“شرخ” في العلاقة بين واشنطن وكييف.. نقاط خلاف في الكواليس
لكن بعد مرور أكثر من عام على الحرب، أشار موقع “بوليتيكو” السياسي الأميركي، إلى خلافات متزايدة خلف الكواليس، بين واشنطن وكييف، بشأن أهداف الحرب، حيث تلوح علامات التوتر حول كيف ومتى سينتهي الصراع.
أهداف غير واضحة
وقال النائب الأميركي مايكل ماكول (جمهوري من تكساس)، وهو رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب: “ليس لدى الإدارة الأميركية هدف سياسي واضح. هل نبقى على موقفنا ونعيش الحرب الطويلة، وهو بالضبط ما يريده فلاديمير بوتين؟.. هل نمنح أوكرانيا ما يكفي للبقاء على قيد الحياة وليس الانتصار؟ لا أرى سياسة لتحقيق النصر في الوقت الحالي، وإذا لم يكن لدينا ذلك، فماذا سنفعل؟ “.
وفي العلن، كان هناك ترابط بين بايدن والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وهو أمر بدا الشهر الماضي عندما قام الرئيس الأميركي بزيارة سرية ومثيرة إلى كييف.
لكن بناء على محادثات أجراها بوليتيكو مع 10 مسؤولين ومشرعين وخبراء، ظهرت لنا نقاط توتر جديدة:
- كشف حقيقة تخريب خط أنابيب للغاز الطبيعي على قاع المحيط الأطلسي.
- الدفاع الوحشي المستنزف عن مدينة أوكرانية غير مهمة من الناحية الاستراتيجية.
- خطة للقتال من أجل منطقة ترسخت فيها القوات الروسية منذ ما يقرب من عقد من الزمان، وهي شبه جزيرة القرم.
ويؤكد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية أن الوحدة بين واشنطن وكييف متينة، لكن الشروخ التي ظهرت قد تعني انجلاء الشقوق في تلك العلاقة القوية.
حصار باخموت
لمدة تسعة أشهر، فرضت روسيا حصارا على باخموت، على الرغم من أن الاستيلاء على المدينة الواقعة في جنوب شرق أوكرانيا، لن يفعل شيئا يذكر لتغيير مسار الحرب، وفقا للموقع.
لقد أصبحت باخموت النقطة المحورية للقتال في الأسابيع الأخيرة، حيث قاد جنود مجموعة فاغنر الموالية لروسيا، القتال ضد القوات الأوكرانية. عانى الجانبان من خسائر فادحة، وحولت المدينة إلى أطلال مشتعلة.
أصرت أوكرانيا على القتال، رافضة التخلي عن المدينة المدمرة، حتى وإن كانت التكلفة باهظة.
وقال العقيد الجنرال أولكسندر سيرسكي، قائد القوات البرية الأوكرانية: “كل يوم من أيام الدفاع عن المدينة يتيح لنا كسب الوقت لإعداد الاحتياط والاستعداد للعمليات الهجومية المستقبلية”.
قلق أميركي من التمسك بـ”معركة خاسرة”
بدأ العديد من مسؤولي إدارة بايدن في إبداء القلق من أن أوكرانيا تنفق الكثير من القوى العاملة والذخيرة في باخموت، حيث يمكن أن تستنزف قدرتهم على شن هجوم مضاد كبير في الربيع المقبل.
قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن: “أنا بالتأكيد لا أريد أن أستبعد العمل الهائل الذي قام به الجنود والقادة الأوكرانيون للدفاع عن باخموت، لكنني أعتقد أنه ذو قيمة رمزية أكثر من كونه قيمة استراتيجية وتشغيلية”.
تخريب خط الأنابيب
النقطة الثانية التي وسعت الشرخ، هي اكتشاف بعض الدلائل الصادمة من لغز تخريب خط الأنابيب الذي ينقل الغاز الروسي إلى أوروبا.
