ثنائية غندوغان تقرب السيتي من «البريميرليغ»
انتشرت تقارير خلال الأيام الأخيرة تشير إلى اقتراب المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو من تولي القيادة الفنية لنادي باريس سان جيرمان، وهو ما أدى إلى عديد من ردود الفعل المختلفة على منصات التواصل الاجتماعي. فماذا يقولون عنه؟ هل يقولون إنه رجل طيب، أم رجل حكيم، أم أنه يتسم بالعصبية الشديدة، وسبق له أن اعتدى على مدير فني لأحد الفرق المنافسة بجوار خط التماس؟
من جهته، سارع مورينيو إلى نفي وجود اتصالات بينه وبين مسؤولي سان جيرمان؛ لكنه في الوقت نفسه بدا سعيداً للغاية لمجرد عودته إلى مثل هذا النوع من التقارير التي تركز عليه. لكن لم يكن من الصعب معرفة السبب الذي أدى إلى هذه الحالة من الجدل الشديد بمجرد انتشار هذه التقارير.
في البداية، تجب الإشارة إلى أن باريس سان جيرمان لم يتعاقد حتى الآن مع مورينيو كحل لمشكلاته الهائلة التي تتمثل في عدم وجود هدف محدد يسعى النادي لتحقيقه، فضلاً عن أن الفريق يلعب من دون هوية واضحة أو طريقة مميزة أو إصرار على تحقيق النجاح.
لكن مجرد انتشار هذه التقارير تجعلنا نتخيل كثيراً من الأشياء المثيرة التي قد تحدث لو تولى مورينيو بالفعل قيادة النادي الباريسي، بدءاً من الكوميديا التي سنراها بسبب عمل مورينيو مع نيمار أخيراً، فضلاً عن رؤية المدير الفني البرتغالي وهو يتجول غاضباً في ملاعب «تروا» و«أجاكسيو»، ووصولاً إلى المشهد المرعب الذي يمكننا أن نراه وهو يبصق على أقرب كاميرا تلفزيون، عندما يقال من منصبه في نهاية المطاف!
من منا لا يريد أن يرى مثل هذه الأشياء في باريس سان جيرمان، بعد كل تلك التجارب التي حُكم عليها بالفشل، والتظاهر بالقيام ببناء شيء ما في هذا النادي؟ في حقيقة الأمر، يمكن وصف فكرة تعاقد باريس سان جيرمان مع مورينيو بأنها فكرة مرعبة! قد يكون مورينيو مديراً فنياً مشهورًا للغاية؛ لكنه لم يحقق أي نجاح حقيقي منذ عام 2017. لقد أظهرت مسيرته التدريبية أنه لم يعد مناسباً لكرة القدم الحديثة في السنوات الأخيرة، وبالتالي فإنه لن يكون خياراً جيداً للنادي الفرنسي.
تتمثل مشكلة مورينيو في أنه حقق نجاحاً هائلاً وسريعاً للغاية في بداية مسيرته التدريبية؛ لدرجة أنه وجد نفسه غير قادر على تكرار مثل هذا النجاح مرة أخرى؛ خصوصاً مع الأندية متوسطة المستوى التي كان ينجح في قيادتها إلى منصات التتويج بشكل استثنائي. كان من الرائع أن نشاهد روما بقيادة مورينيو وهو يفوز على باير ليفركوزن في نصف نهائي الدوري الأوروبي بهدف دون رد، يوم الخميس الماضي. وكان من الرائع أيضاً أن نشاهد مورينيو، البالغ من العمر 60 عامًا الآن، وهو يقف بجوار خط التماس ويلوح للاعبيه ويعطيهم التعليمات، في مشهد يعكس تماماً شخصيته القيادية الجذابة.
ومع ذلك، لا يقدم روما كرة قدم ممتعة تحت قيادة مورينيو، وحتى الهدف الوحيد الذي أحرزه النادي الإيطالي جاء من تمريرة طويلة، وليس من هجمة تم بناؤها بشكل جيد. وبالتالي، يُنظر إلى مورينيو الآن على أنه لم يعد ينتمي لفئة النخبة من المديرين الفنيين في عالم كرة القدم في الوقت الحالي، وأنه قد تخلف عن ركب كرة القدم الحديثة، ويعتمد بشكل مفرط على إنجازاته السابقة وشخصيته القوية وطريقته البرغماتية في التعامل مع المباريات.
وتكمن المفارقة هنا في أن أعظم إنجازات مورينيو قد تحققت بفضل عمله التدريبي الشاق واهتمامه بأدق التفاصيل، وهي الأشياء التي لم يعد يتميز بها الآن. ووفقا لأية معايير موضوعية، لا يزال الفوز بدوري أبطال أوروبا مع بورتو وإنتر ميلان أعظم إنجاز لأي مدير فني في كرة القدم الأوروبية على مستوى الأندية في آخر 25 عاماً.
فخلال تلك الفترة حصل ناديان فقط على دوري أبطال أوروبا بشكل مفاجئ وبميزانيات محدودة، وحدث الأمر في كلتا المرتين تحت قيادة المدير الفني البرتغالي. لقد أشار البعض إلى أن الحظ لعب دوراً كبيراً في فوز بورتو بدوري أبطال أوروبا عام 2004، لكن الحقائق تقول خلاف ذلك تماماً، لأنه لم يحقق أي شخص آخر هذا الإنجاز منذ ذلك الحين، باستثناء مورينيو نفسه، بعد 6 سنوات مع إنتر ميلان صاحب الموارد المالية المحدودة.
ولا تزال أفضل نتيجة حققها مورينيو هي الخسارة بهدف دون رد أمام برشلونة في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا على ملعب «كامب نو» في أبريل (نيسان) 2010، وهي النتيجة التي كانت تعني عبور إنتر للمباراة النهائية، وإقصاء برشلونة القوي من المسابقة. وفي هذه المباراة، لم يسدد إنتر سوى تسديدة واحدة فقط على المرمى، مقابل 20 تسديدة لبرشلونة. لقد غير مورينيو طريقة اللعب واعتمد على 4 لاعبين في الخط الخلفي، و5 لاعبين في خط الوسط، ولعب من دون أي مهاجم، بعد حصول تياغو موتا على البطاقة الحمراء، وشاهد لاعبيه وهم يشتتون الكرة بعيدًا لمدة ساعة كاملة، في مواجهة فريق برشلونة الاستثنائي الذي كان يعتمد على الاستحواذ المتواصل على الكرة.
أكمل إنتر ميلان 74 تمريرة فقط، مقابل 691 تمريرة لبرشلونة، فيما يمكن وصفه بأنه أكبر تباين على هذا المستوى في العصر الحديث. لكن مورينيو فشل في تحقيق المستوى نفسه من النجاح منذ ذلك الحين. وهنا تكمن المفارقة الغريبة بالنسبة لمورينيو مرة أخرى، حيث كان المدير الفني البرتغالي يبدو مبتكراً ومتجدداً للغاية في السنوات الأولى من مسيرته التدريبية، وكان يهتم بأدق التفاصيل، قبل أن يتخلف عن الركب تماماً ويبتعد كثيراً عن نخبة المديرين الفنيين في العالم.
وتجب الإشارة هنا إلى أن الدوري الإنجليزي الممتاز هو الذي أفسد مورينيو، وجعله يدخل في صراعات جانبية بعيداً عن التركيز على التطوير الخططي والتكتيكي بشكل حقيقي. كما فشل المدير الفني البرتغالي أيضاً في تجربته مع ريال مدريد. صحيح أن مورينيو كان موجوداً في النادي الملكي خلال أعظم فترة منافسة على مستوى الأندية في تاريخ كرة القدم مع برشلونة بقيادة المدير الفني الإسباني المبدع جوسيب غوارديولا، ونجمه الاستثنائي ليونيل ميسي، لكن ريال مدريد في وجود النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو لم ينجح في تحقيق النجاح المتوقع منه بحقبة المدرب البرتغالي.
في الحقيقة، هناك شيئان تجب الإشارة إليهما في هذا الصدد: أولاً، تبدو فكرة أن مورينيو عدو كرة القدم بطريقة ما -كما قال البعض مثل يوهان كرويف- سخيفة بشكل متزايد بالنظر إلى ما وصلت إليه لعبة كرة القدم الآن. كرة القدم لديها عديد من الأعداء الحقيقيين، وخصوصاً صناديق التحوط والدول القومية المتعطشة لتحسين صورتها من خلال حملات العلاقات العامة. أما مورينيو، فإنه على الأقل يبذل قصارى جهده من أجل مساعدة فريقه على تحقيق الفوز، وأنا شخصياً أحب أسلوبه الذي يعتمد على العمل الجاد والصبر.
ولكي يحقق أي فريق الفوز على الفريق الذي يدربه مورينيو وهو في أفضل حالاته، يتعين عليه أن يُجرب كل طرق اللعب الممكنة وقد يفشل في نهاية المطاف، كما حدث مع فريق برشلونة الرائع الذي كان يمتلك كوكبة من النجوم اللامعة التي قلما توجد معاً في فريق واحد. ربما يتمكن مورينيو من قيادة روما إلى الوصول إلى نهائي الدوري الأوروبي، لكن يبدو الآن أن ما فعله في تلك السنوات لن يتكرر، ولن يكون بالقدر نفسه.
لقد أصبحت الفجوة في المستويات الأعلى أكثر اتساعاً. صحيح أن النجاح الذي حققه مورينيو مع بورتو وإنتر ميلان لا يزال يمثل معياراً ذهبياً في كرة القدم الحديثة على مستوى الأندية، لكن من الواضح للجميع أن المدير الفني البرتغالي قد تراجع كثيراً منذ ذلك الحين، وأن كرة القدم قد تغيرت كثيراً من حوله من دون أن يواكب هو هذا التغيير!
* خدمة «الغارديان»