Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
أخبار العالم

“سيناريو تيتانيك”.. هل يتكرر في مشهد “الاقتصاد العالمي”؟



يستخدم هذه الزاوية الاستاذ الزائر في جامعة سنغافورة الوطنية وفي المعهد الآسيوي للإدارة في مانيلا، الدكتور فينود توماس، لوصف مشهد الاقتصاد العالمي في مقاربة موازية، حيث يدعم افتراض مماثل للبنية المالية الدولية اليوم في مواجهة الأزمات المتعددة، ومن بينها (تغير المناخ الجامح والصدوع المالية والوباء والمخاطر الجيوسياسية، وحتى الجيل القادم من الذكاء الاصطناعي، والنقص العالمي في المياه والغذاء).

ويقول إن القيادة الدولية، يبدو أنها تتصور أنه إذا اندلعت أزمتان أو أكثر في وقت واحد، فإن النظام سوف يظل يطفو على السطح.. “إلا أن هذا الافتراض خاطئ بشكل واضح؛ ذلك أن التفاعل بين أزمة المناخ والهشاشة المالية وحدهما يهددان بمخاطر محتملة لا يمكن التغلب عليها ما لم يتم اتخاذ إجراءات فورية”.

ويشير في هذا السياق إلى وصول الدين العالمي إلى مستويات غير مسبوقة، بما يثقل كاهل النظام الذي لا يزال يهتز بسبب تبعات وباء كورونا، موضحاً في الوقت ذاته أن نظام الظل المصرفي المؤلف من “الوسطاء الماليين غير المصرفيين”، والذي قد نشأ في أعقاب الأزمة المالية في عام 2008، يهيمن الآن على نحو نصف التمويل العالمي.

ويبلغ التمويل غير المنظم المنسوب إلى المؤسسات المالية غير المصرفية نحو 240 تريليون دولار.

علاوة على ذلك تؤدي مخاطر أخرى، مثل الحرب في أوكرانيا، إلى زيادة العبء على النظام الاقتصادي العالمي، جنباً إلى جنب مع التهديدات الناتجة عن أزمة المناخ الأسوأ من المتوقع.

ثالوث الأزمات “المُدمر”!

في هذا السياق، يتحدث مدير مركز رؤية للدراسات الاقتصادية، بلال شعيب، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، عن ثلاث أزمات جوهرية من شأنها أن تقود إلى تحوّلات بالنظام الاقتصادي العالمي على نحو واسع، بعدما أظهرته من عوامل خلل واسعة وهشاشة مالية، وهي (جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، وأزمة التغير المناخي).

ويشرح شعيب ذلك بقوله:

  • العالم مرّ بأزمات لم يكن أكثر المتشائمين يتوقعونها، مثل جائحة كورونا.
  • جائحة كورونا أزمة صحية في المقام الأول، لكن صاحبتها تداعيات اقتصادية شديدة الخطورة، مع توقف النشاط الاقتصادي بشكل كامل وتأثر مختلف القطاعات، ثم في مرحلة ما بعد فتح الاقتصادات من جديد والتكالب على طلب السلع والخدمات، وبما تسبب في تضخم ناتج عن ارتفاع الطلب.
  • كذلك الحرب في أوكرانيا، وهي أيضاً ليست أزمة اقتصادية بحتة، إنما هي صراع سياسي وعسكري، بين طرفين يمثل كل طرف منهما تحالفات أوسع (..) وهي الأزمة التي لها تداعيات اقتصادية سلبية أكبر من تداعيات كورونا، وقد تسببت في “ركود تضخمي” في الوقت الذي حدثت فيه قفزة كبيرة في الأسعار ناتجة عن زيادة التكلفة.
  • شهد الاقتصاد العالمي تباطؤاً في معدلات النمو، فضلاً عن ارتفاع معدلات البطالة، وهدد شبح الركود عديداً من الاقتصادات حول العالم، في وقت واجه فيه العالم أزمات مختلفة من بينها أزمة سلاسل التوريد، وارتفاع أسعار السلع الغذائية، وأزمة الحبوب والطاقة.. إلخ.

ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أنه في ظل التحديات الواسعة التي تلف الاقتصاد العالمي، ومع معاناة العالم من التضخم، ظهرت واحدة من المشكلات الكبيرة فيما يخص لجوء بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى اتباع سياسة متشددة، تقضي برفع معدلات الفائدة لحماية الاقتصاد الأميركي وكبح جماح التضخم بالبلاد، وهو ما انعكس بتأثيرات سلبية واسعة على الاقتصادات الناشئة، التي تشهد أزمات في العملة الأجنبية (مع هروب الاستثمارات) وكذلك ارتفاع كلفة وأعباء الديون.

وفي ظل هذا المشهد، ومع الاعتماد على الدولار كلاعب رئيسي في تحديد مسارات الاقتصاد العالمي، تعزز التفكير خلق مسارات اقتصادية بديلة للهروب من سيطرة الدولار، وهو ما تعبر عنه تحالفات من بينها تكتل “بريكس” على سبيل المثال، وبما ينذر بخلق تحولات في الاقتصاد العالمي، بعد التجارب المريرة التي عانت منها البلدان الناشئة تحت وطأة الهيمنة الدولارية، وفق شعيب.

