في: الإرهاب، والانقسام الداخلي، والقوميات الإثنية المتصارعة، مما يشكل خطرا على مستقبل النيجر.
حذرت تقارير دولية أخيرا من أن التطورات في النيجر تقوي شوكة تنظيمات الإرهاب في ظل تمدده بإقليم الساحل الإفريقي، وأبرزها “بوكو حرام” وتنظيم “داعش”.
وفق خبير فرنسي وآخر من نيجري، تحدثا لموقع “سكاي نيوز عربية”، فإن الصراعات العرقية ووقف المساعدات العسكرية للنيجر، مع تمسك الرئيس المعزول محمد بازوم بالسلطة وإصرار العسكريين على موقفهم، ذلك كله يزيد من خطر انقسام الشارع وتمدد التنظيمات الإرهابية.
الإرهاب أخطر التهديدات
وفق بيانات سابقة لمجلس الأمن الدولي، تعد منطقة الساحل الإفريقي ومنها النيجر أحد أخطر بؤر العالم على صعيد التطرف والإرهاب.
وقال إنه منذ بداية عام 2023 شهد الإقليم 1800 هجمة إرهابية أسفرت عن مصرع 4600 شخص، وقعت غالبيتها في بوركينا فاسو ومالي، وكان نصيب النيجر منها 66 عملية إرهابية.
ضمن الأسباب التي قد تفاقم ظاهرة الإرهاب في النيجر، وفق تقارير غربية ومراقبين:
- إنهاء مهمة حفظ السلام الأممية في مالي “مينوسما”.
- إعلان الاتحاد الأوروبي تعليق جميع المساعدات المالية والتعاون الأمني.
- مغادرة القوات الفرنسية والأميركية من شأنه ترك فراغ وسط الإضرابات للإرهابيين.
- التوترات الدبلوماسية مع فرنسا تعرقل جهود جيش النيجر ضد الإرهاب.
- تدفق اللاجئين من مالي ونيجيريا والمقدر عددهم بنحو 255 ألفا في 2022، وفق مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
- تجميد الشركاء الدوليين البرامج المموّلة التي تنفذها حكومة بازوم بمجال التعاون الأمني.
- سعي قادة الانقلاب لتوثيق العلاقات مع عناصر فاغنر الروسية.
- اتساع الأراضي الصحراوية في البلاد، إذ تبلغ مساحتها نحو 70 بالمئة.
- استيلاء الإرهابيين على احتياطات البلاد من اليورانيوم الذي تحتل فيه المرتبة الأولى عالميا.
وفق تقرير معهد الاقتصاد والسلام الدولي، خلال نسخته العاشرة من مؤشر الإرهاب العالمي، فإن الجماعات الإرهابية النشطة في إقليم الساحل الإفريقي، قسمان:
- محلية، ركّزت على مشكلات المواطنين وتعارض السياسات الحكومية الانتقائية، وانقسمت لفروع ما بين عرقية وقومية ودينية، وأبرزها “أنصار الدين” و”المرابطون” و”كتيبة ماسينا”.
- الإرهابية العابرة للحدود، والتي تملك صلات وثيقة بالقاعدة أو داعش، وتمكنت من التمركز في الأقاليم الحدودية المهمّشة، مستغلة القبضة الأمنية والغضب الشعبي نتيجة التهميش الحكومي.
الصراعات الإثنية
الصراعات الإثنية بالنيجر تزيد من مخاطر تفكك البلاد، إذ تعيش فيها 5 أعراق تتحدث 5 لغات مختلفة، وسط سيطرة الفقر وتقلص خدمات الصحة والتعليم إلى حدود 15 بالمئة.
حسب تقارير صحفية، فإن إطاحة محمد بازوم، أول رئيس ذي أصول عربية، وحكمه للبلاد ذات الأغلبية الزنجية، جاء بفعل دور خارجي مع العسكريين أو صراعات ذات طبيعة عرقية محلية لإنهاء مشروع الرئيس المعزول.
وفق مصادر تاريخية، يمثل الإسلام الهوية الدينية لأكثر من 90 بالمئة من النيجريين الذين يتوزعون إلى قوميات متعددة، لا تتبادل المودة والعلاقات الإيجابية في بعض الأحيان، وأبرزها “الهوسا” التي ينتمي إليها أكثر من نصف السكان، ثم قوميات “السونغاي” و”العرب” و”الطوارق” و”الفولان” و”الكانوري”.
