نقص الاستثمارات بقطاع النفط والغاز يهدد أمن الطاقة
- تصريحات الغيص حملت تحذيراً من مغبة دعوات إيقاف الاستثمار في القطاع، وأنها سوف تأتي بنتائج عسكية. وأفاد بأن “الاستثمار في قطاع النفط والغاز مهم لأمن الطاقة”.
- وقال الأمين العام: “طاقتنا الإنتاجية الفائضة تتراجع بشدة، قلنا ذلك مراراً وهو ما يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية لإدراك أهمية الاستثمار في هذا القطاع”.
- وكرر وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي هذه الدعوة، قائلاً إن استثمارات شركات النفط الدولية والوطنية ضروري. وأضاف المزروعي أن هذه الاستثمارات تتطلب أن تكون الأوساط المالية عازمة على تمويل النفط والغاز.
أزمة طاقة تلوح في الأفق
وحول أزمة نقص الاستثمارات في النفط والغاز وما تحمله من تبعات على الأسواق والاقتصادات العالمية، يقول الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون النفط، عامر الشوبكي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن هنالك أزمة طاقة حقيقية تلوح في الأفق بسبب نقص الاستثمارات في القطاع، وهذه الأزمة تختمر الآن وستظهر في أي وقت، في ظل فجوة الاستثمارات الحالية مع عدم وجود استثمارات تلبي نمو الطلب، وبما يؤدي إلى تناقص معدلات الطاقة الفائضة باستمرار في ضوء هذا النقص.
ويشير إلى التراجع الملحوظ في حجم الاستثمارات بالنفط والغاز، مقابل نمو الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة، مردفاً: “نرى الاستثمارات حالياً ليست على ما كانت عليه في السابق.. هناك حاجة لاستثمارات بقيمة 500 مليار دولار سنوياً، و 12.6 تريليون دولار بحلول العام 2045 فيما يخص النفط”.
ويُشار هنا إلى أنه من المقرر استثمار حوالي 2.8 تريليون دولار على مستوى العالم في الطاقة في العام 2023، من المتوقع أن يذهب أكثر من 1.7 تريليون دولار إلى الطاقة النظيفة – بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة، والمركبات الكهربائية، والطاقة النووية، والوقود منخفض الانبعاثات، وتحسين الكفاءة والمضخات الحرارية – وفقًا لتقارير وكالة الطاقة الدولية. والتي أوضحت أن حوالي تريليون دولار ستذهب إلى الفحم والغاز والنفط.
ويلفت الشوبكي في السياق ذاته إلى أن الاستثمارات في قطاع النفط والغاز تواجه في سياق آخر هجوماً من بعض الجهات التي تسعى إلى كبح جماح تلك الاستثمارات، ومن بينها منظمة الطاقة الدولية، والتي ذكرت أخيراً أنه من المتوقع بلوغ الطلب على الوقود الأحفوري ذروته قبل 2030 “وهذه ربما أمنيات أكثر منها توقعات حقيقية وبعيدة تماماً عن الواقع”، على حد قوله.
وفي هذا السياق، يُشار إلى تصريحات الغيص، الاثنين، والتي أكد خلالها أهمية مواصلة الاستثمار في قطاع النفط والغاز، وأوضح أنه إنه يرى أن الدعوات لوقف الاستثمار ستأتي بنتائج عكسية.
وقال الغيص في تصريحاته المشار إليها: “لا نزال نتوقع أن يكون الطلب على النفط قويا بشكل كبير هذا العام كما كان في العام الماضي”، مشيرا إلى أن توقعات المنظمة تشير إلى نمو الطلب على أساس سنوي بأكثر من 2.3 مليون برميل يومياً.
وبالعودة لحديث الشوبكي، فإنه يلفت إلى تبعات حالة “عدم اليقين” التي يشهدها الاقتصاد العالمي وتأثيراتها على الاستثمارات في قطاع الطاقة، لافتاً إلى تأثير السياسات النقدية المتشددة ورفع الفائدة، والمتوقع أن تستمر لعامين، وبما يضفي مزيداً من الضغوطات على الاستثمارات، ذلك أن المستثمر ينتظر عائداً يلبي الجدوى الاقتصادية.
استثمارات جديدة
وفي هذا السياق، كان الرئيس التنفيذي، لـ “توتال إنرجيز”، باتريك بويانيه، قد أكد أن “سوق النفط تشعر بتداعيات نقص الاستثمارات”.
وشدد على أن الطلب على النفط قوي والسوق تشعر بتداعيات نقص الاستثمارات. وعلى هامش معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول “أديبك 2023″، قال بويانيه في حديث خاص لـ “سكاي نيوز عربية”، إن الأسعار الحالية للنفط تشجع المنتجين على ضخ استثمارات جديدة في القطاع.
وإلى ذلك، يقول المستشار والخبير الاقتصادي، الدكتور كمال أمين الوصال، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن “الطاقة مثلها مثل أية سلعة -وإن كانت لها خصوصيتها- يتأثر العرض المستقبلي منها بالاستثمارات الحالية، ومن ثم فإن نقص الاستثمارات أو تراجعها فى مجال الطاقة ينذر ببعض المخاطر في السوق، خاصة في ظل تزايد الطلب، نتيجة تزايد السكان.
هذا الأمر -في تقدير الوصال- له خصوصية؛ لأن الاستثمارات المطلوبة في مجال الطاقة ليست مطلوبة في مجالات الاستكشاف والاستخراج فقط، إنما أيضاً مطلوبة استثمارات ضخمة في مجالات الطاقة المتجددة؛ للتقليل من انبعاثات الكربون، ولزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرهما.
