زينب زعيتر: غضب عارم في لبنان بعد مساندة شقيقها لزوجها الذي قتلها أمام أولادها بذريعة “غسل العار”
ضجت مواقع التواصل الاجتماعي غضبا في لبنان بعد انتشار خبر مقتل زينب علي زعيتر (26 عاما)، على يد زوجها وأمام أعين أطفالها في محلة صحراء الشويفات في بيروت.
وتصدر وسم #زينب_زعيتر قائمة الوسوم الأكثر تداولا في لبنان، وأعرب كثير من المغردين عن غضبهم من هول الحادثة ومن تكرار جرائم قتل النساء تحت ذريعة “الشرف” و”غسل العار”.
تفاصيل الجريمة
وبحسب وسائل إعلام محلية، فقد أقدم زوج الضحية على قتل زوجته زينب عمدا في منزلهما الواقع في منطقة الشويفات، في محافظة جبل لبنان.
ونقلت تقارير صحفية عن أحد جيران الجاني، أن “الزوج كان جالسا في مقهى قريب من منزله قبل تلقيه اتصالا من شخص مجهول، انتفض على إثره من مكانه واتجه مباشرة إلى منزله حيث نفذ جريمته بعدها بدقائق. وبعد ذلك هرب مع أطفاله الثلاثة تاركا زوجته مضرجة في دمائها وتوارى عن الأنظار”.
ونقلت وسائل إعلام عن الجار قوله إنه “بعد دقائق فقط من تلقي الزوج، الذي يعاني منذ زمن طويل من اضطرابات عصبية الاتصال، قام بتنفيذ فعلته بدافع “الشرف”، لأنه لم يتحمل سماع خبر “خيانة زوجته له”، على حد تعبيره.
بينما تقول رواية أخرى إن الدافع كان “عثور الزوج خلال تفتيشه هاتف زوجته على صور لها بدون حجاب”.
ولم يتسن لمدونة بي بي سي ترند التثبت وتأكيد صحة أيّ من تلك الروايات بشكل مستقل، إذ لا يزال الجاني متوارياً عن الأنظار والرواية الأمنية غير مكتملة التفاصيل حتى وقت نشر هذا المقال.
تصريحات مصدر أمني لبي بي سي
وفي اتصال مع مدونة بي بي سي ترند، أكد مصدر أمني مطلع أن “القوى الأمنية اللبنانية قد فتحت تحقيقا بالجريمة التي أودت بحياة زينب”.
وبحسب المصدر فقد “عاين خبراء الأدلة الجنائية مكان الجريمة وختموه بالشمع الأحمر”.
وأضاف المصدر الأمني أن “القاتل توارى عن الأنظار ولا يزال البحث جاريا لإلقاء القبض عليه”.
فيديو شقيق الضحية
وبعد وقوع الجريمة، انتشر مقطع مصور لشقيق الضحية وأقاربها أثار غضبا عارما، وفاقم حالة الاستياء في الشارع اللبناني.
فقد ظهر شقيق الضحية، حسن الشهير بـ”حسّونة”، وهو يفتح مقهى قاتل أخته ويفاخر بما ارتكبه الأخير، ويعلن أنه “كان سيقدم على قتل شقيقته بعدما تلقى اتصالا من زوجها الذي سبقه لذلك”، ثم أكد بعد ذلك أنه “لا ثأر بينهما”.
كما يظهر في المقطع المتداول شخص ثالث يقول: “حسونة وحسن أخوة وشرف واحد. حسن غسل عاره وعار حسوّنة، والموضوع انتهى”.
الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية
وفي رد فعل على مقتل زينب وانتشار مقطع الفيديو الذي ظهر فيه شقيقها، أوضح المكتب التنفيذي للهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية أنه “بعد مرور 9 سنوات على إقرار قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري على إثر تكاثر جرائم قتل النساء، يعترينا الذهول اليوم أمام الجريمة المروّعة التي ارتكبها المدعو حسن موسى زعيتر بقتل زوجته زينب زعيتر بعشر طلقات نارية أمام أطفاله الثلاثة. وتقف الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية أمام اللبنانيين واللبنانيات للتذكير بالتالي: لم يتوقّف مسلسل قتل النساء في لبنان وتعنيفهن، ولا حتّى الجرائم المروّعة والفظيعة بحقّهنّ”.
وشدد المكتب في بيانه على أنّ “غض الجانب والصمت القضائي والأمني وحتى المجتمعي عن هذه الجرائم والادعاء أن “الشرف يبررّها” يفاقم من نشر الجهل والعنف في مجتمعاتنا، وإن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للإعلان عن تأييد شقيق الضحية للجريمة يزيد في نشر التعمية ويُنذر بخطر ارتفاع أصوات تبرّر الجريمة تمهيداً للعفو عن المجرم”.
وأشار المكتب إلى أن “ما كان يسمّى بجريمة الشرف ألغي من القوانين اللبنانية ولا يعترف القانون اللبناني لا بعذر محلّ ولا بعذر مخفّف لما كان يوصف في الماضي “بجريمة شرف”.
وطلب المكتب من الأمن والقضاء “التحرك بسرعة لتطبيق القانون، والمطلوب هو توقيف ومعاقبة القاتل وتوقيف ومعاقبة كلّ من يعلن عن تأييد ارتكابه. المطلوب أيضاً وقف الظلم الذي تعاني منه النساء بسبب القوانين المجحفة بحقوقهنّ وبسبب عدم إعارة الاهتمام الكافي لإصلاح الممارسات المتخلّفة تجاههنّ”.
