البنك المركزي المصري: ما تأثير رفع سعر الفائدة مجددا؟
- عطية نبيل
- بي بي سي نيوز – القاهرة
استرد حمادة الرومي قبل أيام قيمة شهادات الادخار التي كان قد وضعها قبل نحو عام بنسبة فائدة اعتبرت الأعلى وقتها في مصر، إذ وصلت إلى 18%.
ولكن، بحسبة بسيطة اكتشف أنه خسر نحو 22% من قيمة أمواله التي استثمرها في هذه الشهادات على مدار عام.
السبب في ذلك هو نسبة التضخم الأساسي المرتفعة، التي قال البنك المركزي المصري في بيانه الشهر الماضي إنها بلغت نحو 40 في المئة متأثرة بزيادة أسعار الغذاء والحبوب والمحروقات والطاقة.
حاول حمادة الدفع باستثمار مدخراته في شراء بعض القطع الذهبية والاحتفاظ بها لحين الحاجة، غير أنه فوجئ بارتفاعات كبيرة في أسعار عيارات الذهب المختلفة بسبب إقبال الناس عليه في وقت الأزمات كمخزن للقيمة ووسيلة للاستثمار الآمن.
ويبلغ متوسط أسعار الذهب في مصر وفق بيانات شبه رسمية 2303 جنيهات للجرام من عيار 24، و2015 جنيها للجرام عيار 21 الأكثر استخداما، بينما بلغ سعر الأونصة 71619 جنيها مصريا، ووصل سعر جنيه الذهب لأكثر من 16120 جنيها.
رفع جديد للفائدة
قبل صرف الحُزمة الثانية من قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، على 4 سنوات من خلال 9 شرائح، والذي اتفقت عليه مصر مع الصندوق في ديسمبر/كانون الأول الماضي، رفع البنك المركزي المصري سعر الفائدة 2 في المئة لتصل إلى 18.25 في المئة للإيداع و 19.25 في المئة للإقراض.
ولذلك ترقب حمادة قرار لجنة السياسات النقدية لحسم قراره فيما يتعلق بمدخراته وهل يتجه بها نحو الذهب أو يضعها مجددا في أحد الأوعية الادخارية التي من المنتظر أن تعلنها البنوك المحلية بنسب فائدة مرتفعة تفوق حتى نسبة 25 في المئة التي أصدرت بها بعض البنوك الوطنية المصرية شهادات استثمار، تم وقفها آواخر يناير/كانون الثاني الماضي، بعد جمع نحو 460 مليار جنيه مصري، وفق تصريحات سابقة لمحمد الإتربي، رئيس اتحاد البنوك المصرية.
مواجهة ارتفاع التضخم
ويقول رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، لبي بي سي نيوز عربي إن معدل التضخم الأساسي في مصر فاق التوقعات بوصوله وفق بيانات المركزي المصري إلى نحو 40 في المئة في فبراير/ شباط الماضي.
ويشير إلى أنه يرتبط ارتباطًا طرديًا بسعر الفائدة، فكلما ارتفعت نسب التضخم، يجب رفع سعر الفائدة بنسبة أكبر حتى لا تتآكل أموال المواطنين بانهيار القوة الشرائية للعملة.
ويقول عبده إنه خلال العام الماضي قامت الحكومة بتخفيض قيمة الجنيه 3 مرات متتالية، مع رفع نسبة الفائدة 10 في المئة خلال العام الماضي فقط بقرارات من لجنة السياسات النقدية خلال أشهر مارس/آذار بنسبة 1 في المئة، مايو/آيار بنسبة 2 في المئة، وفي أكتوبر/تشرين الأول بنسبة 2 في المئة، وفي ديسمبر/كانون الأول بنسبة 3 في المئة، ثم أخيرا 2 في المئة نهاية مارس/آذار الجاري.
ويرجع رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية قرارات البنك المركزي المصري المتوالية برفع سعر الفائدة لمواجهة نسب التضخم المرتفعة، حيث ترغب البنوك في سحب السيولة النقدية من الأسواق، ودفع المواطنين نحو استثمار فوائض أموالهم في البنوك بدلا من ضخها في الأسواق التي تعاني قلة البضائع والمنتجات بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية الناتجة عن الحرب الروسية على أوكرانيا وأزمات سلاسل الإمداد ورفع أسعار السلع والبضائع عالميا.
ويشير رشاد عبده إلى أن هذه الأمور بدأت تهدأ خلال الأشهر القليلة الماضية، لكن الأسواق المحلية لا تستجيب بسبب ارتفاع قيمة العملات الأجنبية، وتحديدا الدولار عملة التداول الأجنبية الرئيسية، مع عدم قدرة الحكومة على توفير السلع الرئيسية بالأسعار المنخفضة، وترك السوق للتجار دون ضوابط رقابية صارمة، بحسب بعض الخبراء.
ويقول الصحفي الاقتصادي ممدوح الولي، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام سابقا، إن الحكومة المصرية اتبعت سياسة السعر المرن اعتبارا من العام 2016 عند التحريك الأول لسعر العملة المحلية.
لكن الكثير من المحللين وبعض المسؤولين في الحكومة يفضلون استخدام مصطلح “التعويم” الذي استخدمه عاطف عبيد، رئيس وزراء مصر السابق، في عام 2003 عند تحريك سعر العملة بعد فترة طويلة جدا من بقائها ثابتة دون تغيير.
ويشير الولي إلى أن ما يجري هو خفض لقيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية بضغط من مؤسسات التمويل الدولية، وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي، الذي يضع شرطين رئيسيين للمضي قدما في حزمة المساعدات التي اتفقت عليها مصر وهما، اتباع سياسة صرف مرنة بتخفيض قيمة العملة المحلية الجنيه مقابل الدولار، ورفع أسعار الفائدة على الودائع المحلية بالجنيه لمواجهة أرقام التضخم العالية.
وبالنسبة لسعر الصرف يقول ممدوح الولي إن حل مشكلة سعر الصرف يكمن في ضرورة رفع سعر الدولار إلى سعر أكبر من سعره في السوق الموازية، وتوفير الدولار داخل البنوك.
ويلفت إلى أن هذا الأمر يصعب تحقيقه حاليا في ظل ضعف موارد الدولة الدولارية إثر أزمة مالية عالمية وتراجع عائدات السياحة وتحويلات المصريين والتصدير وغيرها، وعدم توفر الدولار سواء للشركات أو الأفراد مما يؤدي إلى ارتباك السوق وتذبذب السعر، على حد قوله.