المغرب.. تجارب زراعية واعدة على بذور مقاومة للجفاف
وأعلن المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة، والمعهد الوطني للبحث الزراعي، مؤخرا، عن تسجيل 6 أصناف جديدة واعدة من بذور القمح الصلب والشعير تقاوم الجفاف والحرارة المرتفعة، وستكون متاحة للزراعة في جميع مناطق المملكة.
وجاء تطوير الأصناف الستة، ثمرة عمل استمر 10 سنوات بين باحثي المركز الدولي والمعهد الوطني، وتماشيا مع خطة الجيل الأخضر لوزارة الفلاحة المغربية الهادفة إلى تحقيق اكتفاء غذائي بحلول 2030 على مستوى محاصيل الحبوب، من خلال تعزيز البذور المعتمدة وتقديم أفضل الأصناف للمزارعين.
تحسين إنتاجية الحبوب
عن أهمية هذه الخطوة، يقول المهندس الزراعي، إبراهيم العنبي، إن “ما تم التوصل إليه بعد تجارب من طرف معهد البحث الزراعي وشريكه الدولي، سيكون له دور كبير في إنتاج ما يحتاجه المغرب من حبوب، خصوصا أن جلّ مناطق المغرب ذات طقس جاف”.
وأضاف العنبي: “أصبح من الضروري الاعتماد على أصناف جديدة من الحبوب المقاومة للجفاف، خصوصا إذا علمنا أن معدل إنتاج الحبوب في الهكتار حاليا لا يتعدى 20 قنطارا في أحسن السنوات الممطرة”.
وأوضح العنبي في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” أنه “بحسب التجارب التي قام بها الباحثون المغاربة، فإن هدف الإنتاج سيكون بين 30 و50 قنطارا في الهكتار، وهو ما يعد رقما قياسيا في المناطق التي لا تعدى بها التساقطات المطرية 200 ميليمتر سنويا”.
وأدى الجفاف إلى انخفاض إنتاج المغرب من الحبوب في عام 2022 بنسبة 67 في المائة إلى 3.4 مليون طن، من بينها 1.89 مليون طن من القمح اللين، وهو المحصول الرئيسي في البلاد، فيما بلغ متوسط واردات المغرب من القمح اللين 3 ملايين طن سنويا، على مدى العقد المنصرم.
استراتيجية جيدة للفرز الجيني
في خضم هذا الوضع الذي يهيمن عليه نقص التساقطات المطرية وتراجع الإنتاج الزراعي، يعتقد الأستاذ في الكلية متعددة التخصصات بالناظور، المتخصص في العلوم الزراعية والفيزيولوجيا النباتية، كمال أبركاني، أن نتائج مشروع بحث المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة، والمعهد الوطني للبحث الزراعي “بادرة واستراتيجية جيدة في مجال الفرز الجيني للبذور التي أسفرت عن حبوب مقاومة للجفاف”.
وأشار أبركاني في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “الفرز الجيني لا يعني التعديل الوراثي للحبوب (OGM)”، مضيفا أن “التدخل بالفرز الجيني كما هو معلوم قد يكون هدفه الحصول على جودة معينة للإنتاج، أو لمقاومة الأمراض أو الحشرات، وليس من أجل مقاومة الجفاف الذي شكّل الهدف الرئيسي لهذا المشروع”.
ونبه المتخصص في العلوم الزراعية والفيزيولوجيا النباتية، إلى أنه “لا يجب الاقتصار عما سُجّل حتى الآن من أصناف مقاومة للجفاف، بل هناك، حسب المراجع العلمية، بذور أخرى تم الاشتغال عليها لسنوات في بلدان أخرى، في أميركا وآسيا وأوروبا، والتي يستوجب اختبار ملاءمتها ومدى مقاومتها للجفاف تحت ظروف الزرع والمناخ والتربة ببلادنا”.
واعتبر أبركاني هذه الخطوة أنها “قد تكون أيضا حلا آخر من الحلول التي يمكنها أن تساهم في توفير الأمن الغذائي للمملكة، وهو ما يتطلب سنوات من البحث العلمي التطبيقي في الميدان، لأنه يجب التركيز على التجارب التي تجرى في أراضي الفلاحين في ظروف عادية، واختبارها لعدة سنوات وتحت ظروف الجفاف التي تكون في بعض الأحيان مستمرة أو متقطعة، والتي يمكن أن تؤثر على المراحل الفيزيولوجية للنبات”.
تنويع أشكال التدخل حتمي
الخبير في مجال المياه، عمر الودادي قال لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “الرهان على البحث العلمي والتقدم التكنولوجي لا مناص منه لمواجهة مخاطر التغيرات المناخية، إذ أنه أمام شح التساقطات وندرة الموارد المائية، وكون الجفاف في المغرب أصبح هيكليا، أضحى أمر تنويع أشكال التدخل أمرا حتميا”.
وشدد الودادي على أن “تشجيع البحث العلمي هو بوابة رئيسة للتكيف مع التغيرات المناخية، من خلال رقمنة أنظمة الري، وتطوير سلالات وراثية مقتصدة للماء”.
ولفت إلى أنه “بإمكان البحث العلمي الزراعي الوقوف والعمل على اكتشاف أصناف أو سلالات، والعمل على تهجينها وضمان تكاثرها بشكل يجعل المنظومات الزراعية أكثر صمودا”.