وختم بيان المكتب بالقول: “اليوم ليس للاستنكار أو المناشدة، إنه يوم صرخة ضمير وصحوة للإنسانية في النفوس الراكدة. لا يجوز ترك اللبنانيين واللبنانيات عرضةً للإجرام. شعبنا يستحقّ العيش بأمان. نتوجه إلى السادة النواب والقضاة والمحاكم الشرعية والروحيّة والمذهبية والقوى الأمنية، بالقول: حققوا العدالة الآن، طبّقوا القانون”.
“الاحتفاء بقتلة النساء”
وقد اجتاحت موجة من الغضب مواقع التواصل الاجتماعي تنديدا بجرائم العنف الأسري في العالم العربي.
وأثارت قضية زينب زعيتر دعوات لتطبيق قوانين تحمي النساء من العنف في لبنان.
وشاركت كثير من النساء عبر موقع تويتر تغريدات تضامن من خلالها مع زينب.
وأشارت مغردات لبنانيات إلى أن الفيديو المنتشر لشقيق الضحية فيه “تحقير وإهانة للقضاء وحضّ على جرائم القتل وتشجيع على طمس مبدأ المحاسبة والعدالة لصالح قيم عشائرية رجعية لا تعطي أية قيمة للنساء”.
ومن جهتها، قالت ديانا مقلد: “الاحتفاء بقتلة النساء أي رسالة للبنانيات اللواتي تابعن اجتماعاً عشائريا يحتفي بقتل امرأة ويبارك للقتلة يجاهرون بما فعلوا بلا أي خوف؟ جريمة قتل زينب زعيتر والاحتفال بها من القتلة والعشيرة مروعة في دلالاتها والأخطر أنها تحصل تحت سمع وبصر سلطة كرست مبدأ الإفلات من المحاسبة”.
“غياب قوى الأمن”
كما تساءل كثير من المغردين عن “غياب القوة الأمنية”.
فقالت ليال حداد: “قتل المدعو حسن موسى زعيتر (27 سنة) زوجته ووالدة أطفاله الثلاثة، الضحية زينب علي زعيتر (26 سنة، لبنانية) بعشر رصاصات في صحراء الشويفات. وغداة “جريمة الشرف” أبلغ شقيق الضحية الزوج أن لا ثأر بينهما وأنه غسل عاره. لا أعرف ماذا عملت القوى الأمنية، على الأرجح مشغولين بفرق التوقيت”، في إشارة إلى حالة الجدل الأخيرة التي يعيشها لبنان بعد قرار مجلس الوزراء تأجيل بدء العمل بالتوقيت الصيفي إلى ما بعد شهر رمضان.
بينما وجه مغردون تساؤلات إلى رجال الدين عن “موقفهم من تلك الجريمة ومن هؤلاء المجرمين؟ وإلى متى سيظل حكم العشائر والتخلف بدون عقاب؟”.
بيان “حزب لنا”
ومن جهته، أعلن “حزب لنا” الديموقراطي الاجتماعيّ، في بيان يوم الثلاثاء، أن “زينب زعيتر، ضحيّة جديدة قتلت صباح السبت على يد زوجها المدعو حسن زعيتر برصاصات عشرة أردت بها على الفور، منهية حياة شابّة في الـ 26 من عمرها وأمّ لثلاثة أطفال”، لافتًا إلى أنّها “ليست الجريمة الأولى التي تطال النساء، بغياب قوانين رادعة تحميهنّ من مختلف أشكال العنف القائم على أساس النوع الاجتماعيّ”.
وأشار الحزب الى أن “هذا الواقع يفاقمه نهج الإفلات من العقاب، وهو ما شهدناه مؤخّرًا مع محاولات القاضي إيجاد أسباب تخفيفيّة لمرتكب جريمة أنصار خلال محاكمته”.
وتابع بيان الحزب: “نؤكّد كديمقراطيّين اجتماعيّين الحاجة إلى قضاء مستقلّ وإلى تفعيل القوانين التي تجرّم العنف ضدّ النّساء وتشديد العقوبات فيها، وإزالة كافّة أشكال التّمييز على أساس الجندر في القوانين، وتثبيت المساواة الجندريّة أولويّة في العمل السياسيّ والنضاليّ والاجتماعيّ.”
كما شدّد على “وجوب إجراء تحقيق فوريّ وضمان محاكمة عادلة وسريعة في جريمة قتل الضحيّة زينب زعيتر. العدالة لزينب والعزاء لأسرتها وأصدقائها”.
ماذا يقول القانون اللبناني؟
- اصطلح على تسمية الجرائم التي ترتكب تحت ذريعة “اتقاء العار” أو “الدفاع عن العرض أو الشرف أو العائلة” بـ”جرائم الشرف”، وقد نصّت معظم القوانين العربية على أحكام خاصة بجرائم الشرف، منها ما يعفي الفاعل من العقاب (عذر محلّ) ومنها ما يعطيه عذراً مخففاً.
- تناولت جرائم الشرف المادة 562 من قانون العقوبات اللبناني التي كانت تسمح لمرتكب هذا الجرم بالاستفادة من العذر المحلّ من العقاب؛ أي تعفي من العقاب كل من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنى المشهود أو في حالة الجماع غير المشروع، فأقدم على قتل أحدهما أو إيذائه بغير عمد، بينما يستفيد مرتكب القتل من العذر المخفف إذا فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في حالة مريبة مع آخر.
- إلا أنه بموجب القانون الرقم 7/99 الصادر بتاريخ 20/2/1999 أُلغيت المادة 562 واستعيض عنها بالنص الآتي: “يستفيد من العذر المخفّف من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في حالة الزنى المشهود أو في حالة الجماع غير المشروع فأقدم على قتل أحدهما أو إيذائه بغير عمد”، إذ تناول التعديل “العذر المحلّ” ليصبح “عذراً مخفّفاً” إضافة إلى إلغاء الفقرة الثانية من المادة 562 القديمة.