المنطاد الصيني “يكشف الولع الأمريكي بالقتال”- في صحيفة آي
نستهل جولتنا في الصحف البريطانية من صحيفة آي التي نشرت مقالا للكاتب باتريك كوكبيرن بعنوان: “رد الفعل المبالغ فيه على منطاد ‘التجسس ‘ الصيني جدّ خطير”.
ورأى كوكبيرن أن الأزمة في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين بسبب المنطاد الصيني هي أبعد خطرا مما تبدو عليه؛ لأنها تُظهر كيف يمكن لحادثة تافهة أن تدفع قوتين نوويتين إلى حافة مواجهة عسكرية.
وإذا صحّ أن هذه كانت مهمة تجسس صينية، فهي فريدة من نوعها، بحسب الكاتب الذي أشار إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” إنما تباطأت في إسقاط المنطاد الصيني لعلمها أنه غير قادر على تزويد بكين بمعلومات أكثر مما بحوزتها بالفعل عبر الأقمار الاصطناعية.
وأشار كوكبيرن كذلك إلى ما نشرته الشركة الصينية التي أطلقت المنطاد عبر موقعها الإلكتروني من مقاطع فيديو التقطها أكثر من منطاد في رحلات سابقة عبرت الأجواء الأمريكية وأجواء بلدان أخرى. ويعلق الكاتب قائلا إن مهمة التجسس الحقيقية لابد أنها تتطلب قدرا أكبر من السريّة.
ورغم ذلك أثار منطاد “التجسس” شبَقاً في واشنطن بتهويل التهديد إلى حدّ جعل إدارة بايدن، حسب تعبير كوكبيرن، تُزايد على صقور الحزب الجمهوري الذين اتهموا بدورهم الرئيس الديمقراطي بتعريض الأمن الأمريكي للخطر عبر التباطؤ في إسقاط المنطاد الصيني، فما كان من بايدن إلا أن ألغى زيارة كان مزمعا أن يقوم بها وزير خارجيته أنتوني بلينكن إلى بكين.
وأخطرُ ما كشفت عنه قصة المنطاد الصيني، بحسب صاحب المقال، كان في تلويح كل الأطراف في الولايات المتحدة بقبضات مولعة بالقتال وغير مكترثة بالاندفاع لحرب يمكن أن تشهد تبادلا في استخدام السلاح النووي.
ويخمّن الكاتب أن السبب في عدم اكتراث الساسة والعامة على السواء بويلات مثل هذا التصعيد يعود إلى أن الرعب من الحرب النووية وما تحمله في جعبتها من فناء لم يعُد ماثلاً في الذاكرة على نحو ما كانت عليه الحال إبان الحرب الباردة، ناهيك عن زمن الحربين العالميتين الأولى والثانية.
ملاحقة المطوّرين العقاريين في تركيا
وننتقل إلى صحيفة الفايننشال تايمز حيث نطالع تقريرا عن ملاحقة المطوّرين العقاريين في تركيا ما بعد الزلزال المدمّر.
وتشن السلطات التركية حملة على المطورين العقاريين والمقاولين ممن لهم صلة بالبنايات التي تهدّمت في الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد قبل أيام. وبحسب التقرير، فإن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يواجه سخطا متناميا بسبب تدنّي جودة البنايات في المناطق المتضررة.
وتأتي حملة السلطات التركية على المطورين العقاريين والمقاولين ومفتّشي المباني بعد تعهدات قطعها ساسة أتراك بالتحقيق في تدّني جودة البنايات في أعقاب الزلزال الذي قتل أكثر من 22 ألف شخص في تركيا وحدها.
وحث بعض الخبراء الحكومة التركية على عدم الإسراع في إزالة الأنقاض قبل جمْع أدلّة ضد مطوّري العقارات. ويقول مهندسون مدنيون إن العديد من مشاريع البناء في جنوب شرقي تركيا تمّت في غياب ما يكفي من التدابير الحمائية ضد الهزات الأرضية في منطقة معروف أنها عُرضة للزلازل.
وفي يوم السبت، تعهّد أردوغان بإقامة مئات الآلاف من البنايات الآمنة ضد الزلازل في غضون عام واحد – في جهد هائل على صعيد إعادة الإعمار. وعلى مدى عقدين تصدّر فيهما إردوغان المشهد السياسي التركي كزعيم، كانت مشاريع البناء الضخمة علامة بارزة على منجزاته على الأرض. وطالما انتقد خصوم إردوغان تغاضيه عن تدّني جودة البنايات وميله إلى إسناد مشاريع البناء إلى الموالين لنظامه.
وإلى جانب قضايا البناء، يواجه إردوغان انتقادات متصاعدة لتعامل حكومته مع الكارثة، حيث يقول البعض إن الأمر استغرق وقتا طويلا جدا حتى يصل رجال الإنقاذ إلى المناطق الأكثر تضررا. ويردّ إردوغان على اتهامات خصومه بتوجيه الاتهام لهم بتقويض الوحدة الوطنية في البلاد.
