بوريس بيكر: أسطورة التنس يتحدث عن السجن والشهرة والمستقبل

وكان بطل الفردي لـ 6 مرات في البطولات الأربع الكبرى (غراند سلام) والذي قفز إلى النجومية في عام 1985 عندما فاز ببطولة ويمبلدون عن عمر يناهز 17 عاما،قد أُدين بـ 4 تهم بموجب قانون الإفلاس في أبريل/ نيسان من العام الماضي.

وتركزت القضية على إفلاس بيكر في يونيو/حزيران من عام 2017، والذي نجم عن قرض غير مدفوع قيمته أكثر من 3 ملايين جنيه إسترليني على عقاره الفاخر في مايوركا بإسبانيا.

وقد أُطلق سراحه في ديسمبر / كانون الأول الماضي، وتم ترحيله بعد ذلك من بريطانيا.

وقال بيكر لبرنامج 5 لايف بريكفست: “عادة ما أكون جيدا في المجموعة الخامسة، لقد فزت بأول مجموعتين، ثم خسرت المجموعتين التاليتين وأخطط للفوز الخامسة”.

وفي مقابلة مطولة مع البرنامج، قال بيكر المصنف الأول عالميا سابقا:

• لم يكن هناك “دليل إرشاد” للتعامل مع الشهرة والثروة بعد الفوز ببطولة ويمبلدون في سن المراهقة

• كان السجن “قاسيا” و “تجربة مختلفة جدا عما تراه في الأفلام”

• إنه بات “رجلا أقوى وأفضل” بعد 8 أشهر في السجن

طغت الحياة الخاصة المضطربة والصعوبات المالية المتكررة على نجاح بيكر في التنس.

كانوصول بيكر المفاجئ من بلدة لايمن في جنوب غرب ألمانيا إلى الفوز عام 1985 ببطولة ويمبلدون قد أصاب عالم التنس بالذهول، بما في ذلك بيكر نفسه، الذي قال إنه كان ينوي الالتحاق بالجامعة وإعداد نفسه لمهنة محترمة.

وقال بيكر لصحيفة طلابية في عام 2012: “آخر شيء كان يدور في أذهان الجميع هو أن أصبح لاعب تنس محترف”.

وقد تبع فوزه ببطولة ويمبلدون في عام 1985 سلسلة من الانتصارات تتمثل في لقبين آخرين في ويمبلدون، ولقبين في بطولة أستراليا المفتوحة، ولقب واحد في الولايات المتحدة المفتوحة. كان هناك أيضا 13 لقبا في سلسلة بطولة الأساتذة وميدالية ذهبية أولمبية في الزوجي. لقد كان أول رجل يظهر في 7 نهائيات في بطولة ويمبلدون للتنس.

لكن باعترافه الشخصي، كافح بيكر لإيجاد دور لنفسه بعد تقاعده عن اللعب في عام 1999. وقال لاحقا: “إن ذلك الوضع يؤثر على ثقتك بنفسك وإيمانك بذاتك إذ لم أكن أعرف ماذا أكتب على جواز سفري كمهنة.. لاعب تنس سابق؟”.

ولكن على الرغم من كل العناوين الرئيسية التي ولدتها حياته الشخصية، فإن سحر بيكر وذكاءه جعلاه محللا شهيرا على القنوات التلفزيونية في جميع أنحاء العالم حيث عمل كمعلق في بي بي سي في بطولة ويمبلدون.

ونشر بيكر سيرته الذاتية، وتنافس في بطولات البوكر للمحترفين، وعمل لبعض الوقت كرئيس لتنس الرجال في اتحاد التنس الألماني.

كما قام بتدريب نوفاك جوكوفيتش لمدة 3 سنوات فاز خلالها اللاعب الصربي بستة ألقاب في البطولات الأربع الكبرى.

وفي 21 يونيو/حزيران من عام 2017، أُعلن إفلاسه في لندن بسبب قرض لم يُسدد على عقاره في مايوركا بإسبانيا. وقد وُصف بيكر من قبل محاميه بأنه “ليس شخصا ذكيا عندما يتعلق الأمر بالشؤون المالية”، كما قال مسجل المحكمة عن الألماني: “يترك لدى المرء انطباعاً بأن رأسه في الرمال”.

وفي مارس/آذار من عام 2022 بدأت محاكمته في محكمة ساذارك كراون.

وبعد حوالي أسبوعين وجد المحلفون أن بيكر مذنب بعدم الكشف عن أصول في قضية إعلان إفلاسه.

وقد لفت فريق دفاع بيكر الانتباه إلى التغيير الدراماتيكي في حظه في الحياة.

وقال جوناثان ليدلاو، محامي بيكر، للمحكمة: “إن سقوطه ليس مجرد سقوط من منزلة رفيعة، ولكنه يمثل أكبر قدر من الإذلال العلني لهذا الرجل”.

