برنتفورد يقهر الستة الكبار وعينه على البطولة أوروبية
الوافد الجديد أثبت جدارته بفضل تفاهم كبير بين المدرب ولاعبيه
على الرغم من قلق البعض من إمكانية تراجع مستوى برنتفورد في ثاني موسم له في الدوري الإنجليزي الممتاز، فقد كان المدير الفني توماس فرانك واثقاً تماماً في قدرة فريقه على التطور والتحسن، وتقديم أداء أفضل.
كان من الصعب للغاية التنبؤ بما يمكن أن يقدمه برنتفورد هذا الموسم بعدما قدم مستويات رائعة وحقق نتائج لم يكن يتوقعها أحد عند صعود الفريق إلى الدوري الإنجليزي الممتاز؛ خصوصاً أن التاريخ مليء بالأمثلة على تراجع كثير من الأندية بعد تقديم موسم جيد في البداية.
وإضافة إلى ذلك، خسر النادي جهود لاعب وسطه كريستيان إريكسن الذي دفع برنتفورد للوصول إلى مستويات أعلى الموسم الماضي عندما انخفض مستوى الفريق، وبالتالي كان هناك شعور بالقلق وعدم التفاؤل بعد رحيل النجم الدنماركي. لكن قبل انطلاق الموسم الجديد، قام توماس فرانك بإعادة مشاهدة جميع مباريات الفريق خلال الموسم الماضي من بدايتها إلى نهايتها، وشعر بأن الفريق قادر على التحسن وتقديم مستويات أفضل، على الرغم مما صاحب هذه الثقة من تخوف جماهير النادي القابع في غرب لندن.
وقال فرانك يوم الجمعة: «لم أكن قلقاً أبداً بشأن الفريق. كنت أحترم الدوري بشكل كبير، وأعلم أنه إذا لم تكن في مستواك الطبيعي، أو إذا تعرض 3 لاعبين أساسيين لديك للإصابة، أو كنت غير محظوظ بعض الشيء، فقد تكون في ورطة كبيرة. لا يوجد أي ضمان لبقائنا في هذا الدوري إلى الأبد؛ لكن المستويات التي كنا نقدمها العام الماضي لم تأتِ من قبيل الصدفة على الإطلاق؛ خصوصاً عندما تنظر إلى جميع مؤشرات الأداء الأساسية. ونظراً لأنني أعرف الفريق جيداً، وأعرف أننا لا نريد بيع أي لاعب، وأعلم أننا أضفنا المزيد من اللاعبين الموهوبين والرائعين، فقد كنت متأكداً تماماً من أننا يمكن أن نقدم أداء جيداً مرة أخرى».
توماس فرانك وضع برنتفورد في مكانة مرموقة (رويترز)
ومع ذلك، فقد تجاوز برنتفورد كل التوقعات حتى الآن. وتعادل على ملعبه أمام كريستال بالاس بهدف لكل فريق، وهو ما يعني أن برنتفورد خاض 11 مباراة من دون خسارة في الدوري الإنجليزي الممتاز. والآن، يحتل برنتفورد المركز التاسع في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بفارق 3 نقاط فقط عن المركز السادس، وبفارق 4 نقاط فقط عن توتنهام صاحب المركز الخامس. ويسير كل شيء بشكل جيد للغاية في النادي، ويقول فرانك عن لاعبيه: «إنهم مجموعة متفاهمة بعضها مع بعض بشكل لا يُصدق الآن. لدينا مجموعة من اللاعبين القادرين على تطبيق خطة اللعب وإضافة الكثير إلى الأمور الخططية والتكتيكية».
وكان التعادل مع آرسنال يوم السبت الماضي أبرز مثال على نقاط قوة برنتفورد، حتى لو لم يتحدث كثيرون عن الأداء الرائع لبرنتفورد بسبب انشغال الجميع بالحديث عن قرار حكم تقنية «الفار» المثير للجدل بشأن احتساب هدف التعادل لبرنتفورد. ويمكن القول إن برنتفورد، وبكل المقاييس، قد استحق نقطة واحدة على الأقل، كما أنه كان الفريق الأكثر خطورة، والأكثر صناعة للفرص، حتى سجل ليندرو تروسارد هدف التقدم لآرسنال.
قد لا يكون برنتفورد هو الفريق الأكثر استحواذاً على الكرة طوال المباراة؛ لكنه يعرف جيداً كيف يشن هجمات قاتلة على المنافسين، وهو ما ظهر جلياً خلال لقاءات الفريق أمام الأندية الستة الكبار، ففي 7 لقاءات أمام الأندية الكبرى بالدوري، كان آرسنال هو الفريق الوحيد الذي فاز على برنتفورد، عندما التقيا على ملعب الأخير في سبتمبر (أيلول) الماضي. وتعرض كل من مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد وليفربول لدرجات متفاوتة من الإذلال!
