الفيوم… سحر المتناقضات في محافظة مصرية واحدة
الفيوم… سحر المتناقضات في محافظة مصرية واحدة
شلالات وبحيرات تجاور كثباناً رملية وآثاراً فرعونية
الخميس – 24 شعبان 1444 هـ – 16 مارس 2023 مـ رقم العدد [
16179]
وادي الريان فيه بحيرتان عليا وسفلى (شاترستوك)
الفيوم (مصر): رشا أحمد
حالة من النشوة تدب في أوصالك ممتزجة بطاقة إيجابية وحماس بمجرد أن تخطو أولى خطواتك داخل محافظة الفيوم المصرية، فهنا تمتزج المتناقضات في تناغم فريد يجعل من تلك المحافظة الصغيرة التي تغفو بوداعة على بعد مائة كيلومتر من القاهرة مزارا سياحيا مدهشا يجمع بين الشلالات والبحيرات والكثبان الرملية والآثار الفرعونية والمحميات الطبيعية والطقوس البدوية في مكان خلاب واحد!
تكتسب تلك الوجهة السياحية إذن تميزها لكونها اختيارا رائعا لعشاق سياحة السفاري والسياحة الثقافية وسياحة الترفيه، فضلا عن سياحة الصيد والسياحة الدينية معا. تكمن الخطوة الأولى في المجيء عبر الطيران حيث يمكن للسائح الهبوط في مطار «سفنكس» الواقع ضمن محيط مدينة 6 أكتوبر القريبة ثم يستقل سيارة إلى الفيوم في مدة قصيرة لا تكاد تستغرق نحو ساعة. أما المجيء من العاصمة المصرية القاهرة، فيزيد المدة إلى ساعة ونصف تقريبا.
تعد محمية «وادي الريان» بداية مثالية هنا، فهي تتميز بوجود بحيرتين «عليا وسفلى» تفصل بينهما منطقة الشلالات الشهيرة، ما يوفر فرصة رائعة للاستمتاع بالطبيعة الخلابة، فضلا عن صيد البط والأسماك وممارسة بعض الرياضات المائية وكذلك التقاط الصورة التذكارية في بقعة شديدة الجمال والتفرد. ولا تتوقف عبقرية المحمية عند هذا الحد، فهي تشمل كذلك «عيون الريان» التي تضم العديد من الكثبان الرملية البديعة والتي تحتوي على ثلاث عيون مياه كبريتية وكذلك «جبل المدورة» و«بحيرات الريان».
وينصح الباحث المتخصص في شؤون البيئة محمد سيد، بزيارة الفيوم في بداية فصل الشتاء حيث سيكون السائح «على موعد مع مشهد بديع يتمثل في أسراب الطيور المهاجرة من موطنها الأصلي بأوروبا وغرب البحر المتوسط وغرب الهند وبعض مناطق الشرق الأوسط»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أهم أنواع هذه الطيور هي الفلامنغو والسمان والبلشون وأبو منجل الأسود وأبو المغازل وكروان البحر وفرخة الماء».
ومن المزارات المدهشة التي يصعب أن تنساها لاحقا «وادي حيتان» الذي يبعد عن وادي الريان بنحو 40 كيلومترا، وهو مصنف ضمن التراث الإنساني العالمي بحسب هيئة «اليونيسكو». يضم الوادي حفريات وهياكل عظمية لحيتان يعود عمرها إلى 40 مليون سنة، فضلا عن أكثر من 300 حوت متحجر، حين كانت المنطقة عبارة عن بحر عظيم لكنها تحولت الآن إلى أحد أشهر المتاحف المفتوحة في العالم.
ويعد هذا الوادي خيارا رائعا للتخييم والمبيت تحت سماء صافية ليلا تغري بممارسة أنشطة الرصد الفلكي؛ نظرا لوضوح الرؤية وقرب السماء لكن ينصح بأخذ العديد من الاحتياطات مثل التزود سابقا بمياه مثلجة ومصادر الطاقة (باور بنك)، حيث يصعب الحصول على مياه باردة هنا كما أن المنطقة معزولة فلا توجد تغطية لشبكات الهاتف المحمول. ويفضل المجيء إلى هنا بسيارات الدفع الرباعي عبر طريق ممهد من «وادي الريان».
ولا يمكن الحديث عن الفيوم دون التطرق إلى وجهتها السياحية الشهيرة المتمثلة في «بحيرة قارون» التي تصنف أقدم وأجمل بحيرة للماء العذب في العالم وتمتد على مساحة 600 كيلومتر مربع بشواطئ تبلغ 50 كيلومترا. ويؤكد العلماء أنها قديما كانت تبلغ عشرة أضعاف حجمها الحالي، لكن مساحتها تقلصت على مدار آلاف السنين.
وتعد البحيرة ملاذا آمنا للعديد من الطيور المهاجرة التي تأتي هنا لتتكاثر، لا سيما في جزيرتي «القرن الذهبي» و«حمود». هنا يمكنك الاستمتاع بوجبة أسماك شهية تقدمها المطاعم الممتدة عبر شاطئ البحيرة الذي يضم كذلك العديد من الفنادق والمنتجعات، وأهمها فندق «الأوبرج» الذي كان خيارا مفضلا لآخر ملوك مصر والسودان، الملك فاروق الأول.
وإن كنت تظن أن مزارات الفيوم انتهت، فأنت مخطئ؛ إذ لا يزال بوسعك زيارة متحف الكاريكاتير الذي شيده الفنان التشكيلي المصري العالمي محمد عبلة، فضلا عن قرية «يونس» التي تضم العديد من المشغولات والحرف اليدوية التي تعد فرصة رائعة لشراء هدايا وملابس مميزة بأسعار معقولة للغاية وغير مبالغ فيها بالمرة.
وتحفل الفيوم بروائع الآثار الفرعونية غير التقليدية مثل هرم «هوارة» الذي بناه الملك أمنحتب الثالث على نحو مختلف عن أهرامات الجيزة، وكذلك مدينة «كرانيس» ومتحف «كوم أوشيم».
كما تتجاور فيها المزارات المسيحية والإسلامية كما في «دير الملاك غبريال»، و«مسجد سليمان» الذي يعرف أيضا باسم «المعلق»؛ نظرا لتشييده فوق ربوة عالية.
وفضلا عن «هلنان الأوبرج»، تتنوع خياراتك في الفنادق والمنتجعات فهناك «لازب إن ريزورت» و«تلال كامب» و«مراسي البحيرة» و«نيو بانوراما شكشوك» و«زاد المسافر»، كما تتوفر شقق فندقية وبيوت استضافة بالإيجار.
مصر
سفر و سياحة