اليمين المتطرف: قصة البلدة التي تتصدى للمعادين للاجئين بطريقة مبتكرة
- أشيتا ناغيش
- مراسلة الشؤون المجتمعية
تعمل الجماعات اليمينية المتطرفة على تأجيج التوترات في مدن بريطانيا من خلال توزيع منشورات تحريضية عبر أبواب المنازل وتنظيم مسيرات مناهضة للمهاجرين. في إحدى مدن جنوب ويلز، احتشد المجتمع المحلي معا ويخطط لاحتجاج سلمي مضاد.
تعيش آني، البالغة من العمر 73 عاما، في لانتويت ميجور على الساحل الجنوبي لويلز منذ أكثر من 50 عاما. وهي تعيش في مبنى كنيسة قديمة، وتحب الزراعة وتنسيق تبادل البذور مع عشاق البستنة الآخرين في مجتمعها.
لقد رأت أطفالها وأحفادها وأبناء أحفادها يكبرون في المدينة. والآن، هي واحدة من القادة غير المتوقعين للرد المحلي ضد جماعة وطنية يمينية متطرفة تستهدف لانتويت ميجور.
لم تتخيل آني أن تخوض معركة كهذه..
نظمت جماعة “البديل الوطني” احتجاجات مناهضة للمهاجرين في جميع أنحاء بريطانيا، وتقوم بتحريض المجتمعات المحلية حيث توجد توترات بشأن توفير الإقامة لطالبي اللجوء.
بدأت الجماعة في توزيع منشوراتها في لانتويت ميجور في فبراير/شباط الماضي، بعد وقت قصير من إعلان مجلس بلدة فال أوف غلامورغان أنه سيتم بناء منازل مؤقتة للاجئين في موقع مدرسة ابتدائية مغلقة. وقد دعت المنشورات لتنظيم احتجاج على قرار المجلس البلدي في 25 مارس/آذار، وجاء في المنشورات: “لانتويت تقول لا لمعسكر للمهاجرين”، و “لا لمزيد من المهاجرين – ويلز مكتظة”.
مثل كثيرين في المدينة، لم تسمع آني عن البديل الوطني. لكنها بدأت تشعر بتأثيرهم.
أصبحت المناقشات في المجموعة المحلية في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك محتدمة بشكل متزايد، وسرعان ما تحولت المحادثات الودية الصغيرة في المقاهي وفي الشارع إلى محادثات مشحونة.
وفي 21 فبراير/شباط الماضي، نشر نادي البلدة لكرة القدم بيانا على وسائل التواصل الاجتماعي قال فيه: “لا مكان للعنصرية وكراهية الأجانب والتمييز في لانتويت”.
بعد ذلك بوقت قصير، جاء أعضاء من فرع كارديف بمنظمة وطنية مناهضة للعنصرية إلى لانتويت ميجور حيث التقوا بأشخاص يشعرون بالقلق، وتعهدوا بتنسيق الرد.
قال ريان، أحد سكان لانتويت الذي غيرنا اسمه، لبي بي سي نيوز: “لقد فكرت للتو، هذا سخيف، دعنا نواصل الأمر، ما الذي يمنعنا؟”.
أنشأ ريان مجموعة دردشة جماعية جديدة على تطبيق واتس آب تضم أي شخص يشعر بالقلق من منشورات البديل الوطني – بما في ذلك رئيس نادي الحياكة ودي جي نادي كرة القدم والأب إدوين كونسيل.
مثل معظم الأشخاص في المجموعة، قال جاك، دي جي نادي كرة القدم الذي يعمل أيضا في مقهى عائلته، لبي بي سي نيوز إنه ليس لديه خلفية في النشاط السياسي. لكنه شعر بالحاجة لحماية مجتمعه من “غير الأسوياء” الذين يعيشون هناك. وأضاف قائلا: لانتويت مدينة إيجابية للغاية وودودة حيث يتم الترحيب بالجميع”.
وقالت المجموعة إن فكرة الاحتجاج المضاد الكامل أثارت مخاوف حيث لم يرغبوا في دعوة المحرضين عن غير قصد من أي خلفية سياسية.
