أخبار العالم

السودان.. عالقون يوارون جثمان زميلهم ثرى جامعة الخرطوم



وبعد 4 أيام عاشوها تحت وابل الرصاص ودوي المدافع والطائرات تمكن جميع العالقين في جامعة الخرطوم وعددهم نحو 89 شخصاً من الخروج إلى منازلهم مع هدنة دخلها طرفا الحرب مساء الإثنين، لكنهم تركوا زميلهم “خالد الطقيع” خلفهم متوسدا يمناه في مثواه الأخير ليواصل عشقه الأبدي لأم الجامعات السودانية التي ظل يدرس فيها على مدى 20 عاماً.

عقدان بالتمام أكملها الراحل في ردهات جامعة الخرطوم يتجول بين قاعات الدرس والسكنات الطلابية المجاورة وهو يكافح لعنة التعثر الأكاديمي التي تطارده عاما تلو الآخر في سبيل سعيه للحصول على درجة البكالوريوس في الآداب، وبعد أيام من إجازته للامتحانات النهائية المؤدية لتخرجه، خطفه الموت الذي كأنما اتخذه حيله للبقاء في أسوار الجامعة التي يحبها ويفضلها حتى على عائلته، وفق زملائه.

ويروي زميله في كلية الآب محمد عباس لموقع سكاي نيوز قصة كفاح خالد الطقيع في مشواره العلمي والتي بدأها متعثراً منذ امتحان الشهادة الثانوية التي خاضها ثلاث مرات حتى حصل على نسبة أهلته لدخول كلية الآداب جامعة الخرطوم في العام 2004م لتطارده بعدها سلسلة من التعثر الأكاديمي، وكان هذا الشي مزعجاً لزملائه الذين ظلوا يناقشونه باستمرار لرفع همته، لكنه كان يرد عليهم بابتسامه، ويتساءل لم أنتم مستعجلون؟”.

لم يكن خالد متعجلا لمغادرة جامعة الخرطوم التي يكنيها طلابها بـ”الجميلة والمستحيلة” بخلاف شفقة زملاء له ممن تخرجوا منذ سنوات وانخرطوا في حياتهم العملية، فظل مستمتعاً بالبقاء في أسوارها يتلمس طريق العلم والمعرفة تاركاً أمر الزواج وتكوين عائلة لما بعد التخرج، لكن مصيبة الموت بلغته قبل ذلك.

وكانت 19 عاماً كفيلة بأن تجعل “الطقيع” علماً بارزاً في جامعة الخرطوم، وشكل حلقة لتواصل الأجيال والدفعات الدراسية في أم الجامعات السودانية وهو صاحب نشاط اجتماعي ورياضي وسياسي مشهود ولديه مواقف داعمه للقوى الديمقراطية من خلال تجمع طلابي مناهض للحكومة السابقة، بحسب زميله محمد عباس.

ويضيف محمد عباس “كان رجلا يمتاز بالبساطة والبشاشة ومتصوفا، وواحد من الذين شكلوا شخصياتنا في جامعة الخرطوم، كما كان وفياً لأصدقائه، لقد ترك فينا حزناً كبيرا برحيله وكل أمنياتي أن تتوقف الحرب ونتمكن من الذهاب إلى قبرة والترحم على روحه الطاهرة حتى نوفيه جزءا من جميلة علينا”.

وتسابق زملاؤه في جامعة الخرطوم في نعيه على مواقع التواصل الاجتماعي وإظهار الحزن على وفاته، فقد مكنه بقاؤه في الجامعة كل هذه الفترة من تكوين شبكة واسعة من العلاقات الاجتماعية مع أجيال مختلفة وتخصصات متنوعة.

ويقول الصحفي السوداني محمد الجيلي “تربطني بالراحل خالد الطقيع علاقة ود ومحبة مثل كثيرين، فهو من الدفعة التي دخلت قبلي الجامعة ولكن عايشته في كلية الآداب التي تخرجت فيها، وظللنا على تواصل من خلال الفعاليات المشتركة التي يقيمها الخريجون في إطار التواصل الاجتماعي المعهود بين منسوبي الجامعة الأم، فهو إنسان محب للخير والجمال ورجل متصوف ولديه مواقف سياسية مشهودة”.

ويضيف لموقع سكاي نيوز عربية “رجل رمز ويحبه الجميع، وخلف رحيله فقد كبير لا يعوض، سوف يفتقده زملاؤه الطلاب وحتى الجامعة وملتقياتها ستصاب بحزن كبير رغم أن جثمانه يتوسد ثراها”.

ويروي عبد الله تاور أحد الطلاب الذين كانوا عالقين برفقة الراحل لموقع سكاي نيوز عربية لحظات عصيبة عاشوها على مدار 4 أربعة أيام داخل مباني جامعة الخرطوم التي تحد قيادة الجيش السوداني بنحو 200 متراً من الناحية الغربية، بعد أن توفي صديقهم ونفد ما لديهم من طعام.

وقال تاور “أصيب الراحل برصاصة أثناء محاولتنا الخروج إلى منازلنا مع إعلان طرفي الحرب هدنة مساء الأحد، وبعدها لم نجد سبيلا لإخراج جثمانه إلى المقابر فقمنا بدفنه داخل الحرم الجامعي بعد أن وافقت عائلته ومدير جامعة الخرطوم على ذلك”. 

وأكد خروج كافة العالقين بجامعة الخرطوم مساء الاثنين، إلى منازلهم وذلك بعد هدنة أعلنها الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لمدة 24 ساعة استجابة لنداءات دولية لأغراض إنسانية.





المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى