السودان: كيف سيكون حل الأزمة .. إقليميا أم دوليا؟
في الوقت الذي دخل فيه الصراع، بين قوات الجيش السوداني، بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق حميدتي، ينشط حديث الوساطات، من أجل وقف الاقتتال، وإنهاء معاناة المدنيين داخل السودان، وهم يستقبلون عيد الفطر المبارك.
وفي الوقت الذي تنشط فيه الوساطات، لا يعرف أحد من أين سيأتي الحل، وهل سيكون عبر وسطاء الإقليم، أم أنه سيأتي عبر ضغوط من قوى غربية، ظلت ضالعة في مسيرة الانتقال الديمقراطي في السودان، لفترة طويلة، وهي المسيرة التي بدا أن الحرب الحالية قد أطاحت بها.
ورغم ما قالته الخارجية السودانية في بيانها، بعد قرار الفريق البرهان بحل قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، من أن حل الأزمة في السودان هو داخلي، فإن الواقع يبدو متنافيا مع ذلك، إذ يتفق كثيرون، على أن كلا طرفي الصراع، له علاقاته وارتباطاته بقوى اقليمية، ناهيك عن الدور الذي تلعبه قوى دولية، في ملف الانتقال الديمقراطي في السودان.
وكانت الخارجية السودانية، قد قالت في بيان لها الإثنين 17 نيسان/إبريل، إن التوصل إلى التسوية المطلوبة في البلاد، هو شأن داخلي، ينبغي أن يترك للسودانيين، بعيدا عن التدخلات الدولية، ونقلت وكالة الأنباء السودانية عن وزارة الخارجية قولها ، إنها “تقدر جهود الدول العربية والأفريقية والمجتمع الدولي الرامية للمساعدة في تهدئة الأحوال في البلاد، إلا أنها تؤكد أن هذا الأمر “شأن داخلي”.
ضغوط دولية غربية
يبدو الطرفان الغربيان في الرباعية الخاصة بالسودان، وهما الولايات المتحدة وبريطانيا حتى الآن، هما أكثر دولتين تمارسان ضغوطا يحسب حسابها، في مجال السعي لإنهاء الاقتتال الحاصل في البلاد، وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، قد عقد اجتماعا منفصلا، مع نظيره البريطاني جيمس كليفرلي، على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع، المنعقد في اليابان.
وبعد الاجتماع أكد بلينكن، على أن محادثات الانتقال الديمقراطي في السودان، كانت واعدة، في ما يتعلق بوضع البلاد على مسار الانتقال الكامل، نحو حكومة مدنية، مضيفا أن هناك وجهة نظر مشتركة لدى الحلفاء، بضرورة وقف القتال فورا، والعودة للمحادثات ، وقال بلينكن إن شعب السودان، يريد عودة الجيش إلى ثكناته ويريد الديمقراطية، معربا عن قلقه تجاه استمرار القتال هناك.
وكان بلينكن قد تواصل مع كل من السعودية والإمارات، وهما العضوان العربيان بالرباعية الخاصة بالسودان، حيث تناول مع مسؤولي البلدين، سبل إنهاء الأزمة الحالية في السودان ، كما أجرى محادثتين منفصلتين، مع كل من الفريق البرهان والفريق حميدتي، أعرب فيهما وفق المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل عن “قلقه البالغ، حيال مقتل وجرح العديد من المدنيين السودانيين جراء القتال المستمر والعشوائي”.
على جانب المنظمة الأممية، وخلال الجلسة المغلقة التي عقدها مجلس الأمن الدولي لمناقشة الأزمة الإثنين 17 نيسان/إبريل، قال رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتيس، في مداخلة عبر الفيديو أمام الجلسة، إن الحصيلة الأولية للمعارك هي أكثر من 180 قتيلاً و1800 جريح.
ويرجح كثير من المراقبين، أن تكون الضغوط الأمريكية والبريطانية، هي الأكثر نجاحا، وأن الحل قد يأتي من قبل الرباعية الخاصة بالسودان، ويرى هؤلاء أن الولايات المتحدة، على وجه الخصوص، قد استثمرت كثيرا في عملية التحول الديمقراطي في السودان، وأنها لن تقبل بانهيار عملية التحول بصورة مفاجئة.
