اعتقالات تونس “تؤكد الوصول إلى نقطة اللاعودة”
- بسام بونني
- مراسل بي بي سي في شمال إفريقيا
اعتقلت قوات الأمن التونسي الناشطين السياسيين عصام الشابي وشيماء عيسى وعز الدين الحزقي لينضموا إلى قائمة طويلة من الشخصيات العامة المعارضة للرئيس، قيس سعيد، طالتهم الإيقافات، منذ الأسبوع الماضي.
وحذّرت هيئات محليّة ودوليّة من مخاطر الانزلاق نحو مزيد من الانقسام، بـ”توظيف القضاء ضدّ الخصوم السياسيين”.
“لم تعد لي خيارات واسعة فيما يتعلق بالضيوف”. بهذه الكلمات، تحدثّ إليّ، المنتج الإذاعي لأحد أهمّ البرامج في إذاعة “ديوان أف أم” التونسية الخاصة، سعيد الزواري.
وأضاف “معظم من أسعى لإشراكهم في البرنامج إمّا اعتزلوا السياسة أو باتوا يتجنبون الخوض فيها أو هم موقوفون أو يقضون معظم وقتهم للدفاع عن الموقوفين”.
وتشهد تونس، منذ الأسبوع الماضي، حملة اعتقالات واسعة، طالت ناشطين سياسيين ورجال أعمال وصحفيين، يشترك معظمهم في معارضة حكم الرئيس، قيس سعيد، واعتبار استحواذه على السلطة، في يوليو تموز 2021، “انقلابا”.
وضمّت القائمة القيادية في جبهة الخلاص الوطني، شيماء عيسى، ونائب رئيس حركة النهضة، نور الدين البحيري، وزعيم الحزب الجمهوري، عصام الشابي، إضافة إلى كمال لطيف، رجل الأعمال المحسوب على نظام الرئيس الراحل، زين العابدين بن علي، والناشطين السياسيين، عبد الحميد الجلاصي وخيام التركي، ومدير إذاعة “موزاييك أف أم” الخاصة، نور الدين بوطار.
“تهم جاهزة”
ولم ينتظر سعيد المسار القضائي، إذ سارع باتهام الموقوفين بـ”التآمر على الدولة”، واصفا إياهم بالـ”خونة والعملاء”.
وقال القيادي بجبهة الخلاص الوطني، سمير ديلو، لبي بي سي، إنه “بات من الصعب أن يتّجه المسار القضائي عكس ما يريده الرئيس”، موضحا أنّ “القضاة سيخافون، حتما، من الحكم بشكل مختلف عمّا يوجّه إليه قيس سعيّد”.
وشدّد سعيّد، الأربعاء، على أنّ “من يتجرّأ على تبرئتهم (أي الموقوفين)، فهو شريك لهم”.
وذكر ديلو أنّ على المحاكم أن تغلق أبوابها، طالما أنّ التهم جاهزة والأحكام قد صدرت فعلا.
ضغط دولي على سعيّد
وأعربت المفوّضيّة السامية للأمم المتّحدة لحقوق الإنسان، الأسبوع الماضي، عن قلقها إزاء “حملة القمع المتزايدة ضدّ المعارضين السياسيين في تونس”، معتبرة أنّ سلطات البلاد اتخذت، منذ يوليو تموز 2021 “سلسلة من الإجراءات التي قوضت استقلال القضاء”.
من جهته، أقرّ السفير الأمريكي الجديد لدى تونس، جوي هود، بتراجع مساعدات بلاده العسكرية، قائلا، في لقاء مع صحيفة “الصباح” التونسية، الخميس، إن واشنطن تريد أن تتبيّن توجّهات تونس وشكل الديمقراطية فيها حتى تُفهم طبيعة المساعدات المطلوبة، على حدّ قوله.
بيد أنّ الرئيس التونسي ردّ على ما وصفه بـ”التدخل الأجنبي السافر” في شؤون بلاده، قائلا: “لم نبعث ببرقيات ولن ندلي بتصريحات تعبّر عن انشغالنا بوضع حقوق الإنسان في عدد من العواصم” التي تصدر بيانات الإدانة.
وكانت الرئاسة التونسية قد أملهت السبت الماضي الأمينة العامّة للاتحاد الأوروبي للنقابات، إستر لنش، 24 ساعة لمغادرة البلاد، بعد “إدلائها بتصريحات تُعدّ تدخّلا سافرا في الشأن التونسي”.
وشاركت لنش في مظاهرة للاتحاد العام التونسي للشغل مناهضة للحكومة.
وجاء قرار طرد النقابية الإيرلندية من تونس في الوقت الذي تسعى كبرى النقابات التونسية إلى بلورة مبادرة لإنقاذ البلاد من الأزمة المركّبة التي تتخبّط فيها. وخفتت أصوات الداعين للحوار، أمام سلسلة الاعتقالات. وأجمع مشاركون في الاجتماعات التنسيقية، لبي بي سي طالبين عدم الكشف عن هويّاتهم على أن “فرص تجاوب قيس سعيّد من البادرة ضئيلة للغاية”.