بداية صيفية واعدة لحركة الطيران في أوروبا رغم تضخم الأسعار
وأظهرت النتائج المالية لشركات الطيران وتشغيل المطارات أن تبعات أزمة كوفيد-19 بدأت بالزوال.
فقد أعلنت مجموعة “إير فرانس-كاي إل إم” مضاعفة صافي أرباحها في الربع الثاني من 2023 ليبلغ 604 ملايين يورو، مستفيدة من ازدياد الطلب على السفر رغم ارتفاع معدل التضخم، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.
وهذا المبلغ قريب من إجمالي الأرباح التي حققتها الشركة طوال عام 2022، وبلغت 728 مليون يورو.
مضت شركات أخرى أيضا على مسار إيجابي مماثل، منها “إيزي جت” التي عاودت تحقيق الأرباح، و”ايه آي جي” المالكة لشركات عدة أبرزها الخطوط الجوية البريطانية “بريتيش إيروايز”، والتي حققت 921 مليون يورو من الأرباح في الأشهر الستة الأولى من السنة الحالية.
وعلى صعيد الشركات المشغّلة للمطارات، حققت “آيينا” الإسبانية أكثر من 600 مليون يورو من الأرباح في النصف الأول من عام 2023، بينما حققت نظيرتها الفرنسية “أ د ب” أكثر من 200 مليون.
لم تأت هذه الأرقام من عدم، فهي تعود بالدرجة الأولى الى زيادة مطردة في حركة الملاحة الجوية على امتداد القارة. ووفق أرقام هيئة المراقبة الجوية الأوروبية “يوروكونترول”، وصلت حركة الملاحة في منتصف يوليو الى 93 في المئة مما كانت عليه في الفترة ذاتها عام 2019، أي قبل الجائحة.
وبين يناير ويونيو، فتحت مطارات القارة أبوابها لـ 92.3 بالمئة من إجمالي المسافرين الذين مرّوا عبرها في النصف الأول من 2019، وفق مجلس مطارات أوروبا (“ايه سي آي”).
لكن توجّه حركة المطارات لم يكن نفسه في كل مكان. ففي حين سجّلت اليونان وتركيا والبرتغال زيادة بنسبة 112 و110 و108 في المئة تواليا في الأسبوع الذي بدأ في 10 يوليو، كانت ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا تسجل تراجعا في حركتها.
ويعزو مجلس “ايه سي آي” ذلك الى أن المسافرين الى هذه الدول يعتمدون على وسائل نقل أخرى أهمها القطارات.
مراقبة جوية هشّة
كما في الأجواء، كذلك على الأرض. فالوضع داخل المطارات يشهد سلاسة أكبر، اذ تغيب إجمالا مشاهد الفوضى التي سادت مطارات أوروبا عام 2022.
وأكد المدير العام لـ”إير فرانس-كاي إل إم” بنجامان سميث أن الوضع في مطار أمستردام-سخيبول، وهو من الأكبر في القارة، “يستقر” بعدما عانى السنة الماضية اكتظاظا وفوضى بسبب سوء التحضير لانتعاش الحركة بعد الجائحة.
وفي مطار رواسي-شارل ديغول في باريس حيث فقدت آلاف الحقائب العام الماضي، أكد سميث أن الموسم الصيفي انطلق “من دون مشكلات كبيرة” على رغم أن الوضع يبقى “حساسا وهشّا”.
وأثارت عودة حركة الملاحة الى سابق عهدها أسئلة بشأن ازدحام المجال الجوي الأوروبي. ففي يوليو، رصدت “يوروكونترول” تراجع دقة مواعيد رحلات الإقلاع 10 نقاط والهبوط 9.4 نقاط، مقارنة بما كانت عليه في 2019.
وأشارت الهيئة الى أن نصف التأخيرات في الرحلات تعود الى مشكلات “في القدرة والطاقم الوظيفي” المتوافر لمراقبة حركة الملاحة وتوجيه الطائرات.
واعتبر الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا)، أهم تجمّع لشركات الطيران، أن نقص الموارد هذا أمر “غير مقبول”.
من جهته، رأى المدير العام لشركة “إيزي جت” في فرنسا وهولندا برتران جودينو أن “الحرب في أوكرانيا لها تأثير كبير” على حركة الملاحة لأنها “تقلّص المجال الجوي” لأسباب السلامة.
وبعدما تأثرت خلال فصل الربيع بإضرابات احتجاجا على إصلاح نظام التقاعد، لم تشهد مراقبة الملاحة الجوية في فرنسا أي تحركات اجتماعية منذ بداية الصيف، على عكس ما عانته شركتا “راين إير” في بلجيكا و”إيزي جت” في البرتغال، وما قام به أفراد الطواقم الأرضية في إيطاليا.
وتتوقع غالبية الأطراف في النقل الجوي الأوروبي أن يكون نشاط السنة المقبلة عند المستويات نفسها لعام 2019.
وأكدت “إير فرانس-كاي إل إم” أن حجوزات نهاية العام تزيد بقليل عن الفترة ذاتها في 2022. من جهتها، سترفع “إيزي جت” طاقتها الاستيعابية بنسبة 15 في المئة في الفصل الذي يشمل ديسمبر، بحسب جودينو الذي تحدث عن “مؤشرات مشجعة بعد مواسم شتوية معقّدة أحيانا”.
وتترقب شركات الطيران ما إذا كان هذا النسق التصاعدي سيستمر على رغم تراجع القدرة الشرائية. ووفق أرقام الإدارة العامة للطيران المدني في فرنسا، باتت أسعار التذاكر أغلى بـ33 في المئة مما كانت عليه قبل الجائحة.
ورأى المدير العام لمجلس المطارات “ايه سي آي” أوليفييه يانكوفك أنه “حتى الآن، واجه الطلب بشكل جيد للغاية الضغوط التضخمية والزيادات القياسية للتعرفات منذ بدء العام”.
لكنه حذّر في المقابل من “تدهور الأساسيات الاقتصادية الكلّيّة” و”مؤشرات أولى على استنفاد الاحتياطات التي تمّ توفيرها خلال الجائحة”.
ومن المؤشرات التي قد تثير القلق، تقديم عدد من شركات الطيران عروضا مطلع يوليو، وهو أمر غير معتاد في هذه الفترة من العام، وفق ما أكد مسؤول في القطاع طلب عدم كشف اسمه.