اشتباكات السودان: الهدنة تنتهي اليوم..وتحذيرات من اتساع دائرة الصراع
- الحارث الحباشنة
- بي بي سي نيوز عربي
تجددت الاشتباكات في العاصمة السودانية الخرطوم، في خرق جديد للهدنة الخامسة التي تنتهي مساء الأحد.
وأغارت طائرات حربية على مواقع مختلفة في ولاية الخرطوم مع دخول القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أسبوعه الثالث، وسط تحذيرات أُممية من أن البلاد تنهار.
وذكر شهود عيان أن هناك تحليقاً لطائرات الجيش في شمالي الخرطوم بحري، وقالوا إن “قوات الدعم” حاولت استهدافها بمضادات الطيران.
وتداول السودانيون على منصات التواصل الاجتماعي، مقطعا مصور يظهر نشوب حريق بالمقر الرئيسي لبنك السودان المركزي بالخرطوم، إلا أن آخرين بثوا مقاطع أخرى تبين أن البنك لم يشهد أي حريق.
ويقول الجيش السوداني إنه يهاجم المدينة من جميع الاتجاهات بالطائرات والمدفعية الثقيلة لطرد “الدعم السريع” من المناطق الحساسة.
لكن مراسل بي بي سي الدبلوماسي بول آدامز، الذي يراقب الأحداث من نيروبي في كينيا، يقول إن الجيش سيجد صعوبة في طرد قوات الدعم السريع من الخرطوم.
يضيف مراسلنا أنه على الرغم من القوة النارية المتفوقة للجيش، فإن قوات الدعم السريع تتمتع بقدر كبير من الحركة وأكثر ملاءمة لحرب الشوارع.
واندلعت المعارك في 15 أبريل/ نيسان بين القوات المسلحة السودانية بقيادة قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان وحليفه السابق الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي يقود قوات الدعم السريع.
“الموقف العملياتي مُستقر”
وأكد الجيش السوداني في بيان أن الموقف العملياتي مستقر في جميع المناطق العسكرية بالبلاد، متهما، في الوقت نفسه، قوات الدعم السريع بدفع تعزيزات من غربي البلاد مبيناً أنه تم التعامل معها.
ويتهم الجيش السوداني قوات الدعم السريع بأنها تنتهك الهدنة المعلنة، وقال إنه يستمر في رصد “أرتال العدو المتحركة من الغرب إلى العاصمة”، وأشار إلى أنه دمر هذه الأرتال فجر اليوم في مناطق جنوب الزريبة والمويلح كما تم تدمير رتل في منطقة فتاشة.
وقال الجيش في بيانه أن القصف العشوائي ما زال مستمراً بالإضافة إلى نهب الممتلكات العامة والخاصة بما فيها البنوك والمحال التجارية ومنازل المواطنين.
وجدد الجيش دعوته لأفراد قوات الدعم السريع بالكف عن الاستمرار في هذه “المغامرة الخاسرة” والاستفادة من العفو الذي سبق وأصدره البرهان لمن يُسلم نفسه إلى الجيش.
الجيش يستعين بالشرطة وتحذيرات من توسيع دائرة الحرب
وأعلن الجيش السوداني أنه نشر وحدات من شرطة الاحتياطي المركزي في مناطق جنوبي الخرطوم بشكل تدريجي، وأكد الجيش أنه يستمر في تهيئة الظروف المناسبة لنزول الشرطة إلى الشوارع بالتزامن مع عمليات التمشيط.
ونشر نشطاء على منصات التواصل مشاهد لقوات قالت إنها للشرطة وهي تنتشر في منطقة الكلاكلة جنوب الخرطوم.
فيما حذرت قوات الدعم السريع من توسيع دائرة الحرب، والزج بقوات الاحتياط المركزي في القتال متهمة الجيش السوداني بخرق الهدنة.
وقالت في بيان لها إن من وصفتهم بـ”القيادات الانقلابية بالقوات المسلحة وفلول النظام البائد المتطرفة” مستمرة في انتهاك الهدنة الإنسانية.
وأكد بيان قوات الدعم السريع أن الجيش السوداني هاجم بالمدافع والطائرات مواقع تمركز “قوات الدعم” في عدد من المناطق بولاية الخرطوم الى جانب القصف العشوائي للمدافع وأن الطائرات تحلق في سماء الخرطوم.
وبينت “قوات الدعم” أن الجيش يستعد للهجوم على بعض القوات المنتشرة في خرطوم بحري وأم درمان والخرطوم.
وجددت التزامها بالهدنة الانسانية المعلنة لفتح مسارات آمنة وتسهيل عملية إجلاء الرعايا الأجانب، فيما لن تتوانى في حسم المعركة.
هدنة هشة وآمال بتجديدها
ورشحت معلومات نقلتها وسائل إعلام سودانية، تفيد بأن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع رشحوا ممثلين لإجراء مباحثات بين الجانبين، من المرجح أن تكون في جوبا عاصمة جنوب السودان، لجلسات التفاوض، ولم يتم التأكد من هذه المعلومات لاسيما مع تكتم شديد من طرفي النزاع حول دقة هذه المعلومات.
