أزمة شُح المياه.. التنوُّع الإحيائي العراقي النادر في انقراض
تمتد الأهوار على منطقة شاسعة في 3 محافظات هي، ذي قار، ميسان والبصرة، جنوب العراق، وجرى ضمها عام 2016 إلى لائحة التراث العالمي لليونسكو؛ لما تحويه من تنوع بيئي نادر وموغل في القدم، سواء ما يخص كائناتها الخاصة أو الطيور التي تهاجر لها سنويا.
في تصريح لمدير عام الدائرة الفنية في وزارة البيئة، نجلة محسن الوائلي، لوكالة الأنباء العراقية (واع) نشرته الجمعة، قالت إن “التنوع الإحيائي في كارثة بيئية حقيقية بسبب قلة مناسيب الأنهار والأهوار والأراضي الرطبة”.
نبهت إلى أن “ذلك تسبب بتردي نوعية المياه، وقلة الأكسجين المذاب، وزيادة التراكيز الملحية”، داعية وزارة الموارد المائية إلى “إيجاد الحلول السريعة لأزمة المياه”.
تكالب على العراق تغير المناخ الذي أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة، مع قلة سقوط الأمطار، مع النشاط البشري الجائر في استخدام المياه، مع تلويث المياه بمخلفات الصناعة والصرف الصحي، إضافة إلى الاضطرابات السياسية، في ظهور أزمة شح مياه غير مسبوقة في بلد النهرين الشهيرين، دجلة والفرات.
أحياء على القائمة الحمراء
الخبير البيئي، أيمن قدوري، عضو الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، يصف لموقع “سكاي نيوز عربية” شح المياه في العراق بـ”الكارثة المزدوجة”، لما يمثله الجفاف من تداعيات كارثية على التنوع الإحيائي، ويضيف موضحا:
- التنوع الإحيائي هو تنوع أشكال الحياة والنظم البيئية على سطح الأرض أو في جوف البحار، ويمتاز العراق بغزارة هذا التنوع لامتلاكه أنماطا بيئية كثيرة، ومراكز استيطان لأنواع مهاجرة.
- نتيجة شح المياه وتلوث المجاري بمياه الصناعة، تم وضع أحياء مائية في العراق على القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة IUCN الخاصة بالكائنات المهددة بالانقراض، منها أسماك الكارب والكطان والبني والشبوط، وهي تنشط في بيئة الأهوار.
- من الأنواع المهددة بالانقراض أيضا، حيوانات الرفش الفراتي، وكلب الماء العراقي الذي اختفى من بيئة الأهوار بعد تجفيفها إبان الحرب العراقية الإيرانية، وعاد عند رجوع المياه للأهوار.
- هذه الأنواع المهدّدة تميز البيئة العراقية، ولا يمكن تربيتها وتكاثرها إلا في بيئة مائية حرة، ومركز هذه البيئة في الأهوار.
ما بعد جفاف بحيرة ساوة
منطقة أخرى في العراق مهددة كائناتها بالانقراض، وهي بادية السماوة جنوب البلاد بعد جفاف بحيرة ساوة، لؤلؤة الصحراء وإحدى أندر بحيرات العالم، بتعبير قدوري، الذي ينبه إلى أن جفافها هوى بعدد غزلان الريم التي تعيش قربها من 900 رأس إلى 20 فقط.
وتحالف الاستخدام البشري الجائر للمياه الجوفية القريبة من بحيرة ساوة مع انقطاع الأمطار في حدوث هذا الجفاف، كما يوضح الخبير البيئي.
ويضيف أن الجفاف وتلوث المياه فتكا بالثروة الحيوانية عموما؛ لأنهما تسببا في انتشار الأمراض والأوبئة بين قطعان الجاموس، منها مرض العمى والحمى القلاعية، وبداخل المياه نفسها، انعكست قلتها وتلوثها وقلة نسبة الأكسجين فيها إلى انحسار الكائنات البحرية.
يضرب قدوري مثلا بما وصلت إليه أزمة شح المياه في البلاد، وهو تشديد الحكومة على استخدام نظام المراشنة (توزيع المياه كحصص بين المحافظات)، معتبرا أنه “إعلان صريح عن أنها باتت أزمة تهدد أمن المواطن العراقي، بعد أن كانت مجرد تهديدات، وعلى العراقيين أن يعوا حجم الكارثة التي يعيشونها الآن”.
يعد العراق خامس الدول الأكثر تضررا من التغيرات المناخية العالمية، وفق وزارة البيئة.