ويتحدث كاتب المقال المشار إليه بشكل خاص عن تبعات أزمة تغير المناخ، موضحاً أن:

  • نقاط التحول المناخية الـ 16، التي حددتها مجموعة من الباحثين في مقال نشر في مجلة ساينس، هي بمثابة محفزات لانهيار محتمل في الأسواق المالية العالمية شديدة الاستدانة.
  • لقد فشلت الأسواق، بما في ذلك الهيئات التنظيمية والبنوك المركزية، في دمج المخاطر المادية والانتقالية والمخاطر المتعلقة بالمسؤولية الناجمة عن تغير المناخ في بيانات السوق التي يمكن ملاحظتها.
  • تأثيرات تغير المناخ على نقص الغذاء وانهيار سلسلة التوريد من شأنها أن تجعل النظام الاقتصادي العالمي أكثر هشاشة.
  • سترتفع مستويات الأسعار بسبب ضخ كميات كبيرة من السيولة في النظام المالي العالمي، نتيجة للإجراءات الدفاعية مثل عمليات إنقاذ البنوك المركزية، وسوف تطرق البنوك أبواب البنوك المركزية لدرء تأثير تخلف شركات التأمين عن السداد.

وتبعاً لذلك، فإن التحرك العالمي الآن لابد وأن يرتكز على الاعتراف بأن الأزمة التي كانت تبدو ذات يوم بعيدة المنال قد وصلت بالفعل (..).

وفي هذا السياق، وبالعودة لحديث شعيب، فإنه يلفت إلى الآثار الاقتصادية واسعة المدى للتغير المناخي على الاقتصاد العالمي، مشيراً على سبيل المثال إلى تأثيرات تغير المناخ على قطاعات بعينها مثل القطاع الزراعي، وبما يضع العالم أمام مهددات شح المحاصيل الزراعية ومع ارتفاع الطلب وزيادة الأسعار، وغيرها من الإشكاليات التي كان يُنظر إليها بوصفها مشاكل بعيدة المدى، لكنها تحدث وتتسبب في كثيرٍ من المشكلات الحالية والمستقبلية ما إن لم ينتبه العالم لها بشكل جاد.

وتبعاً لذلك يرى أنه يتعين أن تكون هناك مراجعة حقيقية وعملية لأسس الاقتصاد العالمي وبما يحدث تحولات منطقية للتعامل مع التحديات الراهنة والاختلالات التي كشفت عنها التبعات الاقتصادية الصعبة للمشكلات المذكورة بدءًا من وباء كورونا ووصولاً للحرب في أوكرانيا.

دور مجموعة العشرين

عندما وصل الغواصون إلى حطام تيتانيك في قاع المحيط، وجدوا جسم السفينة سليم تقريباً، فالأضرار التي لحقت بمنطقة واحدة فقط أدت إلى غرقها.

ولتجنب مصير مماثل، يتعين على مجموعة العشرين أن تستخدم منصتها الفريدة للتحرك الآن، كما يقول الاستاذ الزائر في جامعة سنغافورة الوطنية وفي المعهد الآسيوي للإدارة في مانيلا، الدكتور فينود توماس، في مقاله المذكور، والذي يشدد خلاله على أهمية أن تلتزم الـ G20 بأخذ زمام المبادرة في معالجة الهشاشة المتأصلة في البنية الحالية، والتحرك بسرعة لتنظيم الجوانب الرئيسية المرتبطة بالمخاطر المناخية المتزايدة، بما في ذلك فرض رسوم على رأس مال البنوك مقابل الأنشطة كثيفة الكربون.

وبالإضافة إلى ذلك، يتعين على الهيئات التنظيمية والبنوك المركزية دمج مخاطر المسؤولية الناجمة عن تغير المناخ في بيانات السوق، وهذا يعني أن الأسواق المالية ستحتاج إلى ضمان تكلفة أقل لرأس المال للأوراق المالية ذات التعرض المنخفض لمخاطر تغير المناخ أو التي تحمل وعوداً قوية بالتخفيف.

تحولات بالاقتصاد العالمي

ومن جانبه، يعتقد مستشار البنك الدولي، استاذ الاقتصاد الدكتور محمود عنبر، بأن ما يعيشه المشهد الاقتصادي الحالي من تغيرات ناتجة عن (الاستفادة من دروس الأزمات الاقتصادية الأخيرة) هو أمر طبيعي، خاصة أن التطورات الجيوسياسية التي يعيشها العالم (تحت وطأة الحرب في أوكرانيا وغيرها من المتغيرات ذات الصلة) تضغط على الاقتصادات الناشئة بشكل خاص، وتضفي مزيداً من التحديات أمامها، وبالتالي تتطور رؤى وتحالفات جديدة هادفة إلى معالجة ومواجهة تلك التحديات.

يستشهد عنبر هنا بتكتل “بريكس” الذي أعلن أخيراً عن دعوة ست دول جديدة للانضمام إليه، وهو التكتل الهادف إلى مواجهة المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، في وقت تحوّل فيه الصراع بشكل واضح على الساحة العالمية (الاقتصادية والسياسية) إلى معسكرين رئيسييين (شرقي وغربي) وبما ينعكس بشكل مباشر على الترتيبات الاقتصادية الجديدة الحالية”.

وينوه بأن الاقتصاد العالمي ينتظر مزيداً من التغيرات والتطورات الواسعة في المرحلة المقبلة، مع سعي روسيا والصين إلى الخروج من عباءة الدولار الأميركي وهيمنته، وإبرام اتفاقات للتبادل بالعملات المحلية بين عديد من الدول، ووسط تطلعات تكتل “بريكس” نحو عملة خاصة واتفاقات مماثلة للتبادل التجاري بعملات الدول الأعضاء.

ويرى مستشار البنك الدولي أن التطورات المذكورة تفتح الباب واسعاً أمام تغيرات جذرية في الاقتصاد العالمي ينتقل معها من اقتصاد يهيمن عليه القطب الواحد (الولايات المتحدة) إلى نظام متعدد الأقطاب مع بزوغ قوى كبرى في مواجهة هيمنة الدولار تعمل فيها بينها بنوعٍ من التكامل.





المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى