القطط المتوحشة في أستراليا تهدد الحياة البرية
- توم هيوسدن
- بي بي سي نيوز- سيدني
رغم المظهر الجميل للقطة جونيبر صفراء اللون والبالغة من العمر ثماني سنوات وما يبدو عليها من هدوء إلا أن المظاهر في بعض الأحيان قد تكون خادعة.
يقول هاف فاذرز، وهو متقاعد يعيش في أحد مناطق الريف الاسترالي، “إن قطته كانت صيادة ماهرة”، ولكنه يستطرد قائلاً إنه لا يعرف مدى غزارة صيدها لأنه لم يكن شاهداً على كل ضحاياها.
تواجه أستراليا مشكلةً مع القطط. فبينما يقال إن عددها يزيد قليلاً عن الثمانية ملايين قط بري ومنزلي فإنه يُعتقد أنها تقوم بقتل المليارات من الكائنات الحية كل عام والعديد منها مهددٌ بالانقراض.
ويضيف فاذرز أن الفريسة المفضلة للقطة جونيبر تشمل الطيور والقوارض وكذلك الثعابين السوداء ذات البطن الأحمر، وأنها إعتادت على وضع صيدها تحت السرير وهو مكان جميل بالنسبة لها ما يمكنها من العثور على ما تصطاده، ويضيف قائلاً إنه لم يكن سعيداً على الإطلاق بما يحدث، ومع ذلك كان عليه أن يفهم أنها قطة وأن هذا جزءاً من سلوكها.
ويقول مدافعون إن أستراليا بحاجة إلى السيطرة على القطط المتوحشة التي تتجول بحرية بالنظر إلى سلوكها.
ورغم أن جونيبر قطة منزلية تعيش في ولاية نيو ساوث ويلز فإنه يمكنها قتل أكثر من 180 كائناً محلياً كل عام وذلك وفق بيانات مركز استعادة الأنواع المهددة بالانقراض، أما القطط الضالة والتي يترواح عددها بين مليونين وستة ملايين نوع فهي أكثر شراسة وكل منها يمكنه قتل حوالي 790 حيوانًا بريًا سنويًا.
ووفقاً لتقديرات فإن نحو ملياري من الثدييات والطيور والزواحف في أستراليا فُقدت أو أُصيبت أو نَزحت من موطنها الأصلي جراء كارثة حرائق الغابات التي شهدتها البلاد في صيف 2019-2020 والتي تتكرر كل عام.
وقد ناقش خبراء أزمة القطط التي تواجهها أستراليا وسبل مواجهتها وذلك خلال ندوة عن القطط عقدت على مدار يومين في بيرث، عاصمة ولاية أستراليا الغربية.
وتقول البروفيسورة سارة ليج من الجامعة الوطنية الأسترالية إن القطط كانت “السبب الرئيسي” في انقراض ثلثي الثدييات في أستراليا، من أصل ثلاثة وثلاثين نوعاً فُقدت منذ الاستعمار.
وأضافت لبي بي سي أن هذا معدل انقراضٍ هائل حيث لا يمكنك رؤية ذلك يتكرر في أي مكان آخر في العالم. ما زالت القطط مسؤولة عن تراجع الثدييات حتى يومنا هذا وتمضي قائلة: “هناك ثمانية أنواع من الكائنات الحية تعيش الآن فقط في المناطق الخالية من القطط، وهي إما جُزر أو مناطق مسيّجة في البر الرئيسي لأستراليا.”
توجد في أستراليا قوانين للتعامل مع القطط الأقل خطورة مثل الرقائق الدقيقة والتسجيل في جميع أنحاء أستراليا. وقد أدى القلق بشأن تأثير تجوال القطط إلى تخصيص ما يقرب من ثلث المجالس مناطق خالية من القطط أو حظر تجول القطط أو وضع قواعد لاقتناء القطط.
ورغم ذلك فإن القيود تختلف على نطاق واسع ولا توجد قوانين مطلقة لاقتناء القطط في أستراليا الغربية أو نيو ساوث ويلز وهي الولاية الأكثر اكتظاظًا بالسكان.
وتقول البروفيسورة ليج: “يدرك الكثير من الأستراليين مدى الحاجة إلى تقليل تأثير القطط، لكن إتباع نهج موحد سيساعد بشكل كبير”.
كما ترغب العديد من المجالس توسيع القيود ولكن لا يمكنها القيام بذلك لأن كل ولاية تضع بمفردها القوانين الشاملة المتعلقة بالحيوانات الأليفة.
وتضيف البروفيسورة ليج: “إذا كنت مالكًا لقط أليف في أستراليا، فهذا أمر محيّر لأنك ستواجه قوانين عديدة، وذلك يتوقف على مكان إقامتك، والخطوة التالية تتمثل في محاولة مواءمة كل هذه القوانين وتسهيل اقتناء القطط من وجهة نظر حكومات الولايات”.
مجلس تويد شاير في شمال نيو ساوث ويلز هو أحد المواقع المحددة في الولاية التي تحدد بعض الضواحي القريبة من مواقع الحياة البرية الأكثر عرضة لخطر القطط البرية لتكون خالية منها.
وتقول رئيسة برنامج إدارة الآفات بام غراي: “مثل هذا الحظر الشامل فعال للغاية، لكن أيدي المجلس مقيدة عندما يتعلق الأمر بمزيد من الإجراءات الضرورية أيضا للحفاظ على القطط”.
وتمضي غراي قائلةً: “لسوء الحظ، يعد قانون اقتناء الحيوانات الأليفة في ولاية نيو ساوث ويلز التشريع الأساسي الذي يتعين علينا الإلتزام به لتنظيم عملية اقتناء القطط رغم وجود بعض القيود المحلية التي يصعب تطبيقها في الواقع، وسيكون من الجيد أن تكون هناك تشريعات منظمة لاقتناء القطط مثل تلك الموضوعة حاليًا للكلاب أو الخيول والتي تحتم عليك الاحتفاظ بها في ملكيتك.”
يضع حوالي 30 في المائة من مالكي القطط في أستراليا مواقع إما داخل منازلهم أو في أماكن مخصصة للقطط يشار إليها أحيانًا باسم “كاتيوس”.
ويقول جيمس تريزيز، مدير مجلس الكائنات الغازية: “إن تشجيع الملكية المسؤولة للمواطنين تتحقق من خلال زيادة الوعي لوقف العادات المدمرة للقطط”.
ويضيف تريزيز أن الكثير من الناس يقولون إن قطتهم لا تفترس الحيوانات ذلك لأنهم لأنهم لا يذكرون إلا 15٪ من الحيوانات المقتولة. مشيرا أن القطط الأليفة التي تتجول بحرية آثارها غير مرئية وبعيدة عن الأذهان.
في العام المنصرم، وضعت السلطات في إقليم العاصمة الأسترالية (ACT) نموذجًا يمكن تعميمه في كل أرجاء أستراليا فإلى جانب السجل الإلزامي للقطط تم توسيع ضواحي احتواء القطط في جميع أنحاء كانبيرا وفرض حظر تجول على جميع القطط التي ولدت بعد الأول من يوليو تموز الماضي.
ومن جانبه صرح كريس ستيل، وزير النقل والخدمة المدنية في إقليم العاصمة، لصحيفة كانبرا تايمز بأنه سُمح للقطط الحرة الموجودة حاليًا بالبقاء طليقةً وذلك للسماح بانتقال عادل وتدريجي على حد وصفه.
وتقول البروفيسورة ليج إنه مع تراجع القطط يمكن الحد بشكل كبير من انقراض حيوانات محلية مثل الكنغر ليسير والكنغر الصاخب وفأر البندق الغربي.
ويقول جيمس تريزيز:”إن اقتناء القطط هو أمر مفيد لها حيث إن التقديرات تشير إلى أن القطط التي تعيش في بيئة آمنة أو أماكن مفتوحة حيث الهواء الطلق ستعيش لمدة تصل إلى 10 سنوات أطول من القطط التي تتجول بحرية”.وتعلق البروفيسورة ليج قائلة إن العيش لفترة أطول يأتي نتيجة لانخفاض المخاطر حيث إن القطط لا تتعرض للاصطدام بسيارة أو لهجوم من أحد الكلاب أو تكون عرضة للإصابة بأي مرض وتضيف أن حال القطط سيكون أفضل طالما كانت تعيش في بيئة منضبطة آمنة أكان ذلك في المنزل أو في الـ Catio .وربما لتوضيح هذه النقطة علينا أن نعلم أن القطة جونيبر مفقودة الآن للأسف، فهل يفكر هاف فاذرز إقتناء قطة بديلة؟يجيب فاذرز بالقول إن وضعه الآن لا يسمح له بذلك فهو يعيش في كوخ مكون من ثلاث غرف فقط، لذلك لن يكون بإمكانه إقتنتاء قطة أخرى كما أن موارده المالية لا تسمح له بذلك ومع ذلك يقول فاذرز إنه يؤيد توفير الحماية للحيوانات المحلية الأسترالية من القطط المتوحشة.