موريتانيا.. استمرار تدفق المهاجرين إلى أميركا
واستهل ولد الشيخ رحلته التي بدأت من نواكشوط، بمدينة إسطنبول التركية، التي توجه منها إلى العاصمة الكولومبية بوغوتا، حيث غادر منها إلى نيكارغوا.
ومن هناك، بدأت رحلة أخرى وصفها بالشاقة، تسلق خلالها الجبال، قبل وصوله إلى تيخوانا المكسيكية، التي تعد النقطة الأخيرة، قبل اجتياز “جدار الحلم” على حد تعبير المهاجرين الموريتانيين.. وبلغت تكلفة الرحلة، حوالي 3 ملايين أوقية قديمة، أي ما يعادل أكثر من 8 آلاف دولار.
ويقول محمد محمود لموقع سكاي نيوز عربية: “هاجرت بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة، وعدم وجود أمل لتغيير الواقع، ومن أجل بناء مستقبل مشرق لأبنائي. لم أحصل على وظيفة حتى الآن، لكنني لست نادما على قرار الهجرة، الذي اعتبره أفضل خطوة قمت بها الآن.
ويضيف المهاجر الموربتاني:”سأعود إلى بلدي موريتانيا، لكن بعد أن أضمن تغيير وضعي المادي إلى الأحسن، حتى أتمكن من العيش من جديد مع عائلتي في ظروف جيدة.”
بيدرو..عراب المهاجرين الموريتانيين
مع استمرار تدفق المهاجرين، انتشر اسم المهرب “بيدرو” بين الموريتانيين، الذين يعتبرونه عرابا لهم خلال رحلة “الحلم.”
ويتعامل المهاجرون مع بيدرو عبر تطبيق “الواتساب”، قبل وصولهم إلى نيكارغوا، لاستقبالهم هناك مقابل 60 دولار، على أن تدفع تكاليف أخرى “خاصة بالإقامة”.
ويستقبل المهاجرون في نيكارغوا من طرف رجال بيدرو، الذين يأخذونهم إلى هوندراس، وهناك تستقبلهم المهربة الأخرى نومبيا التي تأخذهم إلى غواتيمالا مقابل 120 دولار.
ويلتقي المهاجرون بغواتيمالا، المهربة الأخرى سارا لتوصلهم إلى المكسيك، وتحديدا تاباشتولا مقابل 360 دولار، على أن يلتقوا بالمرحلة الأخيرة بالمهرب المكسيكي بول.
أحد الشباب الذين تعاملوا مع المهرب بيدرو، أكد لـ”موقع سكاي نيوز عربية”، أن أكثر شيء ينتظره المهاجرون الموريتانيون، هو التواصل معه، مشيرا إلى أنه يمثل لهم، “ضوء في نفق مظلم” خلال هذه الرحلة.
ويضيف الشاب الذي فضل عدم الكشف عن هويته، “أن بعض المهاجرين، جلبوا هدايا خاصة لبيدرو”، لافتا إلى أنه خص “الموريتانيين بمعاملة فريدة.”
وعن أساب هجرته، قال الشاب الذين كان يعمل لدى إحدى المؤسسات الإعلامية: “الهجرة أصبحت هي الحل النهائي لنا في موريتانيا.
عملت 15 سنة، وبالكاد يغطي راتبي نفقاتي الخاصة، أحرى عائلتي. مهما حصلت على شاهدات، ونضجت تجاربي في العمل، لن يتغير واقعي هناك، وهذا هو السبب الذي جعلني أهاجر، ولا أنوي العودة هناك.”
تدفق المهاجرين خلال الفترة الأخيرة، لم يقتصر على الشباب فحسب، فقد اجتازت الجدار الفاصل بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك، عدة فتيات، وقصر.
موقع سكاي نيوز عربية، تواصل مع إحدى الفتيات المهاجرات، والتي أكدت في تصريحها أنها كانت تفكر بهذا القرار منذ سنوات، رافصة أن تتطرق إلى التفاصيل التي دفعتها إلى الهجرة.