لكن الخسارة أمام برنتفورد لم تعد مهينة في الوقت الحالي، نظراً لأن الفريق أصبح نداً قوياً لجميع الفرق، ولم يعد الذي يستهين به أي منافس. وقد أشاد المدير الفني لآرسنال، ميكيل أرتيتا، بكفاءة لاعبي برنتفورد في الكرات الثابتة والنواحي الدفاعية، بعد المواجهة التي جمعت الفريقين على ملعب الإمارات، كما أن الهجمات القليلة التي يشنها الفريق على المنافسين تكون خطيرة للغاية، وهو الأمر الذي كان من الممكن أن يجعل برنتفورد يتقدم على آرسنال بهدفين دون رد خلال الشوط الأول. وعقب خسارة ليفربول أمام برنتفورد الشهر الماضي، لفت المدير الفني الألماني، يورغن كلوب، الانتباه إلى الكرات الطويلة الخطيرة التي يلعبها برنتفورد، والميل إلى «فتح خطوط الملعب» خلال الركلات الركنية.
في الحقيقة، يبدو أن هناك إحجاماً عن الاعتراف بكل موضوعية بأن برنتفورد كان الأفضل، بدلاً من مجرد الإشارة إلى بعض النقاط التي يجيد الفريق القيام بها.
وقال فرانك عن ذلك: «أنا سعيد لأن الناس يعتقدون أننا جيدون في الركلات الثابتة؛ لأننا كذلك بالفعل. ويسعدني أن أرى وأسمع أننا جيدون في التكتل الدفاعي، وأننا ندافع بشكل جيد. أعتقد أن هذه الرؤية أصبحت أكثر انتشاراً؛ لأننا قمنا بعمل جيد للغاية أمام أصحاب المراكز الستة الأولى في جدول الترتيب، وبشكل أفضل بكثير من المستوى العادي للفرق الأخرى التي تلعب أمام هذه الأندية، لذلك فإننا نستحق بالطبع هذه الإشادة».
وأضاف: «آمل أن يرى الناس أننا نقدم أكثر قليلاً من مجرد التنظيم الدفاعي وتنفيذ الكرات الثابتة بشكل جيد، فحتى أمام الأندية الستة الأولى في جدول الترتيب كنا نضغط عليهم بقوة، وتشير الإحصائيات على المرمى إلى أننا أحد أفضل الفرق في إغلاق المساحات والضغط بطريقة رجل لرجل. نأمل أيضاً أن نحصل على بعض الإشادة على ذلك».
وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن 5 فرق فقط هي التي سجلت أهدافاً أكثر من برنتفورد الذي يمتلك مهاجماً من العيار الثقيل، هو إيفان توني الذي يقدم مستويات استثنائية عندما يكون لائقاً من الناحية البدنية، وهو الأمر الذي عاناه كثير من المدافعين، وعلى رأسهم مدافع آرسنال ويليام صليبا! وعلى الرغم من أن برنتفورد هو ثالث أقل فريق في الدوري الإنجليزي الممتاز من حيث عدد التسديدات على المرمى، فإن استغلال الفرص التي يصنعها الفريق من بين أعلى المعدلات بالمسابقة.
ويعتقد فرانك أن برنتفورد لا يزال بإمكانه التحسن والتطور فيما يتعلق بالتحكم في وتيرة ورتم المباريات، وفيما يتعلق بالتحولات السريعة من الدفاع للهجوم؛ لكنه سعيد لأنه في وضع يسمح له بالتفكير في التحسين والتطوير وليس سد الثغرات.
وفي الآونة الأخيرة ابتعدت الإصابات عن لاعبي الفريق، باستثناء إصابة القائد بونتوس يانسون في الفخذ، وبالتالي فإن وجود كثير من الخيارات المتاحة يسمح لفرانك بمعرفة ما يمكن أن يقدمه كل لاعب في يوم المباراة.
وقال فرانك: «على الرغم من أننا في مثل هذا الوضع الجيد، فإنني حريص جداً على الاستمرار في التحسن بحيث يمكننا مواجهة كل التهديدات، وأن نطور أنفسنا في كل شيء. لا أعرف ما إذا كنت هادئاً أكثر من اللازم أم لا؛ لكنني بالتأكيد على دراية بأن اللاعبين يقدمون أفضل ما لديهم. إنهم واثقون تماماً في أنفسهم، ولائقون، وفي وضع جيد. تسير الأمور على ما يرام، ونحن سعداء بما وصلنا إليه».
ومن المؤكد أن المعركة على المراكز المؤهلة للبطولات الأوروبية ستصبح أكثر شراسة أسبوعاً بعد الآخر. ومن الناحية النظرية، تبدو سلسلة مباريات برنتفورد حتى أواخر أبريل (نيسان) جيدة وتدعو للتفاؤل. يرى فرانك أن التأهل للدوري الأوروبي «ليس هدفاً»؛ لكن برنتفورد أظهر أنه لا توجد أي حدود لطموحه خلال السنوات الأربع التي قضاها فرانك على رأس القيادة الفنية للفريق. وقال فرانك: «نحن نسمح لأنفسنا بأن نحلم، ونحن سعداء بما نحن عليه الآن».