في الجانب الآخر، يتحدث كثير من المراقبين، عن القبول الواسع الذي يحظى به الطرف الإفريقي، لدى طرفي الصراع في السودان، وأنه ربما يكون مؤهلا أكثر من غيره للتوصل إلى حل للأزمة .
وكانت الاشتباكات الجارية، بين قوات الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، قد عطلت الإثنين 17 نيسان/إبريل، وصول مفوض الاتحاد الأفريقي موسى فكي، وفريق من مجلس السلم والأمن الأفريقي للخرطوم، للمباشرة بجهود للوساطة، في وقت تحدثت فيه تقارير،عن أن الوقد يحمل مبادرة لوقف إطلاق النار بين الجانبين.
وقالت مصادر بمفوضية الإتحاد الإفريقي، إن هناك محاولات مستمرة، لوصول المسؤولين الأفارقة للخرطوم، متوقعة أن يتم ذلك في أي وقت، كما أكدت أن موسى فكي، يجري اتصالات مستمرة بطرفي الصراع، لإفساح المجال للوساطة الأفريقية، ووصول فريقها للخرطوم، وتأكيد الالتزام بالهدنة الإنسانية.
ويعتبر مراقبون، أنه وأخذا في الاعتبار باشكالات إفريقية سابقة، تدخل فيها الاتحاد الإفريقي، فإن الاتحاد هو الأكثر قبولا، لدى كل الأطراف السياسية والعسكرية، في السودان، وربما يفلح الاتحاد في حالة الدخول بكل ثقله في إنهاء الاقتتال الدائر هناك.
الجانب العربي
ربما يبدو الجانب العربي وفق العديد من المراقبين، الأقل فعالية فيما يتعلق بالجهود الرامية لوقف إطلاق النا،ر بين المتحاربين في السودان، وبعيدا عن المؤسسة الرسمية وهي الجامعة العربية، فقد أعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عن استعداده للوساطة، كما أجرت كل من الخارجية السعودية والمصرية، اتصالات مع طرفي النزاع ،وكذلك تقوم قطر أيضا بجهود للوساطة.
أما على مستوى العمل الرسمي العربي، متمثلا في الجامعة العربية، فإن الجامعة لم تقم سوى بإجراءاتها الروتينية، التي اعتادت عليها مع كل أزمة، تندلع في أي بلد عربي، إذ عقدت اجتماعا طارئا الأحد 16 نيسان/إبريل، بناء على دعوة من كل من السعودية ومصر، لمناقشة الوضع في السودان.
وفي بيان لها بعد الاجتماع، دعت الجامعة إلى الوقف الفوري لكافة الاشتباكات المسلحة في السودان، مؤكدة على أهمية العودة السريعة، إلى المسار السلمي لحل الأزمة، وشدد البيان، على أهمية التأسيس لمرحلة جديدة، تلبي طموحات وتطلعات الشعب السوداني، محذرا من خطورة التصعيد العنيف الذي تشهده البلاد.
ولايتوقع متابعون للشؤون العربية، أن تكون الجامعة العربية، قادرة على فعل أكثر من ذلك، وهم يرون أن المؤسسة باتت مشلولة وغير فاعلة، وأن سجلها في التعامل مع أزمات كبرى سابقة، في عدة دول عربية، مثل سوريا وليبيا واليمن، ناهيك عن الموضوع الفلسطيني، يثبت أنها ستنهج نفس النهج، في الأزمة السودانية، وأنها ستنتظر أن يأتي الحل من قوى دولية كبرى، بينما تكتفي بموقف المتفرج.
من أين سيأتي حل الأزمة السودانية، إقليميا أم دوليا؟
كيف ترون مايقوله البعض من أن القوى الدولية الكبرى هي القادرة على الحل؟
وهل تترك واشنطن خيار التحول الديمقراطي في السودان للضياع بعد ما استثمرته في الفترة الانتقالية؟
كيف ترون الحديث عن المصداقية التي يتمتع بها الجانب الإفريقي؟
لماذا تبدو مؤسسات العمل العربي المشترك فاشلة وعاجزة مع تفجر كل نزاع عربي – عربي؟
ماهو السيناريو الأرجح الذي ستمضي له التطورات في السودان برأيكم؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الأربعاء 19 نيسان/ إبريل
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب