زلزال تركيا وسوريا: لماذا استغرق وصول مساعدات الأمم المتحدة كل هذا الوقت؟
- بي بي سي نيوز عربي
- الخدمة العالمية
قال خبراء قانونيون لبي بي سي، إن تأخُّر الأمم المتحدة في توصيل مواد إغاثية إلى الضحايا السوريين جراء الزلزال المدمر الذي ضرب شمالي بلادهم وجنوبي تركيا الشهر الماضي، لم يكن مبررا.
وأضاف هؤلاء الخبراء أن الأمم المتحدة لم تكن بحاجة إلى انتظار إذن بالدخول من الحكومة السورية ولا إلى قرار من مجلس الأمن، وأنه كان أولى بها الاحتكام للقانون الدولي عبر تفسير أكثر رحابة لنصوصه.
واستغرق الأمر أسبوعا حتى حصلت الأمم المتحدة على موافقة من الرئيس السوري لفتح معبر إضافي للوصول إلى شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة المسلحة.
وتقول الأمم المتحدة نفسها إن مصير ضحايا الزلازل يُحسم في 72 ساعة من وقوعها.
وقالت سارة الكيالي، الباحثة في انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في سوريا، لبي بي سي: “عنصر الزمن وفورية الاستجابة من أهم الأمور في التعامل مع أي زلزال. ولقد اكتفت الأمم المتحدة بالوقوف بعيدا دون حراك كالمشلولة تماما”.
وقتلت سلسلة من الزلازل المدمرة الشهر الماضي أكثر 4,500 شخصا وأصابت أكثر من 8,700 بجروح في شمال غربي سوريا، بحسب بيانات الأمم المتحدة. وفي تركيا، قتلت تلك الزلازل ما لا يقل عن 45,968 شخصا، بحسب مسؤولين أتراك.
وقال أندر غيلمور، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لحقوق الإنسان سابقا، لبي بي سي: “لو قال القانون إنه ليس في الإمكان تزويد رضيع يتضور جوعا بمسحوق لبن مجفف بسبب مسائل تتعلق بالمرور من معبر دولي، فسُحقاً لذلك القانون”.
وتواصلت بي بي سي مع أكثر من عشرة خبراء قانونيين، بينهم محامون بارزون، وأساتذة قانون، وقضاة متقاعدون من محكمة العدل الدولية، فضلا عن مسؤولين قانونيين سابقين لدى الأمم المتحدة. وقالوا جميعا إن وفيات كثيرة جراء الزلزال كان يمكن ألا تقع لو أن الأمم المتحدة احتكمت لتفسير آخر لنصوص القانون الدولي يسمح لها بالوصول إلى المنكوبين في شمال غربي سوريا.
وفي المقابل، قال الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك لبي بي سي: “لتوصيل مساعدات إنسانية عبر حدود دولية، نحتاج إما إلى موافقة من الحكومة، أو في الحالة التي لدينا في سوريا، إلى قرار ملزم من مجلس الأمن…. ويمكن أن نعقد مناقشات أكاديمية على مدى أسابيع، وشهور، وأعوام حول القانون الدولي. موقفنا هو أن القانون الدولي لا يعرقل عملنا”.
وإضافة إلى توصيل المساعدات ذاتها، تلعب الأمم المتحدة كذلك دورا حيويا في تنسيق جهود الإغاثة الدولية التي تتقدم بها دول أخرى بعد وقوع أي كارثة طبيعية.
وتتولى الأمم المتحدة مهمة تنظيم عمليات البحث والإنقاذ عبر فريق “تقييم وتنسيق الكوارث” والذي بإمكانه الانتشار في أي مكان في العالم في غضون 12 إلى 48 ساعة من لحظة الطلب، وهذا ما حدث في تركيا.
لكن الأمم المتحدة لم تتقدم بطلب رسمي إلى فِرق طوارئ طبية لكي تدخل شمال غربي سوريا، كما لم تستطع الأمم المتحدة إخبارنا عن أي طلب رسمي إلى فِرق البحث والإنقاذ لكي تنتشر في شمال غربي سوريا.
وقال خبراء في القانون الدولي الإنساني لبي بي سي، إنه بدون هذا الطلب من الأمم المتحدة لا تجد فِرق الطوارئ سبيلا واضحا إلى الأماكن المنكوبة.
وفي ذلك يقول دوجاريك إن مسؤولية غياب فِرق الطوارئ تقع على عاتق صانعي القرار في حكومات الدول المنكوبة. ويضيف الناطق باسم الأمم المتحدة قائلا: “ثمة مخاوف أمنية. وكافة أشكال المخاوف السياسية” التي تحكم هذه المسألة.
وقال ماركو ساسولي، وهو مستشار خاص للمدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية، إن اتفاقيات جنيف -أساس القانون الدولي الإنساني- توفر إطارا للأمم المتحدة لكي توصّل المساعدة دون الحاجة إلى إذن من سوريا.
وأضاف ساسولي: “اتفاقيات جنيف، التي وقّعت عليها سوريا، تتضمن بندا ينصّ على أنّ لأية هيئة إنسانية محايدة … أنْ تعرض خدماتها” لأطراف أي نزاع.
واشتكى ضحايا الزلزال تأخّر استجابة الأمم المتحدة. ومن هؤلاء عمر حجي، الذي فقد زوجته وخمسة أطفال في الكارثة.
وتحدث حجي إلى بي بي سي بعد أيام من الزلزال بينما كان يبحث عن صبيّ له كان لا يزال مفقودا واسمه عبد الرحمن في الرابعة عشرة من عمره، والذي استعاده بعد ثلاثة أيام من البحث.
وقال حجي لبي بي سي: “مساعدة الأمم المتحدة لم تكن كافية. أهم ما حصلنا عليه من مساعدات جاءنا من المحليين … ولو أن مساعدة الأمم المتحدة وصلت في وقت مبكر لسارت الأمور على نحو مختلف تماما”.
وقد ظل الرجل على مدى أيام ينبش بيديه في الأنقاض بحثا عن أصدقاء وأفراد من عائلته.
وبعد مرور أسبوع من وقوع الزلزال المدمر، زار منسّق الإغاثة في حالات الطوارئ لدى الأمم المتحدة مارتن غريفيث معبر باب الهوى الحدودي بين تركيا وشمال غربي سوريا.
وفي تغريدة عبر تويتر، قال غريفيث إن الأمم المتحدة “خذلت الناس في شمال غربي سوريا، والذين يحق لهم الشعور بأنهم منسيون .. لقد انتظروا إغاثة دولية لكن دون جدوى”.