كما تمثل اللغة الفرنسية اللسان الرسمي للسياسة والتعليم في البلاد -التي تنتشر فيها الأمية بشكل كبير- وتتعدد لغات سكانها بتعدد القوميات والأعراق.
كما أن وجود عشرات الآلاف من اللاجئين الفارين من مالي وتشاد، وعيش السكان مع الجفاف الذي يضرب النيجر منذ 3 قرون، يفاقمان الأزمات المجتمعية ويزيدان الانشقاقات العرقية.
الإرهاب يستفيد من الانقلاب
يقول المحلل السياسي من النيجر، جيمبا كاكاندا، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الجماعات النشطة بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو مثل “داعش” و”حركة نصرة الإسلام والمسلمين” ستستفيد من الانقلاب.
- تقليص الشركاء الدوليين مشاركتهم ومساعداتهم التنموية سيفاقم الإضرابات الأمنية والاجتماعية ويدفع الحكومة لقمع الشعب ويهدّد وحدة المجتمع الذي تهمين عليه الصراعات العرقية والإثنيات.
- البلد محاط بعوامل تهدد وحدته، مثل الفوضى في ليبيا وبوكو حرام وداعش في غرب إفريقيا، وتنظيمات إرهابية بشمال بنين ومالي وبوركينا فاسو.
- المدنيون سيدفعون ثمن زعزعة الاستقرار والإرهاب سيغذّي التوترات في الشارع.
الانقسام الداخلي والصراع الدولي
عقب الانقلاب على بازوم، باتت النيجر مهدّدة بخطر الانقسامات الداخلية أو خطر التفكك، بعد الاحتجاجات المؤيدة للانقلاب، وفق تقارير صحفية.
هاجم أنصار الانقلاب، الجمعة الماضية، مقر حزب الرئيس المعزول وأضرموا فيه النيران ورجموا السيارات في الخارج بالحجارة وأحرقوها، حاملين الأعلام الروسية.
في المقابل، تحدى مئات من أنصار الرئيس، الأربعاء الماضي، الجنود عبر الاحتجاج ودعوا الجيش للعودة إلى الثكنات.
بالإضافة لذلك وخلال العامين الماضيين، كانت البلاد ميدانا لإرادات دولية متصارعة، بين محوري الغرب كفرنسا بشكل خاص والولايات المتحدة، ومحاور أخرى مثل روسيا ومجموعة فاغنر، فضلا عن قوات ألمانية، مما يزيد حالة الاستقطاب الدولي حول هذا البلد.
يقول الخبير العسكري والاستراتيجي الفرنسي، دومينيك كارايول، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “الدينامية التي تمتع بها نظام حكم بازوم في النيجر وانفتاحه على الشركاء الدوليين أعطيا البلاد صلابة في مواجهة الإرهاب”.
- النيجر بعد الانقلاب مهدد بخطر التهديدات الإرهابية المتمددة في إقليم الساحل الإفريقي كجماعة “بوكو حرام” في نيجيريا وتشاد المجاورتين وتنظيم “داعش” في المثلث الحدودي مع مالي وبوركينا فاسو.
- تمسُّك بازوم بالسلطة والتأكيدات بأنه لا يزال يمثل السلطة الشرعية في البلاد، ودعوات الرأي العام النيجري للحشد والتعبئة وسط عدم الوصول لتفاهم مع العسكريين، كل ذلك يضع البلاد على حافة الانقسام الشعبي.
- الخلافات الحالية بين العسكريين والسياسيين وحول علاقة بازوم بفرنسا، تزيد المخاوف من وصول الطرفين إلى مرحلة اللاعودة.
- عدم استقرار النخبة العسكرية الجديدة في السلطة قد يدفعها إلى التحالف مع مجموعة فاغنر الروسية مقابل استبعاد فرنسا، ما يُنبِئ بصعوبة مرور هذا الانقلاب بسهولة من جانب الغرب.
- انسحاب قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام من مالي المجاورة ينذر بتفاقم الأوضاع في النيجر.
- وقف المساعدات الأميركية والأوروبية يزيد من خطر استغلال الإرهاب للأوضاع العسكرية الهشّة.