هل ينصف قانون جديد في تشيلي أطفال ضحايا جرائم قتل النساء؟
- تشاريس مكغوان
- سان دييغو – تشيلي
لطالما كانت سيلفانا غاريدو البالغة من العمر 25 عاما، بالنسبة لأصدقائها وعائلتها في العاصمة التشيلية سانتياغو، امرأة متألقة وسعيدة وجميلة، تضج بالحياة، وأما مملؤة بالحب والعاطفة تجاه ابنتها البالغة من العمر ثلاث سنوات.
وقد بدأت الشكوك تساور ذويها على الفور عندما قيل لهم إن سيلفانا ماتت منتحرة.
تقول فرانسيسكا ميلان زاباتا، من منظمة الدفاع عن المرأة في تشيلي، والتي مثلت عائلة سيلفانا غاريدو في المحكمة: “منذ البداية اعتقدت عائلتها وأصدقاؤها المقربون، أن سيلفيا كانت ضحية لجريمة قتل ارتكبها شريكها”.
وتمضي ميلان زاباتا للقول إن الشرطة والمدعين العامين لم يأخذوا مخاوف عائلة وأصدقاء سيلفانا على محمل الجد، وبدلا من ذلك اختاروا تصديق الرواية التي طرحها الشريك السابق للضحية، فرناندو فلوريس.
وتضيف ميلان زاباتا إنه نتيجة لذلك، اضطرت عائلة الفتاة إلى “الكفاح بشراسة” لمدة أربع سنوات بغية تحقيق العدالة. وفي نهاية المطاف أُدين فرناندو فلوريس في أبريل/ نيسان 2023، بتهمة قتل سيلفانا بدفعها من شرفة شقتها الكائنة في الطابق 23. وقد حكم عليه بالسجن مدى الحياة.
صُنفت الجريمة على أنها قتل أنثى، والتي تُعرّف بموجب القانون التشيلي بأنها قتل امرأة على يد شريكها الحالي أو شريكها السابق.
لم يقتصر الأمر على حصول فرناندو فلوريس على عقوبة أكثر صرامة لأن جريمة القتل كانت جريمة قتل أنثى، ولكن بموجب قانون احتواء الضرر الجديد المعني بضحايا جرائم قتل الإناث في تشيلي، ستتمكن ابنة سيلفانا غاريدو من الحصول على الدعم المالي.
وبموجب هذا القانون الجديد ستتلقى الفتاة البالغة من العمر سبع سنوات، بدلا حكوميا شهريا قدره 160 ألف بيزو تشيلي (200 دولار، 160 جنيها إسترلينيا) حتى تبلغ سن 18 عاما.
تم تمرير القانون في أبريل/ نيسان الماضي، وهو أحد الإجراءات القانونية الأكثر شمولا في أمريكا اللاتينية لدعم الأقارب في دولة تعد واحدة من الدول التي بها أعلى معدلات قتل الإناث في العالم.
تقول دانيتزا بيريز كاسيريس، المديرة التنفيذية لشبكة أبوفيم، وهي شبكة تشيلية للمحاميات المتخصصات في قضايا حقوق الجندر الاجتماعية، إن قانون التعويض يمثل سابقة مهمة في أمريكا اللاتينية.
وتشرح قائلة: “هذا هو أول قانون من نوعه يوفر تعويضا ماليا دائما من قبل الدولة للطفل المتضرر”، لكنها تحذر من أنه لا ينبغي استباق الأمور بل يجب أن ننتظر لنرى كيفية تطبيقه على صعيد الممارسة العملية.
وتقول وزيرة شؤون المرأة والمساواة بين الجنسين في تشيلي، أنتونيا أوريلانا، إن القانون جاء لتقديم الدعم للأطفال الذين قُتلت أمهاتهم على أيدي شركائهم، وتركوا بلا أمهات ولم يتبق لهم في بعض الحالات سوى آباء يقبعون خلف القضبان.
