روسيا أوكرانيا: لماذا يمكن لكوريا الجنوبية أن تلعب دوراً رئيسياً فيها؟
- سيرين ها
- بي بي سي – الخدمة العالمية
مر أكثر من عام على غزو روسيا لجارتها أوكرانيا، وشهد العالم خلاله العديد من المفاجآت. حيث توقع العديد من الخبراء في بداية القتال، أن يعطينا الصراع صورة شاملة عن شكل حروب المستقبل التي تعتمد على التقنية بدرجة كبيرة.
بينما كان هذا صحيحاً إلى حد ما، فقد أظهر الصراع أن الأسلحة التقليدية مثل الدبابات والمدفعية لا تزال مهمة للغاية. وهذا هو المكان الذي يمكن أن تلعب فيه كوريا الجنوبية دوراً رئيسياً في هذه الحرب.
تُعد الدولة التي تعرف بأنها مسقط رأس فرقة كيبوب، والشركات العالمية مثل سامسونغ، واحدة من أكبر مصدري الأسلحة في العالم.
ووفقاً لتقرير نشر في مارس/ آذار، من قبل معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) ، كانت كوريا الجنوبية تاسع أكبر مصدر للأسلحة الرئيسية في عام 2022.
وأعلنت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية أنها سجلت رقماً قياسيا العام الماضي من ناحية صادرات البلاد من الأسلحة حيث بلغت قيمتها 17 مليار دولار.
ربما لا يكون هذا مفاجئاً، لأن كوريا الجنوبية لا تزال نظرياً في حالة حرب مع كوريا الشمالية.
لم يوقع البلدان على معاهدة سلام، لكن هناك اتفاق هدنة منذ عام 1953.
ويقول الدكتور فيكتور تشا، رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في كوريا: “تمتلك كوريا مخزوناً هائلاً من الذخائر، إن لم يكن الأكبر في العالم. كما لديها أيضاً قدرة ضخمة لإنتاج الذخائر “.
وأضاف في مؤتمر صحفي قبيل زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول إلى الولايات المتحدة هذا الأسبوع: “يقوم يون بزيارة رسمية إلى الولايات المتحدة تستغرق ستة أيام حيث يحتفل البلدان بالذكرى السبعين لتحالفهما بعد الحرب الكورية 1950-1953”.
يتزايد الضغط من قبل القوى الغربية على كوريا الجنوبية لتزويد أوكرانيا بالسلاح مباشرة.
وكانت هناك تكهنات بأن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيكرر هذا المطلب خلال قمتهما يوم الأربعاء، لكن لا يبدو أن ذلك قد أثير خلال اللقاء ولو ظاهرياً على الأقل.
وصرح مسؤول كبير في مكتب الرئاسة في كوريا الجنوبية للصحفيين في واشنطن بأن الرئيسين لم يناقشا مسألة المساعدة العسكرية لأوكرانيا خلال القمة، لكن أضاف أن “القضية الأوكرانية تم التطرق إليها بإيجاز شديد”.
لكن الخبراء يتفقون على أنه من المرجح أن يستمر الضغط على كوريا الجنوبية.
قدمت كوريا الجنوبية حتى الآن مساعدات إنسانية ومالية فقط إلى كييف، حيث أرسلت أقنعة واقية من الغاز وسترات واقية من الرصاص وإمدادات طبية.
لقد اتخذت موقفاً حازماً بعدم تقديم مساعدات تسليحية مباشرة، متذرعةً بقانون وطني يحظر على البلاد إرسال معدات عسكرية إلى دول في حالة حرب.
ويرجع ذلك جزئياً إلى الوضع الجيوسياسي المعقد، حيث يتعين على كوريا الجنوبية تحقيق توازن دقيق مع جارتيها القويتين الصين وروسيا.
تصدر روسيا الكثير من النفط الخام والغاز إلى كوريا الجنوبية (الأخيرة لا تلتزم بالعقوبات الغربية على روسيا في مجال الطاقة) وتتمتع روسيا بنفوذ كبير في كوريا الشمالية.
وقال كيم دونغ يوب، الأستاذ في جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول لبي بي سي: “”في الدبلوماسية، تحتاج إلى استقلالية استراتيجية بدلاً من الغموض الاستراتيجي أو اليقين الاستراتيجي، وتوفير أسلحة فتاكة لأحد طرفي الحرب يعني خسارة هذه المرونة وهو خطأ كبير”.
في الواقع، عندما أشار يون إلى أن المساعدة العسكرية الكورية قد تصبح واردة في حال تعرض المدنيين لهجوم واسع في مقابلة حديثة مع رويترز، لم تنتظر روسيا طويلاً لإصدار تحذير، حيث قال الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف، أحد أقرب حلفاء الرئيس فلاديمير بوتين، على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي تلغرام: “أتساءل ماذا سيقول شعب ذلك البلد عندما يرون أحدث أسلحة روسيا في أيدي أقرب جيرانهم، شركاؤنا في كوريا الديمقراطية أو حسبما يطلقون عليها كوريا الشمالية”.
في خضم هذا التوتر، ربما تكون كوريا الجنوبية قد غيرت بالفعل موقفها بشأن تسليح أوكرانيا، وإن كان ذلك بصمت.
وقعت البلاد أكبر اتفاقية عسكرية مع بولندا العام الماضي وتتضمن تزويدها بالدبابات والطائرات المقاتلة.
وذكرت صحيفة DongA Ilbo اليومية الكورية الجنوبية، أن كوريا الجنوبية توصلت إلى اتفاق الشهر الماضي مع الولايات المتحدة حول “إقراض” واشنطن 500 ألف قذيفة مدفعية من عيار 155 ملم بدلاً من بيعها لها، كوسيلة للإلتفاف على قيود القانون الوطني.
قد يمنح هذا واشنطن وحلفاءها في الناتو درجة من المرونة في تزويد أوكرانيا بالذخيرة عبر إرسال الذخائر الموجودة في مستودعاتها إلى كييف وتعويض هذا النقص بذخائر كورية جنوبية.