أشار تقييم أجرته المخابرات الأميركية إلى أن “مجموعة مؤيدة لأوكرانيا” كانت مسؤولة عن تدمير أنابيب الغاز الطبيعي نورد ستريم في الخريف الماضي، مما يسلط الضوء على لغز كبير.
كانت المعلومات الاستخباراتية الجديدة، التي أوردتها صحيفة نيويورك تايمز لأول مرة، تفتقر إلى التفاصيل، لكنها أطاحت بنظرية مفادها أن موسكو كانت مسؤولة عن تخريب خطوط الأنابيب التي تنقل الغاز الروسي إلى أوروبا.
لا يعتقد محللو المخابرات أن زيلينسكي أو مساعديه متورطون في التخريب، لكن إدارة بايدن حذرت كييف، مثلما فعلت عندما قتل انفجار سيارة مفخخة في موسكو ابنة مواطن روسي بارز العام الماضي، من أن أعمال عنف معينة خارج حدود أوكرانيا لن يتم التسامح معها.
طلبات أوكرانية مستمرة
كما كان هناك، في بعض الأحيان، حالة إحباط بشأن تسليم واشنطن أسلحة إلى أوكرانيا.
لقد أرسلت الولايات المتحدة، معظم الأسلحة والمعدات إلى الجبهة، لكن كييف كانت تتطلع دائما إلى الحصول على المجموعة التالية من الإمدادات، وكأن الأمر لن يكون كافيا أبدا، وفقا للموقع.
وعلى الرغم من أن معظم أعضاء الإدارة الأميركية كانوا يتفهمون يأس كييف للدفاع عن نفسها، فقد كان هناك تذمر أميركي بشأن الطلبات المستمرة، وفي بعض الأحيان، لم يُظهر زيلينسكي الامتنان المناسب، وفقا لاثنين من مسؤولي البيت الأبيض غير المصرح لهم بالتحدث علنا عن المحادثات الخاصة.
تستر أميركي
كما أدى تقرير صدر مؤخرا عن قيام البنتاغون بمنع إدارة بايدن من مشاركة أدلة على جرائم حرب روسية محتملة مع المحكمة الجنائية الدولية، إلى إحداث شرخ آخر في الوحدة الأميركية الأوكرانية.
وشعر مسؤولو البيت الأبيض بالفزع عندما ظهرت قصة نيويورك تايمز، خوفا من أن تلحق الضرر بالقضية الأخلاقية التي تبنتها الولايات المتحدة، لدعم أوكرانيا ضد جرائم الحرب الروسية.
شكوك جمهورية
وعلى الرغم من تعهد بايدن بتقديم دعم ثابت، حيث لا زالت الخزائن مفتوحة في الوقت الحالي، إلا أن الولايات المتحدة كانت واضحة مع كييف بأنها لا تستطيع تمويل أوكرانيا إلى أجل غير مسمى على هذا المستوى.
وبينما كانت قضية دعم أوكرانيا تحصل على تأييد الحزبين الأميركيين، إلا أن عددا متزايدا من الجمهوريين بدأوا في التعبير عن شكوكهم حول استخدام “الكنز الأميركي” لدعم كييف، دون نهاية تلوح في الأفق لحرب بعيدة جغرافيا.
علاوة على ذلك، أعرب البنتاغون باستمرار عن شكوكه فيما إذا كانت القوات الأوكرانية، على الرغم من كونها مسلحة بأسلحة غربية متطورة، ستكون قادرة على طرد روسيا من شبه جزيرة القرم، حيث ترسخت منذ ما يقرب من عقد من الزمان.
في الوقت الحالي، استمر بايدن في التمسك باستراتيجية ترك الولايات المتحدة جميع القرارات المتعلقة بالحرب والسلام لزيلينسكي كي يتخذها.
لكن وفقا لبوليتيكو، بدأت “الهمسات المستاءة” تنتشر في جميع أنحاء واشنطن، حول مدى إمكانية الدفاع عن تلك الاستراتيجية مع استمرار الحرب، بينما تلوح انتخابات رئاسية أخرى في الأفق.