تونس تتحدى صندوق النقد الدولي.. إلى متى؟
وفي تحليل لوكالة رويترز، يرى محللون إن تونس يمكنها تدبير أمورها دون دعم صندوق النقد الدولي على المدى القصير، لكن ثقتهم أقل بشأن توقعات السنوات المقبلة.
ومع تصعيد الرئيس التونسي قيس سعيد، حدة خطابه ورفضه بعض شروط الاتفاق، فضلا عن الاضطرابات السياسية الداخلية، لم تحصل تونس بعد على موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على الاتفاق، وهي خطوة رئيسية لإرسال الأموال.
ووفقا لبيانات عامة جمعتها رويترز لأكثر من 80 حالة، فإن الفارق الزمني لمدة عام بين الاتفاق الأولي والتوقيع النهائي يمثل تأخيرا قياسيا.
ويُقارن هذا بمتوسط 55 يوما الذي تستغرقه البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل بين الخطوتين، ويتجاوز فترات انتظار طويلة لبلدان مثل تشاد وزامبيا وسريلانكا.
وقال جيمس سوانستون، كبير الاقتصاديين لدى كابيتال إيكونوميكس في لندن لرويترز، “الافتقار إلى الإرادة السياسية لدى الحكومة التونسية لتنفيذ قائمة طويلة من الإصلاحات الضرورية هو نقطة العثرة الرئيسية”.
وأضاف سوانستون، أن خفض عجز الميزانية، وإصلاح المؤسسات الكبيرة المملوكة للدولة، وخفض قيمة العملة لمنع البنك المركزي من استخدام الاحتياطيات لدعم الدينار، هي من بين أهم المهام التي يتعين على الحكومة القيام بها.
وتابع قائلا “لن يتم التوصل إلى أي اتفاق إلى أن يكون هناك دليل حقيقي على أن تونس ستتعامل مع هذه الإصلاحات”.
فرصة إضافية
تعثرت المحادثات المتعلقة بتمويل صندوق النقد الدولي الذي تبلغ مدته 48 شهرا، بعد أن رفض الرئيس التونسي، شروطا تشمل خفض الدعم وتقليص تكلفة الأجور العامة، قائلا إن “الإملاءات” التي وضعها صندوق النقد الدولي غير مقبولة.
وخفض البنك الدولي مؤخرا توقعاته للنمو الاقتصادي في تونس إلى 1.2 بالمئة من 2.3 بالمئة للعام الجاري، مشيرا إلى وجود “غموض كبير في آفاق” تمويل الديون، والظروف الصعبة في أعقاب جفاف مستمر منذ ثلاث سنوات، دفع الحكومة إلى رفع أسعار المياه وشكل تهديدا للأمن الغذائي.
وقال باتريك كوران، المحلل لدى تيليمر، إنه على الرغم من هذه التحديات، يمكن للاقتصاد المنهك أن يصمد دون برنامج صندوق النقد الدولي على المدى القصير، إذ أن “ارتفاع الاحتياطيات والضبط الهامشي للأوضاع المالية منحا تونس فرصة إضافية” بفضل انتعاش السياحة.
كما تلقت تونس أيضا تمويلا جديدا بقيمة 500 مليون دولار من السعودية في يوليو.
أما تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم دعم لتونس بقيمة مليار دولار، فهو مشروط بحصول البلاد على برنامج صندوق النقد الدولي.
ويتعين على تونس، أن تسدد سندات بقيمة 500 مليون يورو، تستحق في أكتوبر، وأخرى بقيمة 850 مليون يورو تستحق في فبراير.
وقال تشارلي روبرتسون، رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي لدى إف.آي.إم.بارتنرز في لندن، “تستطيع تونس تغطية الاستحقاق المقبل من الاحتياطيات بعد موسم سياحي جيد”.
وفي حين يجري تداول هذه السندات بما يتراوح بين 87 إلى 97 سنتا للدولار، فإن السندات المستحقة بين عامي 2025 و2027 يتم تداولها بين 58.7 إلى 66.7 سنت، وهو أقل بكثير من العتبة التي تعتبر عندها حالة الدين متعثرة للغاية، مما يشير إلى مخاوف بشأن انخفاض قدرة البلاد على السداد في المستقبل.
وقال محللون، إن تونس يمكنها الاعتماد على دعم بعض الدول الأخرى، التي تتعرض لضغوط بفضل أهميتها الجيوسياسية والجغرافية.
وتحافظ رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، على متانة العلاقات مع تونس.
ووصلت أعداد قياسية من المهاجرين القادمين من تونس إلى جزيرة لامبيدوزا في أقصى جنوب إيطاليا.
وقال كان نازلي، مدير المحافظ لدى نيوبيرجر بيرمان لإدارة الأصول، “ميلوني من أشد الداعمين لتونس بسبب قضية الهجرة وهذا يمنحهم مساحة أكبر لتأجيل الأمور”.
وسافرت ميلوني بنفسها إلى تونس، لتعزيز التقدم المحرز في برنامج صندوق النقد الدولي في البلاد.
وتتوقع وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، الموافقة على البرنامج قريبا، في حين تساور المستثمرين الدوليين شكوك حول كيفية تجنب البلاد التخلف عن السداد على المدى المتوسط، دون الحصول على تمويل الصندوق.
وأضاف نازلي، “في نهاية المطاف، سيتعين على تونس الوفاء ببرنامج صندوق النقد الدولي، وإلا فإنها ستواجه صعوبات شديدة فيما يتعلق بوضعها التمويلي”.