المعجم الطوبونيمي وأم البواقي: لماذا طالب جزائريون بإقالة صالح بلعيد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية؟
شن مغردون جزائريون حملة ضد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، وتصدر وسم #اسقاط_صالح_بلعيد مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد.
وتأتي الحملة ردا على عبارات وردت في “المعجم الطوبونيمي” الصادر عن المجلس. فما هو هذا المعجم؟ وما العبارات التي وردت فيه وأثارت غضب مغردين جزائريين؟
المعجم الطوبونيمي
الطوبونيميا علم مستحدث ظهر أول مرة في أوروبا، وهو يبحث في أصول ومعاني أسماء المواقع والأعلام الجغرافية والأماكن الطبوغرافية والتاريخية.
كما يستقصي عن معاني الأسماء الدفينة ويحاول تفسيرها وتبيان دلالاتها وأسباب إطلاقها.
ولهذا أصدر المجلس الأعلى للغة العربية في الجزائر، بالتعاوُن مع عدد من المؤسسات البحثية، معجماً طوبونيمياً، في محاولة “لتصحيح تسميات المناطق الجزائرية التي لحقت بها بعض التغيرات، وتثبيت التسميات الصحيحة التي ترتبط بالواقع اللغوي والثقافي الجزائري”.
ويقول القائمون على المعجم إنه “يعتمد مراجع عديدة وتقنيات حديثة تتناول بدقّة إحداثيات خرائط الولايات وجداولها وتسمياتها”.
وأشاروا إلى أن “الكتاب أنجزته فرق بحث تحرت الدقة العلمية تحقيقاً وتثبيتاً في الأماكن التي تحمل دلالات مرتبطة بالتفاعلات بين الإنسان ومحيطه، وباستيفاء التسميات الصحيحة التي ترتبط بالواقع اللغوي وبنمطيات ثقافة المجتمع الجزائري”.
ما الذي أثار غضب مغردين جزائريين؟
تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي اقتباسا من المعجم الطوبونيمي يتناول سبب تسمية ولاية جزائرية.
وورد في اقتباس معنى الطوبونيم للولاية، أن “سبب تسميتها بـ”أم البواقي” يعود إلى أيام الغزو العربي لشمال إفريقيا”.
وقد أغضبت تلك العبارة مغردين اعتبروها “خطأ يمس بهوية الجزائر”، وطالبوا على إثر ذلك بإقالة صالح بلعيد، رئيس المجلس الأعلى للغة العربية.
واتهم المغردون الغاضبون صالح بلعيد والمجلس الأعلى للغة العربية “بإثارة الكراهية وبالتحريف”.
ومن بينهم أحمد كريوعات الذي غرد قائلا: “حملة لإسقاط صالح بلعيد وزمرته ومحاسبتهم بسبب: إثارة الكراهية من خلال وصف الفتح الإسلامي بالغزو العربي. التحريف المتعمد للتسميات الأصلية للعديد من بلديات الوطن، وهذا من خلال المعجم المسمى “المعجم الطوبونيمي” الصادر عن المجلس الأعلى للغة العربية”.
كما نشر مغردون صورا قالوا إنها “من موقع المجلس الأعلى للغة العربية” وإنها “تظهر حذف روابط تحميل المعجم الطوبونيمي”.
واتهم مغردون المجلس الأعلى للغة العربية “بالإسهام في تدمير المجتمع الجزائري”.
مدافعون عن صالح بلعيد
وفي المقابل دافع فريق آخر من المغردين عن صالح بلعيد، وقالوا إن “حبه للغة العربية يصل حد التطرف”، وأعربوا عن “رفضهم لما يتعرض له من حملة ممنهجة ضده”، على حد وصفهم.
بينما رأى آخرون أن “بلعيد لا يتحمل وحده مسؤولية ما حصل”.
فقال ربيع: “مع أن من وضع هذا المعجم لجنة تتكون من باحثين ودكاترة، فهل يمكن أن نحمل الدكتور صالح بلعيد هذه المهزلة وحده، رغم أنه قدم الكثير للغة العربية؟ هنا أضع بعض مؤلفات الدكتور صالح بلعيد في اللغة العربية”.
صالح بلعيد يرد على منتقديه
ومن جهته، رد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية في تصريحات صحفية على منتقديه بالقول: “هذا العمل أُنجز من طرف مخبر بولاية غرداية، وهو مشروع بحث ضمن المعجم الطوبونيمي لإقليم ميزاب، في مكتبة جامعة غرداية”.
وأشار صالح بلعيد إلى أن “النسخة المنشورة من المعجم الطوبونيمي تجريبية”، وأنه “تمّ سحبها من الشبكة، بمجرد التشكيك في بعض ما صدر فيها”.
وأضاف: “القانون ينص على إصدار المجلس الأعلى للغة العربية 10 نسخ تجريبية من كل عمل مشترك، ينزلها على موقعه الخاص، ومن ثمّ ينظر إلى ردود أفعال القراء والمغردين والنقاد والموجهين. وفي حال تم رصد تجاوزات علمية خطيرة يسحب المجلس العمل ويعيده للجنة العلمية التي لها صلاحيات أخذ القرار المناسب”.
وأكد بلعيد أنه “وفقا لميثاق الشرف لا يتحمل المجلس الأعلى للغة العربية أية تبعات لها علاقة بالملكية الفكرية أو الأفكار الخاطئة أو أي خروج عن العرف العام وغيرها من الأخطاء”.
وبالحديث عن الضجة التي أُثيرت بسبب أسماء بعض أسماء الأماكن الواردة في المعجم الطوبونيمي الخاص بإقليم ميزاب، قال بلعيد إن “اللجنة التي أعدت العمل استندت إلى عدّة مصادر”.
وبخصوص مصطلح “الغزو العربي”، قال بلعيد إن “مصطلح الغزو لم يرد نهائيا”.
وأكد صالح بلعيد “أن المجلس الأعلى للغة العربية يعمل على الوئام الوطني ولديه لجان علمية وهو مؤسسة رسمية تراعي قواعد البحث وأخلاقياته”.