مئات الآلاف يتعلمون لغة لا يتكلم بها أحد.. ما السبب؟
واللغة التي وردت في مسلسل “صراع العروش” أثار تعلمها تساؤلات حول ما إن كان ذلك يعد انفصالا عن الواقع، أم فرط إعجاب بالمسلسل.
ويجيب أستاذ في علم الاجتماع لموقع “سكاي نيوز عربية”، على هذا السؤال، ويحلل من وجهة نظره ما الذي يدفع شخص لتعلم لغة المفترض أنه لن يستفيد منها أو يستعملها في حياته.
جاء الحديث عن “اللغة الفاليرية” في أعمال جورج مارتن، مؤلف روايات “الجليد والنار”، والتي منها تم اقتباس مسلسل “صراع العروش”، الذي يحكي قصة خيالية عن حرب أهلية وحشية دارت بين فصائل من سلالة تارغيريان، والتقط اللغوي الأميركي، دافيد جي بيتيرسون، مفردات مارتن ليشكل منها اللغة بشكل أوسع.
وهي لغة حكام ترويض التنانين لإمبراطورية خيالية في الرواية، وظهرت هذه اللغة لأول مرة عام 2012 خلال الموسم الثالث من المسلسل، وتم إطلاق أول دورة لتعلمها على تطبيق “دولينغو” عام 2017، واختلفت تقديرات عدد من يتعلمونها بين نصف مليون إلى مليون وربع المليون شخص.
تخليد أحداث “خيالية”
يربط الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، بين نجاح مسلسل “صراع العروش” وبين الإقبال على هذه اللغة، وخاصة بين الشباب، لأسباب نفسية واجتماعية، ووظيفية كذلك، منها:
- هناك جمهور مفتون بأبطاله واللغة التي تكلموا بها، فيحاولون تخليد أحداثه بحفظ هذه اللغة، ويؤكدون بها اندماجهم الثقافي مع عالمه.
- يرى بعض عشاق المسلسل أن تعلم هذه اللغة تساعدهم في فهمهم له، والتحدث عنه أمام أصدقائهم بخبرة أكبر.
- هذه الأمور تجذب من لديهم فراغ كبير؛ ولذا لا نستغرب انجذاب المراهقين خصوصا لتعلم اللغة، رغم أنها خيالية.
- عشاق التحدي أيضا لهم نصيب في تعلم اللغة؛ باعتبارها تحديا شخصيا لكسب مهارة جديدة.
- يمكن أن تكون القواعد والمفردات والنطق الفريدة الموجودة في اللغة “الفاليرية” مثيرة للاهتمام للراغبين في توسيع مهاراتهم اللغوية.
- الرغبة في إحساس الانتماء بين الجمهور العاشق للمسلسل تجعل البعض يتعلمون اللغة لتكون عامل مشترك يتعاملون به، خاصة مع وجود المنتديات والمجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تسهل لقاءهم عبر البلدان وممارستهم للغة، وحتى يمكنهم تنظيم لقاءات محلية.
- يرى عشاق تعلم اللغات، أن تعلم لغة جديدة فريدة يسهل حصولهم على فرصة عمل، مثلا في مجالات مرتبطة بالترجمة أو الدبلجة والتمثيل الصوتي لعروض مشابهة.
- ويشدد صادق على أنه “إذا لم تكن من المعجبين بالمسلسل، فلن تهتم بمعرفة لغاته، أو حتى الإشارة لوجود أشخاص يحاولون تعلم تلك اللغة الخيالية”.
وحصد المسلسل الملحمي أرقاما قياسية من المشاهدين حول العالم؛ ما أهله للترشح والفوز بالعديد من الجوائز العالمية مثل جائزتي “إيمي” و”غولدن غلوب”.