رياضة

فارس سعودي كفيف يروّض التحديات ويقفز فوق الحواجز «كأنه يراها»


فارس سعودي كفيف يروّض التحديات ويقفز فوق الحواجز «كأنه يراها»


الأحد – 28 رجب 1444 هـ – 19 فبراير 2023 مـ


الفارس السعودي بدر الشراري يمتطي حصانه «ستار» في أحد التدريبات اليومية (أ.ف.ب)

الرياض: «الشرق الأوسط»

يمتطي السعودي بدر الشراري حصانه «ستار» بثبات ويتأهّب للقفز به فوق حواجز خشبية، وينجح في ذلك وسط تصفيق وتشجيع كبيرين من الحضور، فالحركة التي قد تبدو اعتيادية للفرسان تتطلّب تركيزاً كبيراً مضاعفاً منه كونه كفيفاً.
ويتدرب الشراري (35 عاماً) 3 مرات أسبوعياً منذ يونيو (حزيران) 2021، حتى حصل على بطاقة فارس من الاتحاد السعودي للفروسية مطلع الشهر الحالي كأول فارس كفيف بالمملكة.
وأكّد الشراري الذي يعمل في قطاع البيانات بشركة خاصة، أنّ تجربته مع الخيل غيّرت حياته وعزّزت بالفعل من قدراته.
وقال وهو يرتدي بنفسه ملابس الفروسية، إنّ ركوب الخيل منحه «ثقة أكثر في النفس وقوة أكبر» لخدمة نفسه في كثير من أموره الشخصية.
وأضاف الشاب الذي ارتدى بنطالاً ضيقاً أسود اللون وقميصاً أزرق، واعتمر خوذة سوداء وهو يهمّ بركوب فرسه: «كنت انطوائياً ولم أكن أغادر المنزل كثيراً».
وتابع وهو يشدّ اللجام ويسيطر بحزم على فرسه فوق المضمار الرملي المحاط بالنخيل: «علاقتي مع الخيل كسرت حاجز الانطوائية وأصبحت أختلط مع الناس أكثر».
وأكّد بفخر: «إذا كنت أستطيع ترويض الخيل، فيمكنني أن أفعل أي شيء».
ويقطع الشراري نحو 100 كيلومتر ذهاباً وعودة من منزله في حي طويق بغرب الرياض إلى مركز «مدهال» لتعليم الفروسية في حي الرمال بأقصى شرقي الرياض، بمساعدة من معاونه الأفغاني نسيم.
ولد الشراري كفيفاً كحال أمه وشقيقه الأصغر، لكنّه يقول: «أحاول طوال عمري ألا تمنعني إعاقتي من الاستمتاع بالحياة».
وبالفعل، يبدو الشراري مستمتعاً ومنطلقاً فوق فرسه الإنجليزي، رغم برودة الجو في الصباح الباكر، وهو يؤدي مختلف حركات الفروسية قبل أن يستمع لتوجيهات مدربه المصري استعداداً للقفز فوق الحواجز.
وخلال 4 محاولات، نجح الشراري في 3 منها في القفز من دون الاصطدام بالحواجز الخشبية.
ويصيح مدربه المصري أبو محمود فرحاً: «أترون كيف يقفز من دون ملامستها كأنه يراها؟».
للخيل مكانة كبيرة لدى السعوديين؛ إذ يحرص كثير منهم على تعليم أبنائهم الفروسية منذ نعومة أظافرهم، وكذلك على امتلاك الخيول العربية الأصيلة.
وتنتشر مدارس لتعليم الفروسية في أرجاء المملكة، وبات كثير منها حديثاً يخصّص دورات للمكفوفين والمصابين بالتوحد، لتعزيز قدراتهم الحركية والحسيّة.
ومن بين هؤلاء عبد الرحمن العتيبي، وهو صديق دراسة للشراري، انضم منذ 3 أشهر لدورة تعلّم الفروسية.
وقال الشاب البالغ 31 عاماً الذي يعاني من ضعف شديد في البصر: «بتّ أعتبر الحصان أخاً لي».
وتابع بتأثر: «أنا تغيرت من بعد الخيل. أصبحت اجتماعياً أكثر وأندمج مع الناس أكثر وأكوّن صداقات وعلاقات أكثر».
وبعكس الشراري، يمكن للعتيبي تمييز الحواجز الخشبية، لكن ليس بشكل واضح تماماً، وهو ما كان يجعله يخشى السقوط أرضاً.
واسترجع بدايته: «كنت خائفاً من فقرة قفز الحواجز. كنت متردداً. لكن مع الوقت كسرت هذا الخوف».
وأكّد العتيبي أنّه تجاوز كثيراً من مخاوفه في حياته عموماً. وقال بثقة: «الآن مثلاً أصبحت قادراً على التحرك بمفردي».
وأوضح مدير مركز «مدهال» للفروسية مشاري الذيابي، أنّ «الفروسية تعد علاجاً في تعزيز القدرات الذهنية والجسدية لدى الفارس بغض النظر عن حالته».
وتابع وهو يطالع تدريب الشراري والعتيبي، أنّ «الكفيف لديه القدرة والعزيمة والإصرار على التعلم، لكنّ المجتمع يُشعرِه بأنه غير قادر».
وبعدما أنهى تدريبه الذي استمر نحو ساعة، ترجّل الشراري من فرسه من دون مساعدة وضمه وقبّله، قبل أن يطالع هاتفه النقّال عبر تطبيق للمؤثرات الصوتية.
ونهاية الشهر الحالي، تنظم المملكة «كأس السعودية» للفروسية البالغ مجموع جوائزها أكثر من 35 مليون دولار، وهي الأعلى في العالم.
وقال الفارس الكفيف بحزم وهو يمسح عرقه: «طموحي أن أشارك يوماً في كأس السعودية بالفروسية. لمَ لا؟».



السعودية


سباق الخيول





المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى