قانون سانت ليغو: هل سيفجر الشارع العراقي مجدداً؟
- سهام فضل الله
- بي بي سي نيوز عربي
لا يكاد الجدل السياسي يهدأ في العراق إلا ليعود ليطفو على السطح من جديد، وهذه المرة عبر بوابة مشروع قانون انتخابات “جديد-قديم” يناقشه البرلمان العراقي حاليا تمهيداً لإقراره خلال الأيام المقبلة.
مشروع القانون قيد الجدل يتعلق بعودة العمل بنظام “سانت ليغو” الانتخابي المعدل وفق قاسم انتخابي بنسبة 1.9 والذي سيعود بالعراق – في حالة إقراره من البرلمان- إلى العمل بنظام دائرة انتخابية واحدة لكل محافظة وإلغاء صيغة الدوائر المتعددة المعتمدة في القانون الحالي.
“تشتيت الأصوات“
في هذا السياق، يرى مؤيدو القانون أن العراق محتاج اليوم للعودة إلى “سانت ليغو” بعد التجربة الانتخابية الأخيرة التي”أثبتت عدم نجاعة القانون الانتخابي المعمول به حاليا على مستوى المشاركة الانتخابية” يقول وائل الركابي العضو في ائتلاف دولة القانون في تصريح لبي بي سي نيوز عربي.
وأضاف الركابي أن السجال السياسي الذي رافق الانتخابات الأخيرة مرده إلى عدم وجود “كتلة حقيقية تستطيع أن تشكل الحكومة بأريحية”، وهو الدور الذي يمكن أن يلعبه قانون “سانت ليغو” على مستوى تسهيل العملية السياسية في العراق على حد تعبيره.
وفي معرض رده عن سؤال بي بي سي فيما يتعلق بالانتقادات الموجهة للقانون والمتمثلة في إقصائه للأصوات المستقلة والكيانات الناشئة لصالح الكتل السياسية الكبرى، قال عضو ائتلاف دولة القانون: “إن مشاركة المستقلين أو ما يسمى بالأطراف الناشئة في العراق لم يكونوا موحدي الرؤى بل كانوا مشتتين ولم يكن لهم قرارٌ موحدٌ فيما يخص العملية السياسية وهو ما يستوجب العودة إلى قانون سانت ليغو الذي سيفضي إلى عملية سياسية صحيحة وعدم هدر الأصوات”.
“تقليل المسافة الانتخابية“
لتجاوز النقاط الخلافية التي يطرحها قانون “سانت ليغو” على مستوى عدد الدوائر الانتخابية، يقترح مؤيدو العمل بالقانون إلى اعتماد دوائر انتخابية متعددة ولكن داخل إطار القاسم الانتخابي لـ”سانت ليغو” المتمثل في نسبة 1.9، وهو الموقف الذي عبر عنه المستشار في المركز العراقي للتنمية الإعلامية علي فضل الله.
الأخير يقول لبي بي سي: “إن قانون “سانت ليغو” سيمنح الفرصة أكثر للناخب لاختيار الشخصية القريبة من دائرته الانتخابية وبالتالي”تقليل المسافة بين الناخب من جهة والمرشح السياسي من جهة ثانية”.
وفي معرض رده عن تكريس القانون للأحزاب الكبرى عوض المستقلين، قال فضل الله إن المرشح يفترض أن تكون له قاعدة جماهيرية، مضيفا أن “التخوف من هذا القانون على اعتبار أنه يخدم جهات معينة يتنافى مع مبادئ الديمقراطية” على حد تعبيره.
عودة النقاش حول “سانت ليغو” أعاد الاحتقان إلى الشارع العراقي، بعد خروج مظاهرات رافضة لصيغة مشروع القانون المقترح. قوى سياسية ومدنية عبرت عن معارضتها للقانون أبرزها “التيار الصدري”، إلى جانب “قوى التغيير الديمقراطية”.
القانون الجديد بحسب المعارضين يخدم في صيغته الحالية الكتل السياسية الكبيرة، وهو مادفع إلى رفضه من قبل “احتجاجات تشرين” يقول مناف الموسوي مدير مركز بغداد للدراسات الاستراتيجية.
ويضيف الموسوي في حديث لبي بي سي أن “سانت ليغو” بصيغته العراقية لا يعبر عن رغبة الناخبين الحقيقية “وتضيع معه القيمة الأساسية للآلية الديمقراطية”.
“تدوير الأصوات في القائمة الانتخابية يفضي إلى وصول شخصيات إلى البرلمان لم تحصل على أصوات كافية” يقول الموسوي، مردفا أنه أدى خلال تجربته سابقا في العراق إلى العزوف عن صناديق الاقتراع وتسببت في أزمة ثقة بين الناخب والعملية اللانتخابية على حد تعبيره.
وفي معرض رده عن النقطة المتعلقة بتشتيت الأصوات لدى مؤيدي عودة القانون، قال الموسوي: “إن المطالبة بعودة القانون يمثل صراعاً واضحاً بين الإرادة الحزبية التي تمثلها الكتل السياسية الكبيرة التي فشلت في إدارة البلاد وبين إرادة شعبية تريد تعزيز الديمقراطية وتريد الحفاظ على صوت الناخبين وإيصال ما يريده الناخب إلى قبة البرلمان”.
“تأمين مقاعد إضافية”
في حال إقرار البرلمان العراقي للقانون الجديد، سيمثل في نظر الكثيرين “انتكاسة وانقلاباً” على مكاسب الحراك الشعبي لعام 2019 والذي تمكن من إسقاط هذا القانون، في هذا السياق يقول الباحث في العلاقات الدولية سعدون الساعدي: “إن الكتل السياسية الحالية تحاول العودة إلى العمل بهذا القانون لأنه يؤمن لها مقاعد إضافية في المجلس النيابي ويحرم المستقلين والفئات الناشئة من الحصول على مقاعد في البرلمان”.
وحول إمكانية تمرير هذا القانون في البرلمان العراقي، استبعد الساعدي هذه الفرضية في ظل معارضة التيار الصدري “على اعتبار أنه اللاعب الأساسي ويمتلك قاعدة جماهيرية واسعة”
ما هو قانون “سانت ليغو”؟
تحمل هذه الطريقة اسم مبتكرها عالم الرياضيات الفرنسي أندريه سانت ليغو عام 1912، وترمي إلى توزيع الأصوات على المقاعد الانتخابية في الدوائر متعددة المقاعد، وتقليل العيوب الناتجة بين عدم التماثل في الأصوات وعدد المقاعد المتحصل عليها.
تعتمد آلية “سانت ليغو” في توزيع أصوات الناخبين في الدول التي تعمل بنظام التمثيل النسبي على تقسيم أصوات التحالفات على الرقم 1.4 تصاعدياً، وفي هذه الحالة تحصل التحالفات الصغيرة على فرصة للفوز.
اعتمد القانون في العراق أول مرة عام 2014، لكن القاسم الانتخابي في البلاد اعتمد على الرقم 1.9 عوض 1.4هو ما يجعل حظوظ الكيانات السياسية الكبرى أوفر على حساب المرشحين الأفراد المستقلين والمدنيين والكيانات الناشئة.