كيف تقضي أجمل 36 ساعة في برشلونة؟
بعد الثلاثين عاماً التي انقضت منذ حولت دورة الألعاب الأولمبية برشلونة إلى منطقة جذب سياحي، تنامى زخم الهندسة المعمارية والثقافة الغذائية في المدينة، لدرجة أن العاصمة الكاتالونية باتت ساحة معركة كبرى في حرب أوروبا ضد ما يعرف بـ«السياحة المفرطة». لم تفلح المبادرات جميعها لتقليل الزحام، إذ عاد بناء الفنادق إلى سابق عهده منذ عامين. ولكن في مناطق أخرى، تحول التوازن لصالح السكان المحليين، حيث فُرضت قيود أكثر صرامة تنظم الإيجارات بنظام «Airbnb» تسمح لأصحاب العقارات بتأجير بيوتهم للمسافرين الذين يبحثون عن أماكن للإقامة وحجم المجموعات المسموح لها بزيارة سوق «بوكويريا».
من أشهر المباني من تصميم أنتوني غاودي في برشلونة
تتقاطع ممرات الدراجات الآن في المدينة، وتعج سوق «سانت أنتوني» التي جرى ترميمها مرة أخرى ببائعي الأسماك والجزارين. والأمر الأكثر لفتاً للنظر هو أن مبادرة «سوبر بلوك» في برشلونة حولت أجزاء من المدينة إلى ملاعب للمشاة خالية من السيارات.
أفضل ما يمكنك فعله عندما تزور إسبانيا أن تصل في منتصف النهار، تحديداً في وقت وجبة الغداء. يعتبر مطعم «مانتيكر إرماس بيرينايكاس» الواقع في حي سانت جيرفاسي، مكاناً بسيطاً لا يزال العمال فيه يحرصون على ارتداء ستراتهم البيضاء، لكن مطبخه الصغير يتعامل مع المكونات عالية الجودة.
على سبيل المثال، يقدم المكان الخرشوف ذا الأوراق المتفحمة، والقلب الذي يحمل بيض السمان المسلوق، مع الأرز المقرمش اللذيذ مع النقانق ولحم البط الشهي.
المطعم مشهور لدى السكان المحليين، ويعرف معظمهم أنهم إذا أرادوا تجربة عجة البطاطس الإسبانية – التي تشتهر بأنها الأفضل في المدينة – فعليهم الاتصال بحلول الظهر للحجز (غداء لشخصين يكلف نحو 70 يورو، أو 69.50 دولار).
بديكوراته المموجة من الخارج، يعتبر «كازا ميلا» – المعروف أيضاً باسم «لا بيدريرا» – واحداً من المباني الأكثر شهرة في المدينة. يقع المبنى في منطقة إيكسامبل، ويقدم درساً مذهلاً في هندسة البناء من تصميم المهندس المعماري الكاتالوني أنتوني غاودي، الذي استوحى عناصره من النباتات التي عشقها، وكذلك الفيزياء التي يستخدمها في عمله.
في الآونة الأخيرة، تم تعزيز الجانب التعليمي من خلال إضافة جولة الواقع الافتراضي التي تسمح للزوار، المزودين بسماعات، بالتفاعل مع بعض عناصر تصميم غاودي، حيث يتجول الزائر في مجموعة من الغرف (سعر بطاقة دخول معرض الواقع الافتراضي 35 يورو).
عندما تم افتتاحه بمنطقة إيكسامبل في عام 2006، كان «غريسكا» عبارة عن شريط ضيق يُستخدَم مطعماً يعرض ما كان آنذاك أحدث صيحات الطعام في برشلونة، والذي يحمل اسم «بيستونوميا»، وهو أسلوب طهي يجمع بين الطموح الإبداعي والأجواء غير الرسمية (والسعر المنخفض). ومنذ ذلك الحين، اتسع المكان ومعه ارتفع سقف الطموح.
يجلب الشيف رافائيل بينا عمقاً لمجموعة الأطباق المتراصة على بار الوجبات الخفيفة والمقبلات التي تحوي رقائق الماكريل المتبل بفول الصويا، والحمضيات، وثعبان البحر مع البصل المخلل (عشاء لشخصين يكلف نحو 100 يورو).
«إسبسياريوم» هو أحد أحدث المقاهي التي افتتحت في حي بورن، ويحتل طابقين، ويتميز بجوه الحميمي الهادئ. تعتمد مشروباته – تركز جميعها على التوابل – على المشروبات منزلية الصنع، وتقدم في أوعية أنيقة على شكل طائر «الأوريغامي»، أو مشروب «تاجين» الرائع الذي يجمع بين التمر ومزيج التوابل المغربية. وتتراوح أسعار المشروبات بين 10 و14 يورو.
