الحرب في سوريا: معاناة جديدة للاجئين السوريين بعد العودة الطوعية إلى بلادهم
- حسام العموش
- بي بي سي عربي نيوز – الأردن
قبل 12 عاماً هرعت أسماء لتغادر منزلها في درعا جنوبي سوريا بحثاً عن منطقة أكثر أمناً، لتصل إلى الأردن المجاور وتعيش في مخيم الزعتري للاجئين السوريين الذي تديره المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) على أمل العودة لمنزلها عند هدوء الأوضاع، ولم يكن في حسبانها أن تبقى خارج منزلها بعيدة عن أبنائها لمدة تجاورت العقد.
* أسماء هو اسم مستعار حفاظاً على سلامتها
ومع تراجع وتيرة العنف في سوريا في السنوات الأخيرة زاد الحديث عن هدوء الأوضاع في البلاد وتزامن مع انطلاق عدة مبادرات للعودة الطوعية لسوريا، شرعت أسماء بتحضير أوراقها للعودة إلى سوريا ولملمة ذكرياتها على أمل أن تجتمع مع أولادها الذين تقطعت بهم السبل واستقروا في منطقة أخرى في سوريا بسبب المخاطر الأمنية.
“دعاية” مخيبة للآمال
إلا أن عودتها وإعادة لم الشمل مع باقي أفراد عائلتها لم تكن بالأمر اليسير المتوقع، فبعد الحديث الذي تم تداوله بأن الأوضاع في سوريا أصبحت أفضل، تفاجأت بأن كل الوعود والحديث عن الاستقرار في سوريا هو مجرد “دعاية” لم يكن أي منها حقيقياً أو كافياً على الأقل لتلبية طموحاتها.
تقول أسماء خلال حديثها لبي بي سي إنها شعرت بالتفاؤل في البداية بقرار العودة إلى سوريا، وبأنها ستجد الخدمات التي ستُنهي معاناة اللجوء التي عاشتها في السنوات الماضية، لكن وبمجرد أن وضعت قدمها في أرض بلادها، اختفت كافة الخدمات التي كانت تقدم من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، مثل الطعام، والمياه النظيفة، والخدمات الصحية، والتعليمية لأطفالها الذين رافقوها في رحلة اللجوء.
فبحسب أسماء فإن الخدمات التي قدمت لهم في الأردن، أفضل بكثير مما وجدوه في سوريا، “فلا أمن ولا كهرباء ولا مياه نظيف، والعلاج شبه معدوم، مع وجود دعم قليل من منظمات داخل سوريا لتأمين مواد غذائية أساسية”.
من لاجئة إلى نازحة
لم تجد أسماء منزلها الذي ربت فيه أبناءها، بل وجدته جبل ركام، ووجدت قريتها التي كانت تنبض بالحياة خاوية على عروشها.
ما اضطر أسماء إلى النزوح لمدينة أخرى، لتجتمع مع عائلتها، والخوف ينتابها من التبعات الأمنية والقصف المستمر من قبل الجيش السوري لبعض المناطق، ولم تكن برامج المصالحة التي قامت بها العائلات السورية ومنها عائلة أسماء مع الحكومة السورية كفيلة بأن تزيل هذا الخوف أو أن تنهي تعريف بعض العائلات السورية كملاحقين أمنيين.
تحولت حياة أسماء من لاجئة سورية خارج الوطن إلى نازحة في بلدها بسبب الدمار الذي خلفته الحرب على منطقة سكنها في مدينة درعا جنوبي البلاد، والتعقيدات الأمنية المستمرة، وهو ما شعر به العديد من اللاجئين العائدين إلى سوريا، والذين اضطروا للنزوح إلى مناطق أخرى تحت سيطرة “المعارضة”.
قال الناطق باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن مشعل الفايز لبي بي سي، إن المفوضية في الوقت الحالي لا تجري أي برامج أو أنشطة للعودة الطوعية إلى سوريا، نظراً للظروف الراهنة في الداخل السوري، كما أن المفوضية “لا تسهل ولا تروج عودة اللاجئين إلى سوريا”.
وأضاف الفايز أن بعض اللاجئين في الأردن قد يقررون العودة تلقائياً وعلى أساس طوعي وفردي تماماً، وتنظم غالبية حالات العودة من قبل اللاجئين إلى سوريا بشكل مستقل عن المفوضية وفي مثل هذه الحالات فقط، تقوم المفوضية في الأردن بتقديم مشورة غير ملزمة للاجئ الراغب في العودة حول عملية عبور الحدود والمتطلبات المتعلقة بالوثائق.
فإذا قام أحد اللاجئين بالاتصال بالمفوضية في الأردن قبل عودته إلى سوريا، تقدم المفوضية له معلومات وتفاصيل حول المراكز المجتمعية القريبة من وجهتهم المقصودة في سوريا إذا ما لزم الأمر.
ووفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن فإن 47959 لاجئاً مسجلاً عادوا إلى سوريا خلال الفترة من أكتوبر/ تشرين الأول 2018، تاريخ إعادة فتح المعبر الحدودي بين الأردن وسوريا، وحتى نهاية العام الماضي 2022 بمتوسط شبه ثابت يبلغ 400 فرد شهرياً في عامي 2021 و2022 .
وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن، فإن عدد السوريين في الأردن يقدر بنحو 743773 شخص، ليتوزعوا على الشكل التالي: في مخيم الزعتري 82992 لاجئ، وفي مخيم الأزرق 45001 لاجئ، والباقي خارج المخيمات، حتى نهاية فبراير/شباط.
العلاقات الأردنية السورية
وفي أول زيارة رسمية إلى دمشق بعد 12 عاماً على بدء الصراع في سوريا، والتي جاءت بعد الزلزال الأول الذي ضرب الأراضي السورية والتركية في شهر فبراير/شباط الماضي، التقى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق، ليؤكد الجانب الأردني على تقديم كل المساعدات والاحتياجات الإغاثية إلى سوريا والوقوف معها فيما أصابها بسبب الزلزال، مضيفاً على لسان الصفدي أن “الزيارة إلى دمشق هي محطة للتوصل إلى حل للأزمة السورية”، مؤكداً أن بلاده ترفض إجبار اللاجئين السوريين على العودة، مشدداً على طوعية ذلك.
الموقف الأردني يبدو ثابتاً وجاداً حول العودة الطوعية، ويتجلى ذلك بتصريحات وزير الإعلام الأردني فيصل الشبول الذي قال إن السوريين هم من يقررون مآلات الأزمة الحالية.