وتضيف الوزيرة أنتونيا أوريلانا إن الهدف هو الذهاب إلى أبعد من مجرد تقديم المساعدة المالية – بمعنى الاعتراف بالعنف بوصفه مشكلة هيكلية خطيرة.
وتؤكد أوريلانا على أن المشكلة أوسع من النهج الذي يتبعه نظام العدالة عادة في قضايا قتل الإناث، والذي يركز فقط على “الضحية والمعتدي”.
ووفقا للوزيرة أوريلانا، فإن القانون يركز بشكل أساسي على حماية رفاهية الأطفال وكسر حلقة العنف، التي قد ينتج عنها تحويل أطفال المعتدين إلى بالغين عنيفين.
وتضيف قائلة: “إن الإجراء الأكثر فعالية على المدى الطويل هو تجنب انتقال العنف بين الأجيال”.
بالإضافة إلى تقديم إعانة لأطفال النساء المقتولات، يمنح القانون أيضا الحماية الوظيفية للناجيات من محاولة قتل النساء، أو محاولات القتل التي لا تسفر عن مقتل الضحية ( تلك التي يقوم المتهم فيها بجميع الأعمال التي يعتقد أنها ضرورية لإتمام الجريمة، لكنها لا تؤدي للموت، لأسباب خارجة تماما عن إرادته).
وبموجب الأحكام الجديدة، تُمنح الأولوية لأفراد الأسرة للحصول على الخدمات الاجتماعية، مثل الاستشارة والدعم النفسيين.
تأمل أوريلانا أن يمرر المشرعون أيضا مشروع قانون يهدف إلى منع قتل النساء وإساءة معاملتهن. ويسعى قانون الحق في حياة بلا عنف، المدعوم من وزارة شؤون المرأة، إلى تعزيز الدعم المؤسسي المقدم للمرأة لمساعدتها على النجاة من ظروف العنف.
وترى الوزيرة أوريلانا أنه يمكن تقليل عدد جرائم قتل النساء، ولكن من وجهة نظرها، فإن العنف القائم على الجندر يمثل تحديا عالميا – لا يقتصر على أمريكا اللاتينية وحدها.
وفي غضون ذلك، أبدت عائلة سيلفانا غاريدو، نوعا من الارتياح والرضى عن القرار الذي ستحصل بموجبه ابنة الضحية على مخصصات شهرية تعيلها حتى تبلغ سن الـ18.
تشرف على رعاية الفتاة الصغيرة ابنه الضحية كل من جدتها وخالتها، بريندا غاريدو – وهما السيدتان اللتان قادتا المعركة من أجل تحقيق العدالة لسيلفانا غاريدو.
تقول بريندا غاريدو: “على الرغم من أن المبلغ الذي ستحصل عليه ابنة أختي ليس بالمبلغ الكبير، نظرا للتضخم الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد، إلا أنه من دون أدنى شك سوف يساعد”.
وتضيف: “للأسف لقد خذلت الدولة والمؤسسات أختي سيلفانا، لقد قلنا إن موتها لم يكن انتحارا لكنهم لم يصغوا لنا، لذا أعتقد أن التعويض أمر جيد لعائلتي بصورة ما”.
صفحة الضحية سيلفانا غاريدو على موقع التواصل الاجتماعي إنستغرام أصبحت اليوم مفتوحة للجمهور، وباتت مساحة للذاكرة ولمشاركات النشطاء في مجال الدفاع عن ضحايا جرائم قتل الإناث.
قبل وفاتها، نشرت سيلفانا غاريدو العشرات من صور السيلفي مع ابنتها، تظهر فيها ضاحكة مستخدمة المؤثرات المضحكة عبر التطبيقات المختلفة، مرفقة برموز تعبيرية على شكل قلب في كل صورة.
تبتسم بريندا غاريدو عندما تفكر في أختها وتقول: “كانت مليئة بالفرح وكانت أفضل أم في العالم”.
“ابنتها مثلها تماما، وكأنهما وجهان لعملة واحدة”.