وفي يوم الجمعة، أقرّ الرئيس التركي بأن استجابة حكومته لم تأت بالسرعة المطلوبة، عازيا ذلك إلى اتساع نطاق الأماكن المتضررة، وإلى الطقس السيء، فضلا عن تضرُّر رجال الإنقاذ وعائلاتهم بالزلزال الذي يعدّ أسوأ كارثة طبيعية ضربت تركيا في نحو مئة عام.
وقد تزامن هذا الزلزال المدمر مع احتدام منافسة انتخابية في تركيا وصفها بعض المراقبين بأنها الأشرس التي يواجهها إردوغان منذ وصوله إلى السلطة عام 2003. وحتى من قبل وقوع الزلزال، كانت شعبية إردوغان قد تلقّت ضربة قوية نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة في البلاد والتي زادت حِدّتها بفضل سياسات حكومته الاقتصادية غير التقليدية.
كييف “كانت ولا تزال الهدف الحقيقي للروس”
ونختتم جولتنا من صحيفة الصنداي تايمز التي نشرت مقالا للكاتب مايكل كلارك، الباحث في الشؤون الدفاعية في كينغز كوليدج لندن بعنوان: “هل في استطاعة روسيا احتلال كييف؟”
واستهل كلارك مقاله بالإشارة إلى أن القوات الروسية في الـ 24 من فبراير/شباط الماضي بدأت عملية اجتياح أوكرانيا بهجوم خاطف استهدف العاصمة كييف. ورغم أن هذا الهجوم الروسي قد مُني بفشل ذريع، إلا أنه قد يتكرر مع مرور عام على وقوعه.
وتتأهب أوكرانيا لهجوم روسي كبير ووشيك. ومرة أخرى تمثّل كييف هدفا محتملا للكرملين. وإلى ذلك، حذّر عمدة كييف فيتالي كليتشكو الأسبوع الماضي من أن “كييف كانت ولا تزال الهدف الحقيقي للروس”.
ولقد يعمد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مهاجمة كييف في المستقبل القريب لكن أغلب الظن أنه لن يستطيع أن يستولي عليها، بحسب ما يرى صاحب المقال، وذلك لأن كييف “ستقاتل”.
ويشير الكاتب إلى أنه في فبراير/شباط الماضي، وبينما كانت القوات الروسية تزحف صوب المدينة، كان صغار الشُبان في ميدان الاستقلال في قلب كييف يستعدون بقنابل المولوتوف، كما قُلبت المركبات الثقيلة لإغلاق الطرق المؤدية إلى المدينة التي بات كل شخص قادر على حمل السلاح من أهلها مستعدا للدفاع عنها.
حينذاك كانت كييف، وفق الكاتب، أكثر من مستعدة للقتال، وهي الآن أكثر وأكثر استعدادا؛ بعد فظائع بوتشا وقصف خاركيف وماريوبول وسفرودونتسك، وبعد الهجمات الدائبة على المدنيين في كل مدينة وقرية تقع في قبضة القوات الروسية – مَن يشكّ في أن كييف ستدافع عن نفسها مهما كان الثمن؟
ورأى الكاتب أن الروس قد يعمدون إلى فرض حصار على كييف بدلا من محاولة اقتحامها. وبذلك يمكن للقوات الروسية أن تقصف كييف وتحيلها إلى أنقاض على غرار ما فعلت تلك القوات بمدينة ماريوبول.
وقد استغرق الأمر، بحسب الكاتب، مع ماريوبول ثلاثة أشهر. وجدير بالذكر أن مساحة كييف تعادل أربعة أمثال ماريوبول. وعليه فقد ينتظر الروس -وكذا العالم- مدة عام على الأقل حتى تتحول العاصمة الأوكرانية إلى خرائب.
ولا يستبعد كلارك أن يكتفي الروس بمحاصرة كييف حتى يضطر سكانها البالغ تعدادهم ثلاثة ملايين نسمة إلى أكل الكلاب وطيور الحدائق – تماما كما حدث في ستالينغراد الروسية في عام 1942 إلى 1943 – ولكن هذه المرة “يلعب الروس دور النازيين”.
ويشير إلى أنه قد يختار الكرملين أن يخسر بضعة آلاف أخرى من قواته عبر محاولة اقتحام كييف بقوات برية – شارعا بعد شارع، ومنزلا بعد منزل- ليتكرر بذلك سيناريو برلين في مايو/أيار 1945.
ولن يؤدي أيّ من تلك السيناريوهات إلى تحقيق انتصار لموسكو، بحسب صاحب المقال الذي يرى أن بوتين سيكون محظوظا للغاية إنْ استطاع البقاء سياسيا بعد ذلك حتى في روسيا، ناهيك عن المجتمع الدولي؛ فآلام كييف لا يمكن لموسكو أن تخفيها كما فعلت مع غروزني والشيشان وإدلب وحلب في سوريا.