تقليد أمازيغي.. لماذا يثير كرنفال “بوجلود” الجدل في المغرب؟
وعرف الكرنفال الذي يقام بمناسبة عيد الأضحى في مناطق بجنوب المملكة، مشاركة الآلاف من أبناء تلك المناطق، والسياح الراغبين في التعرف على هذه العادة التي تعود جذورها إلى قرون، حسب المؤرخين.
وكرنفال “بوجلود” أو “بيلماون” أو “بولبطاين” كما يطلق عليه، هو تقليد شعبي أمازيغي، يقوم خلاله الشباب بارتداء جلود الأضاحي والخروج إلى الشوارع، لمحاولة نشر أجواء البهجة والفرح خلال الأيام التي تلي عيد الأضحى.
وتقوم فكرة “بوجلود” على تجول الشباب بين الأزقة والشوارع والأحياء على إيقاع الأهازيج الشعبية، لجمع الأموال والهدايا، وهم يضربون المارة والمتفرجين بساق غنم أو ماعز.
ردود متباينة
وقد انقسم رواد مواقع التواصل الاجتماعي بين أصوات طالبت بمنع هذا الاحتفال، بسبب ما تصفه “انسياقا عن طابعه التقليدي من خلال ارتداء الشباب لأزياء تنكرية ووضع مكياج سينمائي”، وأصوات أخرى رحبت بالتغييرات التي اعتبرت أنها “ساهمت في إضفاء إشعاع وطني على هذا الاحتفال”.
وقال أحد الشباب في تعليق على صور “بوجلود” على موقع فيسبوك: ” قيل إنه إبداع وتراث وثقافة أمازيغية.. هذا مسخ وفيه تجني على التراث والثقافة الأمازيغية”.
وكتبت إحدى المتابعات التي شاركت صورا من الكرنفال: “المخيف في الأمر أن مثل هذه الكرنفالات أصبحت تتطور لتصبح شيئا بعيدا كل البعد عن اسمه الحقيقي بوجلود”.
أما إحدى المدافعات عن هذا الطقس، فقد غردت على تويتر قائلة: “أفتخر بتقاليدنا وتراثنا وثقافتنا الشعبية، وأحب أن نتشبث بها وألا ننساها. أنا مع إقامة كرنفال عالمي بمدينة أكادير لثقافة بوجلود”.
الجدل يصل إلى البرلمان
وانتقل جدل كرنفال “بوجلود” إلى البرلمان، حيث وجه النائب البرلماني، حسن أومريبط، سؤالا كتابيا إلى وزيري الداخلية والثقافة والشباب والتواصل، حول بعض السلوكيات التي انتشرت وسط هذا الطقس الاحتفالي.
وقال النائب البرلماني عن حزب التقدم والاشتراكية: “إذا كان طقس بوجلود يرافق احتفالات المغاربة بعيد الأضحى المبارك لقرون عديدة، فقد بدأ يثير العديد من الأسئلة بخصوص آليات تنظيمه”.
واعتبر أومريبط أن ” هذا التقليد تحول من طابعه الفرجوي إلى حالة من الفوضى العارمة في عدد من الأحياء، حيث لم تتمكن الجمعيات المنظمة ضبط عملية المشاركة وتحديد هوية المشاركين وتنظيم تحركاتهم وطريقة تفاعلهم مع الساكنة”.
وتساءل النائب البرلماني عن “الإجراءات التي سيتم اتخاذها لضبط وتنظيم هذا الشكل الاحتفالي”، الذي تعود جذوره إلى قرون عديدة.
تراث شعبي
ويرفض ناشطون أمازيغ التهم التي تلحق بهذا الطقس الشعبي الذي يعد فرصة للاحتفال الجماعي، ويشددون على “ضرورة العمل على تثمينه وإدراجه ضمن لائحة اليونيسكو للتراث الإنساني اللامادي”.
ويقول منسق هيئة “شباب تامسنا الأمازيغي”، عادل أداسكو، إن “رفض البعض لإحياء هذا التقليد لا مبرر له، ويتعارض مع مساعي الحفاظ على الثقافة والموروث الأمازيغي العريق”.
ويضيف أداسكو في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”: “هذا الطقس الاحتفالي الذي انطلق منذ قرون من البوادي بمنطقة سوس (جنوب)، يهدف إلى خلق نوع من التنشيط الثقافي في المنطقة، ونشر مظاهر البهجة والفرح بين السكان المحليين، خاصة الأطفال”.
ويعتبر الناشط الأمازيغي، أن “الصيت الواسع الذي أصبح يحظى به كرنفال بوجلود، هو جزء من الاهتمام والإشعاع الذي تشهده مؤخرا الثقافة الأمازيغية، والتي تعتبر جزءا لا يتجزأ من تاريخ المغرب وحضارته”.
ويشدد أداسكو على “ضرورة عمل الجهات الساهرة على تنظيم هذا الحدث، على تأطير الشباب الراغب في المشاركة في الكرنفال، للحفاظ على هذا التقليد الأمازيغي ونقله إلى الأجيال المقبلة”.