رغم الطقس والحرب الأوكرانية.. إنتاج قياسي عالمي للحبوب
يتوقع مجلس الحبوب الدولي الذي يجمع الدول المستوردة والمصدرة الرئيسية لها، باستثناء الأرز، إنتاج 2.3 مليار طن من الحبوب (ذرة وقمح وشعير…)، وهي زيادة طفيفة مقارنة بموسم 2021-2022 الذي سبق عاما صعبا في 2022-2023 بسبب الجفاف، وفقا للتقديرات المنشورة في يوليو.
ويستمر إنتاج الذرة في الارتفاع، مع ما يقدّر بحوالى 1.22 مليار طن، بزيادة 5.5 بالمئة على أساس سنوي. ويعزى ذلك خصوصا إلى توسع المساحات المخصصة للحبوب الصفراء في الولايات المتحدة والمحصول الجيد المتوقع في البرازيل.
ويقدّر مجلس الحبوب الدولي الإنتاج العالمي من الأرز، الحبوب الأكثر استهلاكا على الكوكب إلى جانب القمح، بحوالى 527 مليون طن، بزيادة 2.5 بالمئة عن الموسم السابق.
في المقابل، يقدر المجلس أن إنتاج القمح سيتراجع إلى 784 مليون طن، في انخفاض بنسبة 2.4 بالمئة مقارنة بالعام الماضي عندما كان المحصولان الروسي والأسترالي استثنائيين.
مخزون القمح الأدنى منذ 10 سنوات
قال داميان فيركامبر، من مؤسسة “إنتر-كورتاج” إن “التوتر بشأن القمح يأتي من حقيقة أن توقعات الاستهلاك أعلى بـ20 مليون طن من توقعات الإنتاج”.
من ناحية أخرى، يسجّل طلب أقوى على الذرة، مع زيادة الاستهلاك بمقدار 30 مليون طن خلال عام واحد، لكن تتم تغطيته بإنتاج كبير.
وأوضح أن هذه الزيادة في غذاء مخصص أساسا للماشية تفسر ب “عودة النمو في آسيا، حيث يتناول المستهلكون مزيدا من اللحوم بمجرد أن يسمح مستوى معيشتهم بذلك”، مشيرا في المقابل إلى عدم اليقين الذي يلف الانتعاش الاقتصادي في الصين.
في ما يتعلق بالقمح، يأتي التوتر في السوق أيضا من أحجام المخزون.
وقال سيباستيان بونسليه، المتخصص في الحبوب في مؤسسة “أغريتل”، “بحسب آخر تقرير شهري صادر عن وزارة الزراعة الأميركية، يبلغ مخزون القمح لدى المصدّرين الرئيسيين حوالى 55 مليون طن، وهو الأدنى منذ عشر سنوات، فيما لم يزد الإنتاج بشكل كبير منذ ثلاث سنوات”.
وتضاف إلى ذلك الأخطار المناخية والجيوسياسية، فيما يتزايد القصف الروسي على الموانئ الأوكرانية.
وشهدت العقود الآجلة للقمح في بورصة شيكاغو ارتفاعات قوية في جلسة أمس، لتصل إلى أعلى مستوى في خمسة أشهر، قبل أن تقلص مكاسبها عند الإغلاق، وذلك بعد أن أثارت هجمات روسية على موانئ أوكرانية مخاوف بشأن الإمدادات العالمية على المدى الطويل.
وأضاف المحلّل “الوضع في أوكرانيا يثير قلق البلدان المستوردة التي قد تميل إلى التخزين” ما سيؤدي في نهاية المطاف إلى تضخم أسعار الأغذية.
وبعد فترة من الجفاف الشديد، بدأت تنحسر الأخطار المناخية في سهول الحبوب الكبرى في أميركا الشمالية.
وقال بونسليه “المنطقة الأكثر جفافا حاليا هي منطقة زراعة القمح الصلب في كندا التي تصدّر حوالى 5 ملايين طن سنويا، أو أكثر من 60 بالمئة من التجارة العالمية”.
مخزون مريح من الأرز
في آسيا، يجري درس تأثير ظاهرة إل نينيو المناخية، المرتبطة عموما بزيادة درجات الحرارة العالمية.
في الوقت الحالي، لم يُلاحَظ أي تأثير كبير على الأرز. وأوضح باتريسيو مينديس ديل فيار، المتخصص في الأرز والخبير الاقتصادي في مركز التعاون الدولي للبحوث الزراعية من أجل التنمية أن “الأمطار الموسمية وصلت بشكل طبيعي، ما سمح بزراعة المحاصيل في ظل ظروف جيدة”.
لكن من دون انتظار، اتخذت الهند التي تمثل 40 بالمئة من التجارة العالمية، إجراءات لحظر تصدير الأرز الأبيض اعتبارا من 21 يوليو سعيا إلى “ضمان” الإمدادات و”لجم ارتفاع الأسعار في السوق المحلية”.
وعلق فيار أن هذا القرار قد يؤدي الى مفاقمة الظواهر التضخمية فيما أسعار الأرز العالمية اليوم “ارتفعت بنسبة 30 بالمئة خلال عام”، حتى لو كان جزء من الحجم الذي تصدره الهند عادة “يمكن أن تعوضّه تايلاند وفيتنام وباكستان التي تستعيد مستوى إنتاجها للعام 2021”.
وأشار إلى عامل آخر مطمئن في ما يخص الأرز: ف”المخزونات مريحة” وتعادل “37 بالمئة من الاستهلاك السنوي”، مقابل 25 بالمئة إبان أزمة 2008.