وفي النهاية، شعروا أن أفضل طريقة لتحدي المجموعة اليمينية هي المقاومة السلمية من خلال “روح الترحيب”، كما قال الأب كونسيل لبي بي سي نيوز.
وأضاف قائلا إن يوم المقاومة السلمية سيبدأ بوقفة احتجاجية ليلية في الكنيسة، يتبعها تقديم كعكة ويلزية خلال النهار. وستفتح كنيسة أخرى أيضا مساحة خلال النهار لأي شخص يشعر بالقلق من جماعة البديل الوطني.
قال الأب كونسيل: “الكعك الويلزي هو رمز للضيافة، لذلك إذا قابلت شخصا يمينيا متطرفا وفاشيا جديدا يبدو في غير مكانه هنا، فإن السؤال الحاسم الذي يجب أن تسأله لهذا الشخص هو: هل تريد كعكة ويلزية؟”.
لقد اطلاق اسم “يوم التعاطف” على الحراك.
وقال الأب كونسيل: “هل أريد أن أرحب بهؤلاء الناس في لانتويت؟ دعوني أقول لكم الحقيقة، لا أفعل، أريدهم أن يرحلوا ودعونا نبدأ في حل مشكلة محلية. ولكن إذا كانوا سيأتون، فأنا آمل أن يروا شيئا في ترحيبنا”.
ومع ذلك، هناك توتر لا يمكن إنكاره في البلدة. قالت آني إنها تعرضت أحيانا لتحديات أثناء توزيع منشورات “يوم التعاطف”، وقالت إن أحد الرجال تحدث معها بإسهاب عن “مدى كرهه للمسلمين”.
كما أخبرتها امرأة أخرى أنها اشترت للتو ورممت منزلا بالقرب من موقع التطوير، وأنه بينما كانت سعيدة بإيواء الأوكرانيين هناك فإنه “إذا أتى أي شخص آخر، فسأنتقل من المكان”.
لكن القضية ليست أسود وأبيض – وبالنسبة للكثيرين في المدينة، فإن آراءهم تقع في منطقة رمادية حيث يوافق البعض بشكل عام على إعادة إسكان طالبي اللجوء، لكنهم يختلفون حول كيفية تنفيذ الخطط.
قالت آني، على سبيل المثال، إنها تتفق مع هذا المبدأ لكنها تخشى أن يتم فصل من هم في المنازل الجديدة عن بقية المدينة.
ويشعر آخرون بالقلق من أن الزيادة المفاجئة في عدد السكان يمكن أن تضع ضغطا على الخدمات المحلية. وكتبت إحدى النساء، ردا على إعلان المجلس البلدي، في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تقول: “إن لانتويت بلدة صغيرة تنمو بالفعل بسرعة كبيرة بحيث لا يمكنها التأقلم، الآن لدينا هذا الأمر”.
وهناك عدد من الأشخاص يأملون في أن يتم استخدام الموقع لبناء مركز صحي جديد، وهو الأمر الذي قال عنه أولئك الذين يقفون وراء يوم التعاطف إنهم يتفهمونه ويتعاطفون مع موقفهم.
لكن هذا أيضا أمر استغله “البديل الوطني” بشكل مباشر في منشوراته التي استهدفت المدينة بشعارات مثل: “أين المركز الطبي؟”.
ولانتويت ميجور ليست الحالة الوحيدة التي استهدفتها جماعة “البديل الوطني” بل نفذت احتجاجات في بلدات أخرى في بريطانيا، حيث توجد فنادق مستخدمة كسكن مؤقت لطالبي اللجوء.
ففي شمال روثرهام، حذرت منشورات السكان من “الإبادة الجماعية للبيض”. وقامت المجموعة بعدة زيارات إلى سكيغنيس، حيث تتصاعد التوترات بالفعل حول شغل الفنادق، والتي يشعر بعض السكان بضرورة تركها لزوار المدينة في موسم العطلات. وقد احتلت مظاهرة خارج فندق في كيركبي بميرسيسايد في فبراير/شباط الماضي عناوين الأخبار عندما تحولت إلى الفوضى.
