لحظة بلحظة

الملكة رانيا ترحّب بزوجة ابنها… «وأخيراً صار عندي كنّة»


بين المطارات وحفلات الزفاف والنوادي الليلية، تمضي كلوي كتيلي أيامها. ليست الحياة عاديةً ولا رتيبة بالنسبة إلى فتاةٍ اختارت أن تكون DJ (منسّقة موسيقى). لا تكاد تختتم حفلاً، حتى تتوجّه إلى مناسبة أخرى. «لا أُطلَب إلى الحفلات لأني أنثى بل لأني محترفة»، تقول بثقة في حديث مع «الشرق الأوسط».

رغم أن أعدادهنّ إلى ازديادٍ عربياً، فإن صورة الـDJ الإناث ما زالت غير مألوفة، وهو واقعٌ تختبره كلوي في كل إطلالاتها تقريباً. تُسقِط الصبغة الذكورية عن المهنة، لكنها تقرّ: «الناس بتتفاجأ فيّي لأني بنت».

DJ منذ سن الـ14

كانت الشابة اللبنانية في الـ14 من عمرها عندما رافقت أحد الأصدقاء إلى ملهى ليليّ. لم تذهب بهدف الرقص ولا السهر، فالأمر ممنوع أصلاً على القاصرين، وهي لم تُرِد سوى مراقبته وهو يعمل؛ كانت المرة الأولى التي ترى فيها DJ، وكان حباً خاطفاً. تخيّلت نفسها مكانه، تعتمر السمّاعات وتتحكّم بالأزرار وتلعب أجمل الأغاني، فقررت أن تخوض التجربة. تخبر أنها لم تكن تعرف ماذا ينتظرها إلى أن طلبت من صديقها تعليمَها: «وضعني أمام الآلات فتبيّنَ لي أن الأمر ليس مجرّد فكرة جذّابة وصبيّة تضع السمّاعات على رأسها، بل كان عملاً دؤوباً يحتاج إلى كثير من القدرات والثقافة الموسيقية».

بما أنها كبرت في بيتٍ ليس البيانو والعود فيه مجرّد أثاثٍ أو زينة، لم يكن صعباً عليها إقناع والدَيها بشغفها المستجدّ، وهما اللذان أرسلاها إلى المعهد العالي للموسيقى لتعلّم الغناء. بعد أوّل «لا» سمعتها منه، لانَ موقف الوالد المتخوّف من فكرة العمل ليلاً، لكنّ الشرط كان واضحاً: «مدرستُك قبل أي شيء، وسأرافقك إلى كل الحفلات والسهرات». وهكذا كان؛ بدأت الـDJ كلوي تحيي حفلاتٍ صغيرة وتستفيق في الصباح التالي إلى مدرستها، حيث لم تترك مجالاً لأي أستاذ أو زميل بأن يتنمّر على «مهنتها» أو أن يعلّق سلباً على ما تفعل.

نصيحة الوالدة ومواكبة الوالد

بين أول حفل كبير أحيَته أمام ألف شخص وهي لم تكن قد بلغت عامها ال18 بعد، والعرض الذي افتتحت به حفل الفنان المصري عمرو دياب في دبي عام 2022، مسافة 10 سنوات من المثابرة. هكذا تقارن كلوي بين المحطتَين: “المرة الأولى كان قلبي يقفز كما الطبلة بسبب الخوف. أما عندما افتتحت حفل عمرو دياب حيث تجاوز الحضور 16 ألف شخص، فلم أخَف. ما شعرت به تحديداً في تلك الليلة، هو أنني كنت أحصد ما زرعت. لم أحسّ بالخوف ليس لأنني لا أخاف، بل لأني عملت سنوات على بناء قدراتي وثقتي بنفسي، فعندما وقفت تلك الوقفة شعرت بأنني أستحقّها لأني عملت بجدّ من أجلها.”