ويضيف: “ولذا فإن نقص الاستثمارات في مجال الطاقة يحمل خطورة مزدوجة؛ خطورة قد تسبب اختناقات في العرض، ما يودي إلى ارتفاع أسعار الطاقة التي هي مكون أساسي في إنتاج جميع السلع والخدمات.. وخطورة أخرى تتمثل فى نقص الاستثمارات في مجالات الطاقة النظيفة التي لم تصبح ترفاً نتيجة للآثار السلبية المعروفة على الانبعاثات الناتجة عن استخدام الطاقة التقليدية مثل النفط والغاز وما لها من آثار مناخية أصبحنا نشعر بها ونتأثر بها أكثر من أي وقت مضى”.
ويشدد الخبير الاقتصادي، على أن “الطلب على الطاقة يتحدد بناءً على الطلب على عموم السلع والخدمات، ومن ثم فإن حالة “عدم اليقين” في الأسواق الدولية الخاصة بالاستثمارات بوجه عام تنتقل بالتبعية إلى الاستثمارات في الطاقة ويزداد تأثير حالة عدم اليقين على مجال الطاقة فى ظل التوترات الجيوسياسية الحالية والحرب في أوكرانيا (..)”.
ويختتم حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” بقوله: لا شك أن الاضطرابات وحالة عدم الاستقرار في أسواق الطاقة قد تؤدي إلى ارتفاع في أسعار الطاقة ونقص أو عدم استقرار الإمدادات، الأمر الذي يؤثر على الاقتصاد العالمي بصورة واضحة.
وشدد الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) هيثم الغيص، في تصريحاته المشار إليها، على ضرورة الاستثمار في الوسائل الصديقة للبيئة التي تسهم في خفض الانبعاثات.
كذلك في وقت سابق، الشهر الماضي، أكد الأمين العامة لمنظمة “أوبك”، هيثم الغيص، أن التخلي عن الوقود الأحفوري “سيؤدي إلى فوضى في مجال الطاقة على نطاق غير مسبوق، وسيُحدث عواقب وخيمة على الاقتصادات ومليارات الأشخاص في جميع أنحاء العالم”.
ويذكر أن منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” قد أبقت على توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط دون تغيير خلال العام الجاري.
الأوضاع الاقتصادية
وإلى ذلك، يقول الخبير الاقتصادي، الدكتور علي الإدريسي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن تراجع حجم الاستثمارات في قطاع النفط والغاز على النحو المذكور يعود إلى جملة من العوامل الاقتصادية المرتبطة بالتطورات التي يشهدها العالم، بما في ذلك أثر لجوء البنوك المركزية الكبرى إلى رفع أسعار الفائدة منذ العام الماضي، بهدف كبح جماح التضخم، وبما يؤثر بدوره على الاستثمارات عموماً، وبما في ذلك الاستثمارات في قطاع الطاقة.
ومن بين العوامل التي يشير إليها الإدريسي، والتي أثرت بشكل أو بآخر في تراجع الاستثمارات بالقطاع، ما يتعلق بتقديم الحكومات حوافز أكبر تجاه الطاقة النظيفة على حساب الطاقة التقليدية. كما يضيف أيضاً سبباً آخر مرتبط بارتفاع تكلفة الاستثمار مقارنة بسنوات سابقة، وبما خلق الفجوة الحالية بين الاستثمارات الحالية والاستثمارات السابقة.
ويضيف: “حالة عدم اليقين التي تعاني منها الأسواق تدفع إلى تراجع حجم الاستثمارات تدريجياً (..) وبما يقود إلى تراجع المعروض من النفط (..) الأمر الذي ينعكس بدوره في اضطرابات أسعار النفط، وبما يؤثر على الصناعات كافة، وعلى اعتبار أن الطاقة عنصر رئيسي في إنتاج أية سلعة أو تقديم أي خدمات (..)”.
أسعار الفائدة
وإلى ذلك، يشير خبير أسواق المال، الدكتور حسام الغايش، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن ارتفاع معدلات التضخم يشكل أزمة كبيرة على مستوى العالم، بما يمثل عائقاً كبيراً أمام الاستثمارات، وخاصة في قطاع الطاقة، لأن قطاع الطاقة من القطاعات كثيفة التمويل.
ونوه خبير أسواق المال، إلى أنه في ظل المشهد العالمي الراهن سيكون هناك تراجع أوسع في عديد من الاستثمارات، وهذا سيؤثر بالسلب على أسعار الطاقة حول العالم ويؤدي إلى ارتفاعها بصورة كبيرة، خاصة في فصل الشتاء (..) ذلك أنه من المتوقع ارتفاع أسعار الطاقة خلال الشهور القليلة المقبلة نتيجة نقص الاستثمارات وارتفاع الطلب على الطاقة ومشتقاتها خلال الفصل”.
ويستطرد خبير أسواق المال: قد يحدث نوع من التحسن في أزمة الطاقة مع بداية تقليص أزمة نقص الاستثمارات في القطاع، أو تراجع معدلات التضخم وبالتالي تراجع معدلات الفائدة في البنوك المركزية، ما يؤدي إلى حالة من الرواج في الاستثمارات الضخمة تبعاً لذك، وهذا التحسن قد يحدث على مدى سنة أو سنتين على الأقل عندما تتحسن أسعار الفائدة حول العالم.