يتحدث بوريس بيكر قبل إصدار فيلم وثائقي تلفزيوني جديد عن حياته ومسيرته المهنية بعنوان “بوم بوم.. العالم ضد بوريس بيكر”، قائلا “: لا أعتقد أن هناك كُتيبا إرشاديا عن كيفية التصرف، وماذا تفعل وكيف تعيش حياتك عندما تفوز ببطولة ويمبلدون في سن 17 عاما، لقد كانت الشهرة والثروة أمرين جديدين تماما”.

ومضى يقول: “من الواضح أنني لم أدرس الأعمال التجارية مطلقا، ولم أدرس التمويل أبدا وبعد مسيرتي في التنس، اتخذت قرارين ربما بناء على نصيحتين سيئتين، ولكن مرة أخرى كان ذلك قراري”.

وبعد إصدار الحكم، أمضى بيكر الأسابيع الأولى من تنفيذ حكمه في سجن واندسوورث في جنوب غرب العاصمة البريطانية لندن، قبل أن يقضي معظم عقوبته في سجن هانركومب في أوكسفوردشاير.

وقال بطل ويمبلدون 3 مرات: “كل من يقول إن الحياة في السجن ليست صعبة فهو يكذب، لقد “كنت محاطا بالقتلة وتجار المخدرات والمغتصبين والمهربين والمجرمين الخطرين”.

وأضاف قائلا: “أنت تناضل كل يوم من أجل البقاء، وعليك أن تحيط نفسك بسرعة بالأولاد الأقوياء (كما أُطلق عليهم) لأنك بحاجة إلى الحماية”.

وتابع بيكر قائلا إن كونه لاعب تنس أسطوري لا يعني شيئا في السجن.

ومضى يقول: “إذا كنت تعتقد أنك أفضل من أي شخص آخر، فإنك تخسر. في الداخل، لا يهم أنني كنت لاعب تنس، العملة الوحيدة التي نمتلكها هي شخصيتنا. هذا كل شيء، ليس لديك أي شيء آخر، ليس لديك أي أصدقاء في البداية، أنت وحدك حرفيا وهذا هو الجزء الصعب، عليك أن تبحث في نفسك عن نقاط قوتك وأيضا نقاط ضعفك”.

بعد إطلاق سراحه، تم ترحيل بيكر إلى ألمانيا، ولن يُسمح له بالعودة إلى بريطانيا حتى أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2024.

وقال بيكر: “أفتقد لندن، وأفتقد ويمبلدون حقا، ولن أذهب إلى هناك هذا العام. أنا محظوظ لأنني أستطيع الوقوف على قدمي، ولم يخذلني أي من شركائي، لقد رحبوا بي في الوطن، وعندما تكون محبطا، وقد كانت السنوات الخمس أو الست الماضية صعبة جدا بالنسبة لي، فأنت حقا تكتشف من معك ومن ليس معك”.

وفي حديثه عن كيفية استقباله من قبل الناس منذ إطلاق سراحه، قال بيكر: “لا أحد مثالي بما فيهم أنا، وقد قبلت كل ذلك. لقد خرجت منذ ثلاثة أشهر ونصف وأنا أشعر بالتواضع بسبب الاستقبال الذي تلقيته من المعجبين، من الناس في الشارع، ومن الأشخاص الذين تابعوا القصة قليلا”.

ويقول بيكر، المحلل السابق في بي بي سي، إنه أجرى حوارا مع بي بي سي حول مشاركته في تغطية بطولة ويمبلدون في المستقبل.

وقال بيكر: “أخبرتهم أنه لا يمكنني العودة العام المقبل، وإذا سُمح لي بالعودة، فسأجري مكالمة هاتفية وأسأل عما إذا كانوا يريدون عودتي إلى فريق التغطية لبطولة ويمبلدون، سأحب بالتأكيد ذلك ولكن هذا ليس قراري”.

يعتقد بيكر أنه تعلم دروسا قيمة من الفترة التي قضاها في السجن.

وقال نجم التنس السابق: “لم أفكر قط في سن السابعة عشرة أنني سأُسجن في الرابعة والخمسين من عمري، لقد جعلني ذلك بالتأكيد أدرك أنه سواء كنت تدعى بوريس بيكر أو بول سميث، فإنك إذا خالفت القانون فستتم إدانتك وسجنك، هذا ينطبق على الجميع، عموما لقد خرجت من هذه التجربة أقوى وأفضل، لقد سُجنت ولكنني أيضا حصلت على المجد”.

وأضاف قائلا: ” يُمكنك من خلال قراراتي في المستقبل معرفة ما إذا كنت قد تعلمت من هذه التجربة أم لا”.

وعلى الرغم من كل ما حدث، يعتقد كريس باورز، المؤلف ومؤرخ التنس الذي وضع كتابا عن بوريس بيكر، أنه عندما يتم كتابة نعي بيكر سيكون التركيز على عظمة إنجازاته الرياضية بدلا من عاره القانوني.

ويقول باورز: “في اليوم الذي سيسقط فيه ميتا، سيخصص الناس أربعة أخماس حديثهم عنه لمسيرته في عالم التنس”.