تواصل القتال في السودان قبل ساعات من هدنة مرتقبة
تواصل القتال في السودان قبل ساعات من هدنة مرتقبة
يتوقّع أن يدخل وقف لإطلاق النار في السودان حيز التنفيذ، مساء اليوم الاثنين، بين الطرفَين المتنازعين على السلطة، اللذين يواصلان القتال حتى اللحظة، رغم تأكيدهما نياتهما احترام الهدنة.
وأعلنت الولايات المتحدة والسعوديّة، في بيان مشترك، أمس، أنّ ممثّلي الجيش السوداني وقوّات «الدعم السريع» وافقوا على وقف لإطلاق النار مدّته أسبوع، يبدأ الساعة 19:45 بتوقيت غرينتش، اليوم.
أعلن كلّ من الطرفَين، في بيان، أنهما يريدان احترام هذه الهدنة، التي رحّبت بها «الأمم المتحدة»، و«الاتحاد الإفريقي»، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية «إيغاد». لكن خلال أكثر من 5 أسابيع من الحرب، تعهّد الطرفان بوقف إطلاق النار أكثر من 10 مرات، لكن سرعان ما جرى انتهاكه.
#جدة | بحضور سمو وزير الخارجية الأمير #فيصل_بن_فرحان @FaisalbinFarhan جانب من التوقيع على اتفاقية وقف إطلاق النار قصير الأمد والترتيبات الإنسانية بين ممثلو القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع pic.twitter.com/AMhW6WlGxv
— وزارة الخارجية (@KSAMOFA) May 20, 2023
في ولاية غرب دارفور، قال آدم عيسى، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، عبر الهاتف: «نحن لا نثق بالأطراف المتصارعة (…)، نريد وقفاً نهائياً لإطلاق النار، وليس هدنة مؤقَّتة».
وقال أحد سكان الخرطوم: «أهم ما في الأمر ليس فقط الإعلان عن هدنة، وإنما احترامها وضمان ممرات آمنة للغذاء والمساعدات».
ومنذ 15 أبريل (نيسان)، يشهد السودان نزاعاً بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو، تسبَّب بمقتل نحو ألف شخص، غالبيتهم مدنيون، ودفع أكثر من مليون سوداني إلى النزوح أو اللجوء إلى بلدان مجاورة.
في بلد مصارفُه مغلقة، وقوافل الإمدادات فيه تتعطّل بسبب الغارات الجوية، ونيران المدفعية، والمعارك الثقيلة بين المباني في الأحياء السكنية، يتفاقم شح الغذاء، في حين دُمّر معظم مصانع الأغذية الزراعية أو نُهبت.
وتُطالب الطواقم الإنسانية، منذ أسابيع، بتأمين ممرات آمنة لنقل الأدوية، والوقود، والمواد الغذائية؛ في محاولة لتوفير بعض الخدمات التي تشهد تدهوراً منذ عقود.
وجدّد مسؤول الشؤون الإنسانيّة في «الأمم المتحدة» مارتن غريفيث، أمس، دعوته إلى «إيصال المساعدة الإنسانيّة في شكل آمن»، في حين يحتاج أكثر من 25 مليون من سكان السودان – أي أكثر من نصف السكان البالغ عددهم 45 مليون نسمة تقريباً – إلى مساعدات.
وفي حال استمرار الحرب، قد يلجأ مليون سوداني إضافي إلى الدول المجاورة، وفق الأمم المتحدة. وتخشى هذه الدول انتقال عدوى الاقتتال.
وكان البيان الأميركي السعودي المشترك قد أكّد أنّه «خلافاً لوقف إطلاق النار السابق، جرى التوقيع من قِبل الطرفين على الاتفاقيّة التي جرى التوصل إليها في جدّة، وستدعمُها آليّة لمراقبة وقف إطلاق النار مدعومة دوليًّا» من السعودية، والولايات المتحدة، والمجتمع الدولي.
وقال حسين محمد، المقيم في مدينة بحري شمال الخرطوم، للوكالة: «نأمل هذه المرة أن يُراقب الوسطاء تنفيذ الاتفاق»، مشيراً إلى أن هذه الهدنة قد تُتيح «فرصة جيّدة حتى تُراجع والدتي المريضة الطبيب».
من جهتها، تأمل سوسن محمد أن ترى أهلها من جديد، وقالت للوكالة: «يعيشون في الشمال، وأعيش أنا في الجنوب، لم أرهم منذ الخامس من أبريل».
ووصل السودان إلى «مهرجان كان السينمائي» أيضاً، حيث كان المخرج محمد كردفاني أول مخرج سوداني ينافس فيلمه، في المهرجان العالمي، في نسخته السادسة والسبعين.
وقال كردفاني إنه «يتشرّف ويشعر بالفخر وبالسعادة (…) لكن بالذنب أيضًا» لأن «هناك أشخاصًا يحاولون الهروب من القنابل فيما أقف أنا على السجادة الحمراء».
وكان الحليفان السابقان قد سيطرا على السلطة كاملة في انقلاب عام 2021، أطاحا خلاله بالمدنيين الذين كانوا يتقاسمون السلطة معهم، منذ سقوط الرئيس السابق عمر البشير في عام 2019، لكن الخلافات ما لبثت أن بدأت بينهما حول مسألة دمج هذه القوات في الجيش.
والجمعة، أقال قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو من منصب نائب رئيس «مجلس السيادة» (أعلى سلطة سياسية حالياً في البلاد)، وقرَّر تعيين مالك عقار في المنصب. كذلك عيّن 3 من حلفائه في مناصب عسكرية رفيعة، ووقّع مالك عقار عام 2020، ومعه قادة حركات تمرّد، اتفاق سلام مع الخرطوم، وهو عضو في «مجلس السيادة»، منذ فبراير (شباط) 2021. وأعلن، في بيان أصدره، أول من أمس، أنه مصمّم على السعي إلى «إيقاف هذه الحرب»، والدفع باتجاه مفاوضات.
ويُتوقّع أن يلقي المبعوث الأممي إلى السودان فولكر بيرتيس، كلمة أمام «مجلس الأمن الدولي»، اليوم.