الوثائق الأمريكية المسربة تكشف عن وجود خلافات روسية داخلية حول إخفاء الخسائر البشرية
- بول كيربي
- بي بي سي نيوز
كشفت الوثائق الأمريكية المسربة أن الخلافات داخل الأجهزة الأمنية الروسية قادت إلى اتهام وزارة الدفاع بالتقليل من عدد الخسائر البشرية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا.
وكانت روسيا مقلة في الحديث علناً عن حجم خسائرها البشرية في الحرب.
لكن الملفات تظهر أن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (أف أس بي) زعم أن المسؤولين لا يحصون عدد القتلى من الحرس الوطني الروسي ومن مرتزقة فاغنر وجهات أخرى.
وحذرت روسيا بالفعل من أن التسريبات قد تكون مزورة، تم التخلص منها عن عمد من جانب الولايات المتحدة.
غير أن التفاصيل تؤيد ما كان معروفاً على نطاق واسع وهو أن لدى الجيش الروسي والأجهزة الأمنية خلافات متكررة حول طريقة التعامل مع الحرب في أوكرانيا وأن روسيا تجنبت نشر أعداد القتلى والجرحى.
وما تزال الحسابات المبلغ عنها من جانب جهاز الأمن الفيدرالي الروسي لقرابة 110 آلاف ضحية بحلول فبراير/ شباط أقل بكثير من الأعداد التي ظهرت هذا الأسبوع في الوثائق الأمريكية المسربة سابقاً، والتي تقدر الخسائر البشرية الروسية ما بين قرابة 190 ألفا و 223 ألفا، من بينها ما بين 35,500 إلى 43,000 رجل قتلوا في العمليات العسكرية.
وتعود أحدث الأرقام الروسية إلى سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، عندما تأكد مقتل 5,973 من قوات الأمن الروسية.
وتقول الوثيقة نفسها إن تقليل عمليات الإبلاغ عن الخسائر البشرية داخل النظام يسلط الضوء على “الممانعة المستمرة” داخل الجيش لنقل الأخبار السيئة إلى المسؤولين في سلسلة القيادة.
وأشار معلقون في مرات عدة إلى أن الرئيس فلاديمير بوتين لا يتم إيصال مدى الخسائر البشرية في صفوف الروس في ساحة المعركة إليه، ويبدو أن هذا التقييم قد ثبتت صحته من خلال عمليات الاعتراض هذه للاتصالات، والتي تصنف على أنها “أس أي” أي معلومات استخبارية خاصة.
وتشير وثيقة أخرى مصنفة على أنها سرية للغاية إلى وجود “حرب معلومات” بين وزارة الدفاع ورئيس مجموعة مرتزقة فاغنر، يفغيني بريغوجين في شهر فبراير/ شباط.
فقد اتهم بريغوجين مراراً الجيش بوقف إمدادات الذخيرة بينما كان رجاله يقاتلون من أجل السيطرة على باخموت في شرقي أوكرانيا.
وتنقل الوثائق المسربة عن مسؤولين في الوزارة قولهم إنهم وجدوا “حلفاء بمكانة مساوية لقتال بريغوجين بدلاً من القيام بذلك بأنفسهم”.
وعلى نحو له دلالة، فإن التقييم في الوثائق المسربة يؤكد على أن الخسائر الهائلة التي مني بها الحرس الوطني الروسي أو “روزغفارديا”، ستعمل “على الأرجح على إعاقة محاولات موسكو لتأمين كافة المناطق التي احتلتها بصورة كاملة”.
وشاركت قوات “روزغفارديا” في العمليات القتالية وساعدت في تنظيم الاستفتاءات الشعبية المزورة التي نظمتها روسيا وقادت إلى قيام بوتين بضم أربع مناطق أوكرانية في سبتمبر/ أيلول الماضي.
ولا يُعرف الكثير عن هوية مسرب الوثائق، لكن صحيفة الواشنطن بوست أفادت بأنه شخص متحمس للسلاح في العشرينيات من عمره وسبق له أن عمل في قاعدة عسكرية أمريكية.
وبحسب الصحيفة، فإن مسرب الوثائق نسخ محتوى الوثائق السرية التي رآها في القاعدة ثم طبعها، وبعد ذلك نشر صوراً للوثائق نفسها.
ومن بين صفحات الوثائق المصورة، صفحة تظهر تقييم الولايات المتحدة لـ “حملة الاستنزاف الطاحنة” لروسيا في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا. ويقول التقييم إنه وباسثناء حدوث “انتعاش غير متوقع” من جانب القوات الروسية، فإنه سيكون بمقدور أوكرانيا أن تُحبط أهداف موسكو من الحرب “الأمر الذي سينجم عنه حرب ممتدة إلى ما بعد 2023”.
وكان نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف قد أشار إلى احتمال أن تكون الولايات المتحدة قد رمت الوثائق عمداً. ودلل على ذلك بالقول إن واشنطن بصفتها “طرفاً في الصراع” ربما سعت إلى “تضليل العدو، والذي هو روسيا الاتحادية”.
ولكن وثيقة أخرى مسربة مثيرة للاهتمام تنقل عن مديرية العمليات الرئيسية الروسية إشادتها بعملية ناجحة في أوائل فبراير/ شباط استهدفت إقناع المخابرات الأوكرانية بوجود هجوم روسي- بيلاروسي مشترك محتمل انطلاقاً من بيلاروسيا.
ومع توقف الحملة العسكرية الروسية في الشرق في الفترة التي سبقت الذكرى السنوية الأولى للحرب، ظهرت تقارير تتحدث عن تعزيزات عسكرية روسية في بيلاروسيا بهدف إحياء غزوها الذي لم يتم من الأراضي البيلاروسيا قبل عام.
واضطرت كييف إلى نقل قوات للدفاع عن المنطقة من هجوم محتمل، محولة تلك القوات من خطوط الجبهة في الشرق والجنوب.
وتنقل الوثيقة المسربة عن مسؤول في المديرية توصيته بمرحلتين أخريين من النشاط في مارس/ آذار بهدف “تضليل القوات الأوكرانية”. وتوضح التسريبات أن الخطط أرسلت إلى قائد الجيش البيلاروسي من أجل الموافقة عليها.