فيرمينو سيرحل بطلاً بحقيبة مليئة بالذكريات والميداليات والألقاب
كلوب متفاجئ بقرار مغادرة اللاعب «المبتسم» الذي كون شراكة هجومية رائعة مع ماني وصلاح
قال يورغن كلوب مدرب ليفربول إنه «فوجئ قليلا» بقرار روبرتو فيرمينو بالرحيل عن ليفربول في نهاية الموسم، لكنه يريد إنهاء مسيرة المهاجم البرازيلي التي استمرت ثماني سنوات في أنفيلد على أعلى مستوى. وساعد فيرمينو، الذي ينتهي عقده في يونيو (حزيران) المقبل، ليفربول على الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا والدوري الإنجليزي وكأس الاتحاد الإنجليزي وكأس العالم للأندية بين ألقاب كبرى أخرى منذ انضمامه من هوفنهايم في يونيو 2015. وقال كلوب للصحافيين أمس: «متفاجئ؟ نعم، قليلا، لكن من الطبيعي تماما في هذا النوع من العلاقات الطويلة بيننا وبين بوبي (فيرمينو) مع النادي. لقد أخبرني، ثم الشيء الآخر الوحيد الذي قاله هو، (الآن أريد أن أصل بهذه القصة الرائعة إلى نهاية إيجابية)».
وسجل فيرمينو (31 عاما) 108 أهداف في أكثر من 350 مباراة بجميع المسابقات، وكان جزءا من ثلاثي هجومي قوي مع محمد صلاح وساديو ماني، الذي رحل إلى بايرن ميونيخ في يونيو الماضي، ما ساعد ليفربول على الفوز بلقب الدوري 2019-2020. وأضاف كلوب: «كان ساديو وبوبي وصلاح معا لفترة طويلة من أفضل الثلاثيات الهجومية في كرة القدم العالمية». وسجل فيرمينو سبعة أهداف في 13 مباراة بالدوري قبل استراحة كأس العالم، لكنه غاب شهرين بعد تعرضه لإصابة في ربلة الساق وشارك في خمس مباريات فقط كبديل منذ عودته في فبراير (شباط). وشارك بديلا ليسجل الهدف الأخير لليفربول في الفوز 7-صفر على غريمه مانشستر يونايتد يوم الأحد الماضي.
كما تألق فيرمينو مع ليفربول لمع نجمه في صفوف المنتخب البرازيلي (غيتي)
وتعود بنا الذاكرة إلى اليوم الأخير من أغسطس (آب) 2019، عندما سحق ليفربول بيرنلي بثلاثية نظيفة على ملعب «تورف مور» بعد أداء أكثر من رائع، لكن المهاجم السنغالي ساديو ماني ظهر غاضبا للغاية أثناء استبداله في وقت متأخر من اللقاء وعبر عن إحباطه الشديد بسبب عدم تمرير محمد صلاح الكرة إليه. وبالتالي، كان من الطبيعي أن تتجه كل الأنظار إلى ماني وصلاح أثناء عودتهما إلى غرفة خلع الملابس بعد نهاية المباراة، لكن ذلك لم يحدث، فالذي جذب أنظار الجميع بعد ذلك هو روبرتو فيرمينو، الذي كان يسير بين ماني وصلاح، وهو ينظر بشكل مباشر إلى الكاميرا ويبتسم!
لقد كانت هذه لحظة رائعة، ومن المؤكد أن الكثيرين من عشاق ليفربول يتذكرونها جيدا الآن بعدما سمعوا الأخبار التي تفيد برحيل فيرمينو عن النادي الصيف القادم، لأنه بالنسبة لهم، لم يكن المهاجم البرازيلي مجرد عنصر أساسي في تشكيلة الفريق في حقبة المدير الفني الألماني فحسب، لكنه كان – أكثر من أي لاعب آخر – هو من يضفي البهجة على تلك الحقبة أيضا. لم تكن الابتسامة تفارق وجهه، وكان دائما ما يلعب من أجل مصلحة الفريق بمنتهى إنكار الذات، وكان يحتفل بإحراز الأهداف بركلة الكونغ فو الشهيرة. لقد كان «بوبي» هو مصدر السعادة لجمهور ليفربول في الكثير من الأوقات.
وبالتالي، فمن الطبيعي أن يكون هناك شعور بالحزن الشديد بين جمهور الريدز بسبب رحيل فيرمينو الوشيك، حتى لو كان ذلك مفهوما نظرا لأن عقده مع النادي ينتهي بنهاية الموسم الجاري، وربما يدرك أن هذا هو الوقت المناسب تماما للرحيل بعد ثماني سنوات مع الريدز، خاصة أن النادي يمر حاليا بمرحلة تجديد وإعادة بناء. لا يزال من غير الواضح إلى أين سينتقل المهاجم البرازيلي بعد ذلك، لكن الشيء المؤكد حقا هو أنه سيسافر إلى وجهته التالية بحقيبة مليئة بالذكريات والميداليات التي حصل عليها بعدما قاد ليفربول للحصول على الكثير من البطولات والألقاب.