وأعلن وزير خارجية جيبوتي، محمود علي يوسف، أن إيفاد رؤساء جنوب السودان وجيبوتي وكينيا للخرطوم ما زال قائما، لكن بانتظار تحسن الوضع الأمني هناك، وأوضح أن هناك مقترحاً لاجتماع وزراء خارجية جيبوتي وجنوب السودان وكينيا ومبعوثين من الجانبين خارج السودان.
وعبر الوزير عن قلقه من اتساع دائرة النزاع في السودان وانهيار الدولة، وهو ما سيكون له نتائج كارثية على القارة، وفق وصفه.
وإلى الآن لم يصدر من الجانبين المتحاربين في السودان، أي قرار لتجديد الهدنة، رغم الجهود الإقليمية والدولية للتوصل إلى اتفاق جديد.
واستقبل وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، المبعوث الخاص لرئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني السفير دفع الله الحاج علي، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية السعودية.
وأكد الوزير السعودي على ضرورة تهدئة الموقف بالسودان و”تغليب المصلحة الوطنية”، ووقف كافة أشكال التصعيد العسكري.
“أوضاع إنسانية صعبة “
واتفق طرفا النزاع ليلة الخميس، على تمديد وقف إطلاق النار غير المستقر في أعقاب جهود دبلوماسية مكثفة من قبل دول الإقليم، والولايات المتحدة والمملكة المتحدة والأمم المتحدة.
ويعاني كثيرون من السكان، المحاصرين بسبب القتال، من صعوبة الحصول على الغذاء والوقود والمياه والكهرباء.
وأوقعت الحرب ما لا يقل عن 528 قتيلا و4599 جريحا، وفق أرقام أعلنتها وزارة الصحة السودانية، السبت، لكن يرجح أن تكون الحصيلة أكبر من ذلك.
إجلاء مستمر من قاعدة عسكرية جديدة
وتستمر جهود دول العالم بإجلاء رعاياها وبعثاتها الدبلوماسية من السودان عبر منافذ برية وبحرية وجوية، وقال الجيش السوداني إن عمليات إجلاء رعايا الدول ستتواصل من قاعدة وادي سيدنا التي لا تواجهها أي تهديدات حاليا ولا يتوقع أن تتأثر بأي مهددات، وفق الجيش.
ووصف وزير شؤون التنمية الدولية البريطاني، أندرو ميتشل، عملية إجلاء الرعايا البريطانيين من السودان بأنها كانت “ناجحة للغاية”.
وقالت الحكومة البريطانية إنه تم إجلاء 1888 شخصا في 21 رحلة جوية استمرت حتى وقت متأخر من يوم السبت.
ووصلت قافلة نظمتها الولايات المتحدة إلى بورتسودان لإجلاء المزيد من المواطنين الأمريكيين عن طريق السفن إلى مدينة جدة في المملكة العربية السعودية.
وتتعاون الدول في عمليات الإجلاء، إذ يقوم الأردن بتسيير طائرات إجلاء من السودان، حملت على متنها رعايا من فلسطين والعراق وسوريا وألمانيا.
بينما أعلنت المملكة العربية السعودية، أنها أجلت نحو 2148 شخصاً ينتمون لـ 63 جنسية، من بينهم رعايا من إيران، وهو ما دفع بالمتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، إلى شكر المملكة على موقفها مضيفاً: “لمسنا تعاوناً فعالاً ومساعدة من السعودية ما يستحق التقدير والامتنان”
تحذير من “أسوأ حرب أهلية في العالم”
حذر رئيس الوزراء السوداني السابق، عبد الله حمدوك، من خطورة تفاقم النزاع في السودان وتحوله إلى أحد أسوأ الحروب الأهلية في العالم حال لم يتم وضع حد له، وقال حمدوك: “إذا كان السودان سيصل إلى نقطة حرب أهلية حقيقية.. فإن سوريا واليمن وليبيا ستكون مجرد مبارزات صغيرة”.
واعتبر أن النزاع الحالي “حرب لا معنى لها” بين جيشين، مؤكداً “لا أحد سيخرج منها منتصراً، لهذا السبب يجب أن تتوقف”.
وعبر المتحدث الرسمي باسم العملية السياسية في السودان، خالد عمر يوسف، لبي بي سي، عن قلقه من قرب حصول انهيار في القطاع الصحي.
وبين أن هذه الحرب “لا منتصر فيها وستتطور لأشكال أخرى لا يمكن السيطرة عليها كما يحدث في الجنينة الآن”.
وأبدت الجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية في السودان، مخاوف من ظهور فجوة غذائية كبيرة في البلاد جراء المعارك.
وقالت “الجبهة” في بيان، إنها تتطلع لتسمية القوات المسلحة وقوات الدعم السريع لممثلين لهما لبحث سُبل إطلاق النار، كخطوة تحتاج إلى “ضمانات حقيقية من الطرفين بوقف العمليات الحربية وإيقاف توسع دائرتها”.
وحذرت “الجبهة” من أن الخطاب الإعلامي الذي يتخلله “تخوين” للقوى المدنية والسياسية والمجتمعية السلمية الساعية إلى الديمقراطية وتحقيق السلام بشكل مضلل، هو مؤشر خطير ويعد أحد المسببات الرئيسية للحرب الجارية.