وقال مركز مكافحة الكراهية الرقمية (سي سي دي إتش) لبي بي سي نيوز إن “البديل الوطني” له نشاط كبير عبر الإنترنت. وتوصل تحليل أجراه المركزإلى أن التغريدات التي نشرها مارك كوليت، مؤسس البديل الوطني، تمت مشاهدتها بشكل جماعي أكثر من 10.6 مليون مرة قبل أن يتم تعليق حسابه وحساب المجموعة من قبل موقع التواصل الاجتماعي تويتر في 23 فبراير/ شباط الماضي.
والآن، تشارك المجموعة منشوراتها بشكل أساسي على منصات أقل شيوعا.
وقال كالوم هود، رئيس الأبحاث في مركز مكافحة الكراهية الرقمية ، لبي بي سي نيوز: “إن منصات وسائل التواصل الاجتماعي الأصغر بعيدة عن وهج التدقيق المكثف، فهي أرض خصبة للتطرف بشكل لا يصدق”.
وقال المستشارون وقادة المجتمع والمجموعات التي تعمل مع اللاجئين في المناطق المستهدفة لبي بي سي نيوز إن الفنادق غالبا ما تكون في مواقع غير مناسبة، والمجتمعات والمجالس المحلية لا تُستشار إلا في اللحظة الأخيرة هذا إذا جرت استشارتها.
في نوسلي، قال المجلس إنه تلقى إشعارا قبل 48 ساعة من استخدام الفندق لإيواء طالبي اللجوء.
وفي لانتويت، حتى أولئك الذين كانوا إيجابيين بشأن التطوير يعتقدون أن القرار جاء دون سابق إنذار. وقال مجلس فال أوف غلامورغن أنه حصل على تصريح بناء المنازل فقط في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وقالت وزارة الداخلية البريطانية لبي بي سي نيوز إنها “مستمرة في التواصل مع السلطات المحلية أبكر ما يمكن، كلما تم استخدام المواقع لإيواء اللاجئين والعمل لضمان ترتيبات آمنة لسكنة الفنادق والسكان المحليين”.
وقال تيم سكوريل، من معهد الحوار الاستراتيجي (آي إس دي)، لبي بي سي نيوز إن هذا النوع من “القضايا في المناطق المحلية” هو بالضبط ما تستغله الجماعة “لتعزيز صورتها واكتساب مجندين”.
وأضاف قائلا إن جماعة البديل الوطني ترى المخاوف بشأن الهجرة واللجوء على أنها “قضايا رابحة” ستكسبهم الدعم المحلي وتسمح لهم بتعريف الناس بأفكارهم الأكثر تطرفا”.
وتصف جماعة البديل الوطني نفسها على موقعها على الإنترنت بأنها “مجموعة بناء مجتمعية وأنشطة” وتنظم حملات حول ما تدعي أنها “قضايا مثل التدهور الديموغرافي للبريطانيين الأصليين في المملكة المتحدة، والتأثير البيئي للهجرة الجماعية ومواجهة التحيز السياسي الذي يتم تلقينه للطلاب في المدارس البريطانية “.
وبالنسبة لآني، فإن التفكير في احتمال وصول مجموعة يمينية متطرفة إلى بلدتها يجعلها تشعر “بالخوف والقلق والرعب”، لكنها في الوقت نفسه تقول إنها “مندهشة من مدى صلابة وقوف الجميع معنا”.
ووافق جاك على هذا الرأي، قائلا إنه على الرغم من المنشورات فإن معظم الناس لا يريدون أن يحدث الاحتجاج. وأضاف قائلا: “ما تجده عموما هو مدى الدبلوماسية هنا، فالناس في الواقع يستمعون إلى بعضهم البعض، ويفكرون في الأمور ويتوصلون إلى تنازلات”.
ومضى يقول إن معظم أولئك الذين يشعرون بالقلق من قرار المجلس البلدي الأخير”لا يريدون نازيين جدد هنا رغم شعورهم بالقلق”.