وتقول الفتاة التي فضلت عدم الكشف عن هويتها: “الحياة في موريتانيا صعبة على الرجال، فما بالك بالمرأة؟”، مشيرة إلى أنها لن تعود إلى موريتانيا.
هجرة الاعبين
موجة الهجرة الأخيرة في موريتانيا، تفشت داخل كرة القدم المحلية، حيث هاجر العديد من اللاعبين، بينهم من مثل المنتخب الوطني.
ويعود ذلك، إلى انعدم الأمل في تغيير الواقع في المستقبل القريب، إضافة لعدم وجود استراتيجية للنهوض بواقع البطولة الوطنية لكرة القدم بغية الاقتراب من الاحتراف، بحسب الإعلامي الرياضي أحمد لمام.
ويقول أحمد لموقع سكاي نيوز عربية: بين دوري الدرجة الأولى والثانية، هاجر قرابة 15 لاعبا بالإضافة لحكام وإداريين في دوري الدرجة الأولى نحو أمريكا خلال العام الجاري.
ظروف اللاعبين في البطولة المحلية صعبة جدا، فمعظم اللاعبين لا تتجاوز رواتبهم 200 دولار، مع أن هناك استثناءات في بعض الأندية، لكن بعض الفرق لاتحترم العقود، وغالبا تقف عاجزة عن سداد رواتب اللاعبين وحتى عن علاجهم في الموسم.”
الآلاف.. وصلوا أميركا
خلال شهر يونيو المنصرم، أعلن حرس الحدود الأمريكية، أن نسبة المهاجرين الموريتانيين، تضاعفت بين عامي 2022، و2023 بنسبة 1000 في المئة.
وتشير معطيات غير رسمية، إلى وصول أكثر من 20 ألف مهاجر موريتاني إلى الولايات المتحدة الأمريكية عبر الجدار، بين مايو 2022، ويونيو من العام الجاري، بينهم 20 امرأة.
ومن جهته يقول النائب البرلماني (دائرة أميركا) يحيى ولد اللود: “التقديرات الرسمية من إدارة الهجرة، ومن دول العبور تتحدث عن ما بين عشرة آلاف لإثنتي عشرة ألف مهاجر من نهاية العام الماضي، للشهر الثامن من هذه السنة.”
ويضيف لموقع سكاي نيوز عربية: “في الوقت الحاضر، هناك بين مائتين، وثلاث مائة شاب محتجزين في مراكز الهجرة في عدة ولايات، ينتظرون محاكمات، أودفع ضمانات بعضها يصل للآلاف الدولارات”.
ويوضح النائب ولد اللود، أن “السبب الأساسي لتدفق المهاجرين بهذه الأعداد، هو فقدان الأمل بالدرجة الأولى في أي تحسن اقتصادي وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب”، مشيرا إلى أن الموريتانيين “بدأوا يفقدون الثقة في منظومتهم السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية.”
كما أرجع أسباب تدفق المهاجرين، إلى ” التضييق الحاصل في حرية التعبير ، كقانون الرموز و غيره من السياسيات التي تعتبر نكوصا يؤدي إلي فقد الأول في المنظومة ككل .”
أمام استمرار تدفق المهاجرين، دعت الحكومة الموريتانية الشباب، إلى الاستعداد لما أسمته “قفزة اقتصادية”، خلال شهر يونيو المنصرم.
وتحدث وزير المالية إسلمو ولد محمد إمبادي، عن العمل على توفير فرص العمل في كافة القاطعات، للحد من هجرة الشباب.
وأكد الوزير الذين كان يتحدث في مؤتمر صحفي، أن البلاد مقبلة على آفاق واعدة في التنمية، من شأنها أن تحسن من ظروف الشباب المادية.
وسبق لقضية الهجرة، أن أثارت جدلا كبيرا داخل البرلمان الموريتاني، أثناء نقاش برنامج حكومة الوزير الأول محمد ولد بلال مسعود خلال شهر يونيو الماضي.
واعتبر نواب المعارضة، هجرة الشباب “هروبا من الجحيم”، في حين رفض نواب حزب الإنصاف “الحاكم”، تحميل الحكومة مسؤولية ذلك، باعتبارها “ظاهرة كونية.”