روسيا وأوكرانيا.. تطور عسكري جديد قد يغير شكل القتال
ووفقا لمصادر مطلعة فإن البيانات الأولية تشير إلى أن الهجوم وقع بصواريخ “ستورم شادو” البريطانية، فيما توقع مسؤول مُوالٍ لموسكو استعادة الحركة على الجسر الرابط بين خيرسون والقرم في غضون أيام.
ويؤشر الهجوم على تطور عسكري قد يغير شكل القتال مع بدء أوكرانيا باستهداف خطوط الإمداد الروسية الحيوية، إضافة لتنفيذ هجمات ضد أهداف نوعية في ظل تباطؤ الهجوم المضاد التقليدي.
فهل يستمر هذا النوع من الهجمات؟ وما تأثيره الفعلي على الموقف الروسي؟ وكيف ستتعامل موسكو مع حقيقة استخدام صواريخ بريطانية في الهجوم؟.
دلالات الاستهداف
اعتبرت أولغا كراسنياك، أستاذة العلاقات الدولية أن الجسر الذي يربط بين خيرسون وشبه جزيرة القرم، هو جسر حيوي، معتبرة “الاعتداء” الأوكراني عليه عملا إرهابيا، كما قالت: “إن الإضرار بجسر ما هو ما تفعله القوات الأوكرانية بشكل متكرر، لكن هذا لن يؤثر كثيرا على مجرى العمليات، وبطبيعة الحال فترميم أضرار الجسر مسألة سهلة وبسيطة، ولا أعتقد أن تلك الهجمة فتغير مجرى الحرب والاشتباكات”.
من جهة أخرى، بين رئيس المركز الوطني للتواصل والحوار، من كييف عماد أبو الرب، أن القوات الأوكرانية معنية بتحرير أراضيها، ومنذ بداية الحرب عملت على محاولة اختراق خطوط الدفاع الروسية وضرب الخطوط الخلفية الروسية، واستهداف كل الطرق التي تمد هذه القوات بالذخائر وخاصة الجسور التي تربط القرم عبر روسيا برا أو حتى عبر بحر أزووف وغيره، حيث أفاد: “هذه الهجمة هي الأولى من هذا النوع وفي اعتقادي ستتلوها عمليات أخرى، خاصة وأن أوكرانيا باتت تمتلك صواريخ بعيدة المدى، وهي تؤكد أنها لن تستخدمها داخل الأراضي الروسية بل ستعتمدها في المناطق التي تحتلها القوات الروسية”.
وهو ما أكده الضابط السابق في الاستخبارات البريطانية فيليب إنجرا، بقوله: “إن أوكرانيا قد تلقت الصواريخ البريطانية بشرط أن تستخدمها فقط داخل الحدود الأوكرانية المعترف بها دوليا، وقد كان هناك استخدامات لصواريخ “ستورم شادو” في استهداف البنية التحتية، وهو فعلا ما صمم من أجله هذا النوع من الصواريخ.
الرد الروسي
وأوضحت كراسنياك، أن اعتبار هذه العملية المتعلقة بالاستهداف الصاروخي لهذا الجسر بسيطة، لا يعني البتة أن روسيا لن تأخذ المسألة بجدية، فهذه الأسلحة المتدفقة لأوكرانيا تطيل أمد هذا النزاع، وروسيا تعتبر أن بريطانيا منخرطة بطريقة مباشرة في هذه الحرب من خلال مد الأوكرانيين بالأسلحة الداعمة لها.
كما قال أبو الرب أن هذا الاستهداف للجسر لن يغير بشكل سريع معادلات الصراع والمواجهة في الميدان لكنه يحمل دلالات جديدة مهمة منها:
- انتقال أوكرانيا عبر هذا الاستهداف للجسر من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم.
- أصبحت أوكرانيا قادرة على الوصول إلى الخطوط الخلفية الروسية في عدة مناطق منها القرم.
- وعبر هذا الهجوم تراهن أوكرانيا على كسب ثقة الغرب من خلال استخدام ما يصلها من إمدادات مسلحة بشكل إيجابي وتحقق نتائج واعدة عبرها.
