اشتباكات السودان: ما تأثير المعارك المستمرة على خطط إجلاء الرعايا الأجانب؟
شهدت العاصمة السودانية الخرطوم معارك ضارية، تعد الأشد منذ بداية المواجهات الدامية بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وبدّد استمرار إطلاق النار حول المطار الدولي أي آمال فورية في إجلاء المزيد من الرعايا الأجانب في السودان.
وتستعد دول عديدة لإجلاء الآلاف من رعاياها مع استمرار الأزمة المتفاقمة.
واستقبل ميناء جدة أول الدفعات التي تم إجلاؤها من الرعايا؛ حيث وصل أكثر من 150 شخصا – بينهم عدد كبير من دول الخليج بالإضافة إلى مصر وكندا ودول أخرى- على متن سفينة تابعة للبحرية السعودية.
وأعلنت وزارة الخارجية السعودية “الوصول الآمن” لـ91 من رعاياها، مع رعايا من الكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة ومصر وتونس وباكستان والهند وبلغاريا وبنغلاديش والفلبين وكندا وبوركينا فاسو. وقالت المملكة الأردنية إنها كانت بصدد إجلاء 300 شخص.
ويجري التخطيط للمزيد من عمليات الإجلاء للأجانب في السودان، حيث تنشر الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان قوات في دول مجاورة، كما ينظر الاتحاد الأوروبي اتخاذ خطوة مشابهة.
وعقد وزيرا الدفاع والخارجية الألمانيين اجتماع أزمة يوم السبت لبحث إجلاء محتمل لرعايا ألمان، بعد أن اضطرت ثلاث من طائرات النقل العسكرية إلى العودة يوم الأربعاء، بحسب صحيفة دير شبيغل الألمانية.
وفي يوم الجمعة، قالت الولايات المتحدة إن إجلاء موظفي السفارة كان لا يزال شيئا شديد الخطورة.
أما الملايين من سُكان الخرطوم فلا يزالون محاصرين في منازلهم، ومعظمهم بلا كهرباء ولا مياه ولا طعام كاف. وخلفت أعمال الاقتتال الدائر في السودان مئات القتلى وآلاف المصابين حتى الآن .
مناشدات دولية
ويعيش في الخرطوم نحو خمسة ملايين نسمة، تركهم الصراع المحتدم في حال من الذعر مختبئين في منازلهم التي يجازف البعض بمغادرتها للتزوّد بالضروري من الغذاء الآخذ في التناقص، بينما نزح كثيرون إلى خارج المدينة.
وتواصلت العمليات القتالية في الخرطوم بعد هدنة مؤقتة، لم تصمد، في يوم الجمعة، أول أيام عيد الفطر.
وكان الجيش السوداني أعلن يوم الجمعة عن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار لثلاثة أيام، كان قد دعا إليه كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يوم الخميس.
وكانت هُدنتان سابقتان مدة كل منهما 24 ساعة قد أُعلن عن التوصل إليهما دون أن تصمدا.
وفي وقت سابق من اليوم السبت، أعلن الجيش السوداني أن قائده عبد الفتاح البرهان كان قد تلقّى مناشدات من قادة دول عديدة لـ”تسهيل وتأمين إجلاء مواطنين وبعثات دبلوماسية”.
وكانت قوات الدعم السريع بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو الشهير بـ”حميدتي”، أعلنت عن استعدادها أن تفتح “بشكل جزئي كل المطارات” في السودان لإجلاء الرعايا الأجانب.
معارك شرسة
في صباح يوم السبت، سُمع دويّ انفجارات قوية وإطلاق نار من أسلحة ثقيلة وأزيز طائرات حربية في العديد من مطارات العاصمة الخرطوم، نقلا عن شهود عيان.
وليست الخرطوم وحدها التي تشهد معارك شرسة، بل عموم السودان.
وفي مساء يوم الجمعة، اتهم الجيش النظامي قوات الدعم السريع بمهاجمة أم درمان، حيث أطلقت سراح “عدد كبير من عناصرها” من أحد السجون، وهي اتهامات تنكرها قوات الدعم السريع.
كما اندلعت معارك في إقليم دارفور غربي السودان، حيث قالت منظمة أطباء بلا حدود في مدينة الفاشر إن إمكاناتهم “استُنزفت” في علاج أعداد كبيرة من الجرحى المصابين بطلقات الرصاص، والذين معظمهم من الأطفال.
وقالت نقابة الأطباء السودانية إن أكثر من ثلثي المستشفيات في الخرطوم والولايات المجاورة باتت “خارج الخدمة”، وإن أربعة مستشفيات على الأقل في ولاية شمال كردفان تعرّضت للقصف.
وأحصت منظمة الصحة العالمية حتى الآن سقوط 413 قتيلا وإصابة 3,551 شخصا جرّاء الاقتتال المحتدم منذ أسبوع في السودان، فيما يعتقد مراقبون أن عدد الضحايا أكبر بكثير.
وحذر برنامج الأغذية العالمي من أن العنف ينذر بجوع ملايين السودانيين الذين يحتاج ثلثهم إلى مساعدات إنسانية بالأساس.