يعد فيرمينو لاعبا عظيما في فترة عظيمة من تاريخ ليفربول، على الرغم من أن بدايته مع الفريق كانت متواضعة للغاية بعد وصوله إلى ملعب «آنفيلد» قادما من هوفنهايم الألماني مقابل 29 مليون جنيه إسترليني في يونيو (حزيران) 2015. لقد بدا تائها في فريق ضل طريقه تحت قيادة بريندان رودجرز، ولم تتحسن الأمور بالنسبة له حتى بعد إقالة المدير الفني الأيرلندي الشمالي في أكتوبر (تشرين الأول) 2015 ومجيء يورغن كلوب بدلا منه. ودفع المدير الفني الجديد بفيرمينو في التشكيلة الأساسية لليفربول مرتين كصانع ألعاب، ثم أشركه كمهاجم صريح في المباراة التي فاز فيها ليفربول على تشيلسي على ملعب «ستامفورد بريدج»، وعلى الرغم من أنه لعب بشكل جيد، فإن مساهماته في إحراز أو صناعة الأهداف لم تكن بالشكل المطلوب.
لكن بعد ذلك جاءت رحلة ليفربول إلى مانشستر سيتي في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، حيث لعب فيرمينو مهاجما مرة أخرى، لكن هذه المرة كمهاجم وهمي ضمن خط هجوم مكون من ثلاثة لاعبين، مع منحه حرية كبيرة للتحرك في الأماكن الخطيرة داخل منطقة الجزاء وعلى الأطراف. تألق فيرمينو بشكل لافت للأنظار وقاد ليفربول للفوز بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد، بعدما سجل هدفا وصنع هدفين، وخلق الكثير من المشاكل لدفاعات مانشستر سيتي قبل أن يخرج مستبدلا في الدقيقة 77.
لعب فيرمينو دورا جديدا ومحوريا في الشكل الجديد لليفربول، بفضل إمكاناته وقدراته وفنياته الهائلة، ومجهوده الوفير داخل المستطيل الأخضر، وطريقة لعبه المميزة التي يُسخر من خلالها كل قدراته لخدمة الفريق بمنتهى إنكار الذات، فضلا عن ذكائه الكروي وتحركاته الواعية، سواء في حال الاستحواذ على الكرة أو من دونها. لقد كان يقدم أفضل ما لديه داخل الملعب، بل ويساعد زملاءه من حوله على التألق أيضا. لقد كان تأثيره على الفريق مذهلا حقا، خاصة بعد وصول ماني وصلاح في الصيفين التاليين. لقد كان هؤلاء اللاعبون الثلاثة يكملون بعضهم البعض بشكل استثنائي، وشكلوا معا على مدار خمس سنوات واحدة من أفضل وأشرس الشراكات الهجومية في تاريخ كرة القدم الأوروبية على الإطلاق.
وعلى الرغم من أن فيرمينو ربما كان الأقل لفتا للأنظار في هذا الثلاثي الهجومي، فإنه كان محوريا ومؤثرا بشكل لا يمكن إنكاره في الدمار الذي كان هؤلاء اللاعبون الثلاثة يسببونه للفرق المنافسة.
ومع توالي الأهداف والحصول على البطولات والألقاب، كان السؤال الذي يطرح دائما هو: أي من هؤلاء اللاعبين الثلاثة سيرحل أولا؟ كان ماني أول الراحلين، وقد ترك فراغا هائلا في صفوف الفريق، الذي بدا أقل قوة بكثير من دون النجم السنغالي. من غير المرجح أن يترك فيرمينو نفس الفراغ الآن، خاصة أنه لم يكن لاعبا أساسيا في الفترة الأخيرة، حيث بدأ دوره مع الفريق يتراجع بشكل ملحوظ في أعقاب الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز في عام 2020.
وعلاوة على ذلك، فإن التعاقد مع ديوغو جوتا، ولويس دياز، وداروين نونيز، وكودي غاكبو خلال فترات الانتقالات اللاحقة، أدى إلى تراجع فيرمينو إلى أن يصبح الخيار السادس في خط هجوم ليفربول. ومع ذلك، فقد أظهر النجم البرازيلي قبل تعرضه لإصابة في ربلة الساق في نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما سجل تسعة أهداف وصنع أربعة أهداف أخرى في 25 مباراة، أنه لا يزال قادرا على تقديم المزيد – وكان الهدف الذي اختتم به السباعية في شباك يونايتد ضمن هذا المزيد – الأمر الذي اعترف به كلوب وجعله يرغب في مكافأته بتمديد عقده.
ومن المؤكد أن المدير الفني وجماهير ليفربول يشعرون بحزن شديد لرحيل هذا اللاعب الرائع في غضون أشهر قليلة من الآن. سوف يرحل فيرمينو قريبا، لكن ليفربول لن ينساه أبدا!