سانا مارين: رئيسة وزراء فنلندا تخسر سباق الانتخابات التشريعية أمام المحافظ بيتيري أوربو
- بول كيربي
- بي بي سي نيوز
فاز زعيم حزب “الائتلاف الوطني” الفنلندي المحافظ، بيتيري أوربو، في سباق انتخابات تشريعية ضمت ثلاثة أحزاب، متغلبا على حزب “الاشتراكي الديمقراطي” يسار الوسط بزعامة رئيسة الوزراء المنتهية فترة ولايتها، سانا مارين.
وحصل أوربو على 20.8 في المئة من الأصوات، ليتغلب على حزب “الفنلنديين” اليميني الشعبوي، الذي حصل على 20.1 في المئة من الأصوات، وعلى يسار الوسط الذي حصل على 19.9 في المئة، في هزيمة مريرة لمارين.
وقال أوربو: “حصلنا على التفويض الأكبر”، بعد ليلة صعبة انحرفت فيها النتيجة تدريجيا بعيدا عن الاشتراكيين الديمقراطيين الذين تمثلهم مارين.
ولا تزال تتمتع مارين بشعبية كبيرة في استطلاعات الرأي، كما تحظى بإشادة على نطاق واسع لدفعها فنلندا نحو انضمام وشيك لحلف الناتو، وإدارتها الجيدة للبلاد خلال وباء كورونا.
وكانت زعيمة يسار الوسط قد أعلنت هزيمتها في الانتخابات، بعد وقت قصير من إعلان الزعيم المحافظ فوزه بها.
وقالت لأنصارها: “تهانينا للفائز في الانتخابات، تهانينا لحزب الائتلاف الوطني، وتهانينا لحزب الفنلنديين. لقد تحدثت الديمقراطية”.
وعلى مدار أسابيع كانت الأحزاب الثلاثة متكافئة تقريبا في استطلاعات الرأي، وبمجرد ظهور النتائج أصبح الأمر أقرب إلى التكهن به، وأعلنت هيئة الإذاعة الفنلندية العامة “واي إل إي” فوز “الائتلاف الوطني” الذي يتزعمه أوربو بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان.
وقال أوربو: “أعتقد أن الشعب الفنلندي يريد التغيير. إنهم يريدون التغيير وسوف أبدأ الآن التشاور وإجراء مفاوضات مع جميع الأطراف”.
وقال ماتي كويفيستو، مراسل الشؤون السياسية لهيئة الإذاعة الفنلندية العامة، إن الأجواء في معسكر المحافظين سادتها حالة من النشوة “عندما رأوا إعلان النتيجة، وأصبح واضحا أنهم سيفوزون”.
وهنأت زعيمة حزب “الفنلنديين”، ريكا بورا، منافسها من يمين الوسط، وأعربت عن سعادتها بتحقيق أفضل نتيجة في تاريخ حزبها.
وقالت: “ما زلنا نتحدى كي نحتل المركز الأول، لكن سبعة مقاعد إضافية نتيجة ممتازة”.
وأكد حزب “الفنلنديين” نجاحه في الفوز بمناطق أكثر من أي حزب آخر في البر الرئيسي لفنلندا. كما فازت ريكا بورا بعدد أصوات أكثر من أي مرشح آخر، كما سلط معلقون الضوء على جاذبية حزبها بالنسبة للناخبين الشباب من خلال التواصل معهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثل تطبيق تيك توك.
في غضون ذلك، تكبدت ثلاثة أحزاب أخرى في الائتلاف المنتهية ولايته، حزب الوسط وتحالف اليسار وحزب الخضر، هزيمة كبيرة.
وكانت سانا مارين، البالغة من العمر 37 عاما، أصغر زعيمة في العالم عندما انطلقت على الساحة السياسية في عام 2019، وترأست ائتلافا من خمسة أحزاب، بزعامة نسائية.
وعلى الرغم من ردها الإيجابي على الغزو الروسي لأوكرانيا، ركزت المعركة الانتخابية على الوضع الاقتصادي الفنلندي والدين العام، فضلا عن دعم الأحزاب الرئيسية لعضوية البلاد في حلف الناتو.
وينظر العديد من الفنلنديين إلى مارين على أنها شخصية مستقطبة، كما تعرضت العام الماضي لتدقيق شديد عندما ظهرت في مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي وهي تغني وترقص وتشرب في حفلة، وقال مؤيدون لها إن الجدل الدائر بشأنها قائم على التحيز الجنسي، ما دفع نساء في جميع أنحاء فنلندا والعالم إلى مشاركة مقاطع فيديو تضامنا معها وهن يرقصن.
وقال ماتي كويفيستو، من هيئة الإذاعة الفنلندية العامة، إن بيتيري أوربو، على النقيض من ذلك، لا يتمتع بصفات “جاذبية” سانا مارين.
وأضاف: “إنه سياسي محترف. يشارك في اللعبة منذ تسعينيات القرن الماضي، وهو مستقر وهادئ تماما. ويواجه انتقادات بأنه ربما يكون مملا وهادئا جدا، لكنه يعمل بشكل جيد في فنلندا”.
وسيكون أمام المحافظين الفرصة الأولى لتشكيل الحكومة، وإذا نجحوا في ذلك، سيصبح أوربو، البالغ من العمر 53 عاما، رئيس الوزراء المقبل في البلاد.
وتستطيع أوروبا توقع وجود محافظ مؤيد لها من الوسط الليبرالي، في ظل حكومة يتزعمها أوربو، مع التركيز على السياسة الاقتصادية.
وقال فيسا فاريس، أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة توركو، إن أوربو أقل جاذبية من سانا مارين وهو معتدل للغاية.
ويتطلب نظام التمثيل النسبي الفنلندي وجود ائتلاف يضمن الحصول على أكثر من 100 مقعد في البرلمان المؤلف من 200 مقعد لإدارة البلاد، وهذا لن يكون مباشرا.
وأمام أوربو بالفعل خياران، إما تشكيل ائتلاف يميني مع حزب “الفنلنديين” بزعامة ريكا بورا، أو التوصل إلى اتفاق مع الاشتراكيين الديمقراطيين الذين تمثلهم سانا مارين.
وقال فاريس: “حزب الفنلنديين شريك صعب للغاية لأنهم يفتقرون إلى الخبرة ولديهم نواب غير راضين عن أي شيء تقريبا”.
وأضاف: “الشيء الأكثر طبيعية هو التعاون مع الاشتراكيين الديمقراطيين. لكن (سانا مارين) كانت تنتمي إلى معسكر اليسار في حزبها ومن الواضح أنها لا تحب المحافظين”.
وتقول جينجي كريماكي، الباحثة السياسية في جامعة هلسنكي، أيضا إن مارين كانت مترددة في الإفصاح عن تطلعاتها.
وأضافت أن الاشتراكيين الديمقراطيين تخالجهم مشاعر مختلطة، لأنهم على الرغم من زيادة مقاعدهم في البرلمان، إلا أنهم لم يتمكنوا من أن يصبحوا أكبر حزب، فضلا عن عجزهم عن تمديد زعامتهم للحكومة.
وقالت: “لكن الثقافة السياسية الفنلندية معروفة بمرونتها. وهم معروفون بقدرتهم على التفاوض والتوصل إلى حلول وسط”.