مسار التفاوض وعنق الزجاجة
ومن جهة، أخرى اعتبر أبو الرب أن الدفع بمسار التفاوض لوقف هذه الحرب يتطلب المزيد من الزيارات المكوكية لإحداث نوع من المرونة بين الطرفين للوصول إلى آفاق للتسوية.
وقد ذهب فيليب إنجرا في هذا السياق، إلى أن النزاع الروسي الأوكراني يمكن أن يتوقف في الغد إذا سحب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قواته وأعادها إلى الحدود الجغرافية لروسيا بعيدا عن الحدود الأوكرانية المعترف بها دوليا، لأن المفاوضات في هذه الحرب تتطلب شروطا لحدوثها منها:
- الرئيس الأوكراني قال بوضوح إن المفاوضات ستكون مقبولة عندما تستعاد الأراضي الأوكرانية بما فيها شبه جزيرة القرم أي بحدود ما قبل 2014.
- أوكرانيا هي التي تمتلك المبادرة العسكرية وهي دولة ذات سيادة والتفاوض يجب أن يكون معها وليس مع الدول الغربية.
- الغرب يمكن أن يقدم النصائح والمساعدات، ولكنه ليس الطرف الذي يجب أن يتم التفاوض معه.
وردا على ذلك، قالت أولغا كراسنياك، إن تفكير أوكرانيا في استعادة شبه جزيرة القرم أضغاث أحلام، وحتى المحللون يقولون أن روسيا لن تتراجع عن سيطرتها على جزيرة القرم، فكل ما أنفقته روسيا حتى الآن في هذه الحرب لن يذهب سدا، وهي لن تتخلى أبدا عن شبه جزيرة القرم.
وأضافت: “بالنسبة لي يمكن أن تحدث وستحدث في النهاية لكن حسب الشروط الروسية، أو على الأقل عندما نكون واثقين بأن مصالحنا محترمة من الجانبين الأوكراني والغربي، فأوكرانيا اليوم ليست في موقع يسمح لها بأن تتبع إملاءات الغرب وأن تفرضها على روسيا لأنها لا تمارس سيادتها ولا تتخذ قرارتها بنفسها وفي هذه الحالة لا يمكن اعتبار أو كرانيا دولة ذات سيادة”.
وقد ختم أبو الرب قائلا: “عبر 60 مليار يورو التي أقرت مؤخرا لدعم أو كرانيا، ليس هناك مجال للشك بأن الغرب سيعدل عن هذا الدعم، ومن وجهة نظري أيضا أن على روسيا أن تخرج نفسها من الصندوق الأسود الذي تغلقه على نفسها، فقد دخلت في عملية عسكرية وظنت أنها ستحقق عبرها مكاسب استراتيجية في فترة وجيزة، لكنها لم تحققها، ونأمل أن يكون هناك عقلاء في مقاربة هذا النزاع يذهبون إلى حفظ المصالح الروسية في المناطق المتنازع عليها مع الحفاظ على السيادة الأوكرانية على تلك الأراضي، وربما بهذا الشكل يكون هناك فكرة توافقية تسمح بالخروج من عنق الزجاجة في هذه الأزمة، كما يجب على كل من روسيا والغرب أن يتوقفا على تصفية حساباتهم ضد بعضهم على الأرض الأوكرانية وحل هذه الخلافات بعيدا عن أوكرانيا”.
وهو ما فنده فيليب إنجرا بقوله: “ليس هناك حسابات بين الغرب وروسيا يتم تصفيتها في أوكرانيا، بل روسيا هي من قامت باحتلال أراضي أوكرانية في سنة 2014، وفي فبراير العام الماضي، والغرب لم يستفز روسيا ولم يهاجمها، ففي الجمعية العامة للأمم المتحدة صوتت 141 دولة ضد الهجوم الروسي على أوكرانيا، ولم تجد روسيا دعما إلا من بلاروسيا وكوريا الشمالية وأريتريا وسوريا، وهذه ليست أفضل الدول في العالم، وهذه إشارة لروسيا التي يجب أن تستيقظ وتسمع ما يقوله العالم”.