شكّلت تلك الحفلة نقطة تحوّل في مسيرة كلوي، وجاءت بمثابة تأكيد على نظرية والدتها التي لطالما أصرّت عليها أن تلعب الموسيقى العربية. فالتحوّل الفعليّ الذي أخذ الصبيّة من مكان إلى آخر في المهنة، هو لحظة سمعت نصيحة أمّها: “حاولي بالعربي.. فهي الموسيقى التي تعبّر عن جذورك وهويّتك، كما أنها الأكثر شعبيةً في منطقتنا”. وبعد سنواتٍ تفرّغت خلالها للموسيقى الغربية، تعلّمت تنسيق الأغاني العربية “الأصعب بكثير من الغربية في تجربة الDJ”، وفق تعبيرها.

تنسيق الموسيقى العربية أصعب من الغربية بالنسبة لـDJ، وفق كلوي كتيلي (إنستغرام)

فتحت تلك النقلة أمام كلوي أبواب أحد أهمّ النوادي الليلية في بيروت، ولاحقاً باتت تُطلب لإحياء السهرات والحفلات في العالم العربي وأوروبا. وكما خلال المراهقة كذلك اليوم وهي في ال27، ما زال والدها أو شقيقها يرافقانها إلى العمل، سواء في لبنان أم خارجه. هما يصرّان على ذلك وهي لا تنزعج من الأمر، مع العلم أنها لم تتعرّض يوماً لأي موقف مزعج خلال العمل، وفق ما تؤكّد.

بمنأى عن التحرّش

ترفض كلوي الأحكام المُسبَقة على مهنتها غير التقليديّة بالنسبة لفتاة، وتعلّق: “على عكس ما يتصوّر الناس، أنا لا أتعرّض لتحرّش ولا أسمع كلاماً غير لائق من روّاد السهَر. في النوادي الليليّة ثمّة عددٌ من المسؤولين عن الأمن، ثم إن الموقع الذي أتواجد فيه للعب الموسيقى بعيد عن القاعة الرئيسية وحلبة الرقص.” أما حركاتها الراقصة التي غالباً ما ترافق تنسيقها للموسيقى، فلا ترى فيها عنصر إثارة بل تفاعلاً مع الإيقاعات والنغمات وجزءاً من الترفيه ومن هويتها كDJ.

تتعامل كلوي مع مهنتها بجدّية واحتراف وهي متفرّغة لها. تقول: “يظن الناس أن عملي هو مجرّد الحفلة التي أحييها. ليس الأمر كذلك إطلاقاً، فأنا أمضي ساعات طويلة في تحضير القوائم الموسيقية خصوصاً أن لكل حفل القائمة الخاصة به.” يأتي لاحقاً إقناع الناس بالموسيقى المختارة؛ “يتطلّب الموضوع أبحاثاً كثيرة، لا سيّما في الأعراس العربية حيث أضطرّ إلى لعب موسيقى لا أعرف الكثير عنها.”

تشعر كلوي بالمسؤولية تجاه أصحاب النوادي الليلية الذين يأمنونها على مصدر رزقهم، وفي هذا الإطار تقول إن “أي خطأ ممكن أن يهرّب الزبائن ويسيء إلى سمعة المؤسسة.” تتضاعف المسؤولية حين يتعلّق الأمر بالأشخاص الذين يأمنونها على مناسبات تحصل مرة واحدة في العمر، كالأعراس على سبيل المثال. تحرص على أن لا تخيّب العروسَين، خصوصاً أنها لا تستطيع أن تقول لهما: “أعوّض لكما في الزفاف المقبل”، تقول ضاحكةً.

لا يخلو الأمر من مشكلات تقنيّة كحدوث عطل مفاجئ في الآلات، وفي هكذا حالة تحاول كلوي الترفيه عن الحضور قدر المستطاع، حتى وإن اقتضى الأمر أن تحمل الميكروفون وتُطلق “الآويها” كما حصل مرةً في أحد الأعراس.

برأي كلوي، مسؤولية إنجاح الحفل تقع على عاتق الـDJ (إنستغرام)

هي التي تؤمن بأن مهمة الDJ ليست مجرّد تنسيق الموسيقى، بل عملاً دؤوباً وقدرة على التواصل مع الناس والترفيه عنهم، ترفض التمييز بين أنثى وذكر في المهنة. تقول: “لا فرق عندي بين DJ رجل وDJ إمرأة، فالأداء المميّز والمثابرة أهم من مذكّر ومؤنّث”.



المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى