انقسام إدارة بايدن حيال غزة يصل “سي آي إيه”.. ما دلالة ذلك؟
يأتي ذلك مع تصاعد التوترات داخل الإدارة حول ما إذا كان ينبغي للرئيس جو بايدن ممارسة المزيد من الضغوط على إسرائيل لوضع حد للقتال في قطاع غزة، وأن تمتد الهدنة الراهنة لوقف دائم لإطلاق النار وتجنب أزمة إنسانية فادحة لقرابة 2.5 مليون فلسطيني داخل القطاع المُحاصر.
ووفق صحيفة “فايننشال تايمز”، قامت نائبة مدير وكالة المخابرات المركزية للتحليل، بتغيير صورة غلافها على فيسبوك إلى صورة رجل يلوح بالعلم الفلسطيني الذي غالبا ما يستخدم في القصص التي تنتقد إسرائيل، معتبرة أن نشر صورة سياسية علنية على منصة عامة تعد خطوة غير عادية للغاية بالنسبة لمسؤول استخباراتي كبير.
ويعتقد عسكريون ومراقبون أمريكيون في حديثهم لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن خلافًا في الرؤى بدأ ينمو ويظهر بشكل واضح للجميع في تعامل الإدارة الأمريكية حيال الحرب في قطاع غزة، مشيرين إلى 3 مؤسسات رسمية طالها هذا الانشقاق سواءً في الخارجية أو وكالة الاستخبارات أو البيت الأبيض ذاته، لكنهم في الوقت ذاته قللوا من تأثيره، موضحين أن “كافة المؤسسات تُنفذ السياسات المُعلنة للرئيس الأمريكي تجاه هذه الأزمة”.
ماذا حدث؟
- رغم نشر مسؤولة كبيرة في وكالة المخابرات المركزية الأميركية صورة مؤيدة لفلسطين على فيسبوك، إلا أن صحيفة فايننشال تايمز قررت عدم ذكر اسمها بعد أن أعربت وكالة المخابرات عن قلقها بشأن سلامتها.
- وفي منشور منفصل على فيسبوك، نشرت مسؤولة المخابرات أيضًا صورة شخصية مع ملصق مكتوب عليه “فلسطين حرة”.
- قال شخص مطلع: “الضابط محلل محترف يتمتع بخلفية واسعة في جميع جوانب الشرق الأوسط، ولم يكن المقصود من هذا المنشور [العلم الفلسطيني] التعبير عن موقف بشأن الصراع”.
- ولم تستجب مسؤولة وكالة المخابرات المركزية لمحاولة الوصول إليها عبر موقع “لينكد إن”، ولكن بعد التواصل يوم الإثنين، حُذفت الصور المؤيدة لفلسطين والمشاركات غير ذات الصلة من العام ونصف العام الماضيين من صفحتها.
- 4 من مسؤولي المخابرات السابقين أعربوا عن دهشتهم من أن أحد نائبي المدير المساعدين الذين يقدمون تقاريرهم التحليلية، ينشر صورة على فيسبوك تظهر وجهات نظر سياسية بشأن قضية مثيرة للخلاف.
- أشرفت مسؤولة وكالة المخابرات المركزية في السابق على إنتاج الموجز اليومي للرئيس، وهو عبارة عن مجموعة من المعلومات الاستخبارية السرية للغاية التي يتم تقديمها إلى الرئيس في معظم الأيام.
- قالت وكالة المخابرات المركزية في بيان لها: “إن ضباط وكالة المخابرات المركزية ملتزمون بالموضوعية التحليلية، التي هي جوهر ما نقوم به كوكالة.. وقد يكون لدى ضباط وكالة المخابرات المركزية وجهات نظر شخصية، ولكن هذا لا يقلل من التزامهم – أو التزام وكالة المخابرات المركزية – بالتحليل غير المتحيز”.
- وسبق أن قدّم جوش بول، مدير مكتب شؤون الكونغرس والشؤون العامة في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية للشؤون العامة بالخارجية الأميركية، والذي يتعامل مع عمليات نقل الأسلحة، استقالته، مرجعًا ذلك إلى أنه لا يستطيع دعم المزيد من المساعدة العسكرية الأميركية لإسرائيل، واصفًا موقف واشنطن بأنه “رد فعل اندفاعي” قائم على “الإفلاس الفكري”.
- كما نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرا أشار إلى أن البيت الأبيض شهد اضطرابا غير مسبوق بين مجموعة من الموظفين تحديدا من صغار السن وكبار مستشاري الرئيس جو بايدن، جراء تداعيات الحرب في غزة.
- وكشفت شبكة “سي إن إن” أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اعترف في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى الموظفين، بوجود خلافات داخل وزارة الخارجية بشأن نهج إدارة بايدن تجاه الحرب بين إسرائيل وحماس.
ماذا يعني ذلك؟
من جانبه، أقرّ نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط مايك ملروي، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن هناك نوعًا من الانقسام في الإدارة الأمريكية بشأن الموقف من الحرب في قطاع غزة، لكنه قابل للحل وإحداث توافق في الآراء.
وأوضح “ملروي” الذي سبق أن عمل في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، أنه على الرغم من وجود “اعتقاد قوي بأن إسرائيل يجب أن تسعى إلى تدمير قدرات حماس، إلا أن هناك قلق كبير حول كيفية قيامهم بالحرب، حيث تم تدمير أكثر من 50 في المائة من المباني في شمال غزة، ويُعتقد إلى حد كبير أن أنصار حماس موجودين في الأنفاق”.
ومن واقع تجربته في وكالة الاستخبارات الأمريكية، قال “ملروي” تعليقًا على واقعة نشر مسؤولة في الوكالة لصورة مؤيدة لفلسطين: “كانت تجربتي طوال فترة وجودي في وكالة الاستخبارات المركزية، أنهم كمؤسسة كانوا غير سياسيين، حيث تنحصر مهمتهم هي جمع المعلومات الاستخباراتية وإنتاج التحليل وإجراء عمليات سرية بناء على توجيهات الرئيس الأمريكي”.
وأضاف: “إذا أراد العاملين أن يكونوا سياسيين فعليهم الترشح لمنصب سياسي”.
ولفت المسؤول الدفاعي السابق، إلى الاعتراضات داخل وزارة الخارجية الأمريكية بشأن سياسات الإدارة من حرب غزة، قائلًا: “نعم، أعتقد أن الحكومة لديها العديد من الانقسامات، على الرغم من أنها يجب أن تتمتع بقدر من السياسة في إدارة هذا الأمر، إذ أن الحكومة هي المنوط بها تنفيذ سياسة الولايات المتحدة”.
وبشأن تأثير هذه الخلافات على الحرب في غزة، بيّن أنه “يمكن أن يؤثر على طريقة تنفيذ السياسات، لكن في النهاية، يضع الرئيس السياسة ولكن الدولة ووزارة الدفاع وغيرها من المؤسسات تنفذها”.
الولاء للأمن القومي أولًا
أما الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الأمنية والاستراتيجية إيرينا تسوكرمان، فتقول لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه “بالنسبة لمسؤولي وكالة المخابرات المركزية، فيجب أن يكون ولائهم لمصالح الأمن القومي الأميركي، وليس أجندات شخصية”.
وأضافت أن “إظهار الدعم لمنظمة إرهابية حسب التصنيف الأمريكي، ينتهك واجب اليمين الدستورية لحماية الرئيس ومصالحه، وعلى أي حال، لا ينبغي أن يستعرض ضباط المخابرات علنا أجندة شخصية لأي جانب، إذ وضعت تلك المسؤولة الوكالة وزملائها ووظيفتها في خطر”.