يمكن لمن يستيقظون مبكراً، أو الذين انتهوا من سهرة طويلة للتو، التوجه لسوق «بوكويريا» للاستمتاع بطقوس برشلونة، حيث الإفطار في مطعم «بينوتكسو». بالنسبة لمحبي الإفطار التقليدي، هناك قهوة مع كعكة «شويكشو»، والمعجنات الكاتالونية المقلية المحشوة بالكريمة. قد يختار البعض الآخر الحبار الصغير مع الفاصوليا البيضاء. وعندما تنتهي من إفطارك، ستجد المتسوقين وقد شقوا طريقهم مبكراً إلى أكثر الأسواق ازدحاماً (الإفطار لشخصين يكلف بين 8 و30 يورو).
يقع حي بورن بين منطقتي باري غوتيك وبرشلونيتا. وفي العصور الوسطى، كان الحي موطناً للعمال الحرفيين بتاريخهم العريق في المدينة، وهو ما تستطيع ملاحظته في المحال التجارية التي تملأ شوارعه الضيقة.
العجة الإسبانية من أشهر الأطباق في إسبانيا التي يتوجب عليك تجربتها
في مادري، تستطيع زيارة متجر «مانويل دريسمان» المختص بصناعة الحقائب، منها حقائب الكومبيوتر المحمول، وغيرها من الملحقات الجلدية المدبوغة محلياً.
هناك أيضاً مصمم الملابس النسائية ديفيد فالس، الذي يتميز بتصاميمه الفضفاضة والحديثة في الوقت نفسه. وهناك أيضاً متجر «أبري سكي» الذي يبيع المجوهرات غريبة الشكل والفريدة، والسترات المصنوعة من مفارش المائدة القديمة.
وتعرض محال «شاندال» مزيجاً انتقائياً من الأدوات المنزلية الأنيقة والمجلات الفنية، وتضم قسماً للتصوير التناظري.
وفي متجر «الراي دي لا ماغيا» ستجد رفوفاً تحمل كنزاً من أدوات الخدع والألعاب السحرية، ويعتبر أحد أقدم مخازن الألعاب السحرية في العالم. يمكنك تناول أفضل المأكولات البحرية في المدينة على أيدي الشيف رافا ظفرا. في الجزء العلوي من المدينة، افتتح الشيف أخيراً مطعمه الفاخر «عمار» في فندق «إل بالاس» لجذب الجمهور. لكن مطعمه الأول في برشلونة، «إيستمار» المظلم والمكتظ بالزبائن في منطقة بورن، يبدو مكاناً أفضل لتذوق وصفاته غير العادية من الزعانف والأصداف.
يمكنك أن تبدأ بالمحار المشوي مع كعكة إسكابيتشي، ولا يفوتك «الشيبيرونيس» المقرمش (الحبار الصغير). وإذا كنت تتساءل عما إذا كان جمبري «بالاموس» المشوي يستحق سعره، فإن الإجابة هي «نعم» مدوية، (120 يورو لشخصين).
في «متحف بيكاسو»، يحتوي الجناح الأكثر إثارة على لوحة «لاس مينيناس» الشهيرة للفنان التكعيبي دييغو فلسكويز. وعلى مقربة من المتحف ستجد معرض «موكو» الذي افتتح حديثاً، ويعرض فنون اليوم.
يعرض المعرض المملوك ملكية خاصة، بعض أعمال الفنانين: جان ميشيل باسكيات، ويايوي كوساما، وداميان هيرست، وكاوس، وبانكسي.
لم تصمد غالبية المطاعم التي أسسها ألبرت أدري، التي تقع على بعد 90 دقيقة شمال المدينة، خلال فترة الوباء، حيث أغلقت جميعاً أبوابها، بينما أغلق مطعم «إل بولي» العريق في عام 2011. لكن مطعم «أنيغما» العريق بمنطقة بوبل فتح أبوابه من جديد، حيث يتميز المطعم بديكوراته الإسبانية التقليدية، وتوقيت عمله (يفتح أبوابه الساعة 6:30 مساء، وهي ساعة عشاء غير إسبانية تماماً) وجوه الغني بعبق الريحان، وقائمة مأكولاته التي تشمل وجبة شرائح الفطر مع البقدونس التي تعيد إحياء طقوس مطعم «إل بولي» الكلاسيكية القديمة. تتراوح أسعار غالبية الأطباق الفردية بين 7 و20 يورو.
* خدمة «نيويورك تايمز»