اشتباكات السودان: المعارك مستمرة وبريطانيا تنفذ آخر رحلة إجلاء لرعاياها
أطلقت نيراناً كثيفة مضادة للطائرات فوق الخرطوم يوم السبت، مع دخول القتال العنيف بين الجيش السوداني والقوات شبه العسكرية أسبوعه الثالث رغم تجديد الهدنة.
وقال شاهد في جنوب الخرطوم لوكالة فرانس برس: “استيقظنا مرة أخرى على صوت الطائرات المقاتلة والأسلحة المضادة للطائرات وهي تنفجر في جميع أنحاء حيّنا السكني”.
وقال شاهد آخر إن القتال لا يزال مستمراً منذ الصباح الباكر، خصوصاً حول مقر هيئة الإذاعة الحكومية في مدينة أم درمان، ثاني أكبر مدن البلاد.
ولازم عدد كبير من السكان في جميع أنحاء الخرطوم، التي يقطنها خمسة ملايين شخص، منازلهم على الرغم من تناقص إمدادات الغذاء والمياه إلى مستويات منخفضة بشكل خطير ووجود نقص في الكهرباء.
ولم يتمكن البعض من التسلل الى خارجها إلا خلال فترات الهدوء القصيرة في القتال، لشراء الإمدادات التي تمس الحاجة إليها.
الإجلاء البريطاني الأخير
قالت الحكومة البريطانية إن رحلة الإجلاء الأخيرة للمملكة المتحدة من السودان ستقلع هذا المساء، وأن البريطانيين الذين يحاولون الفرار من الصراع لديهم بضع ساعات فقط للوصول إلى المطار شمال العاصمة الخرطوم.
وبدأ قرار وقف إطلاق النار الأخير بين الفصيلين المسلحين بالإنهيار، مع استهداف الأحياء بغارات جوية وكذلك بنيران الدبابات والمدفعية.
وحذر الأطباء من أن نظام الرعاية الصحية في السودان على وشك الانهيار، حيث يعاني المدنيون من ظروف مروعة جراء العنف الذي أودى بحياة ما لا يقل عن خمسمائة شخص.
وقال مراسل بي بي سي الدبلوماسي، بول آدامز الذي يراقب الأحداث من نيروبي في كينيا، إن الإجلاء الجوي البريطاني يقترب من نهايته. ويجب على أي شخص يرغب في اللحاق بالرحلة أن يكون في قاعدة وادي سيدنا الجوية، شمال الخرطوم، بحلول منتصف النهار.
وكانت بريطانيا أجلت حوالى 1500 شخص جواً هذا الأسبوع وقالت الحكومة البريطانية إن عدد طلبات المغادرة التي تتلقاها قد انخفض.
وتتواصل عمليات الإجلاء الأخرى. إذ غادرت الخرطوم الجمعة، قافلة من الحافلات تقل نحو 300 أمريكي متوجهة إلى بورتسودان. وقيل إنه تم استخدام طائرات مسلحة بدون طيار لمراقبة وحماية القافلة على طول طريقها البالغ طوله 500 ميل.
وأشار آدامز الى أن البلد الذي تركوه وراءهم يتأرجح على حافة الفوضى المطلقة.
وعلى الرغم من الضغوط الدولية لتمديد الهدنة الأخيرة غير المكتملة، يبدو أن احتمال أي حوار أوسع بين الفصائل المتحاربة بعيد المنال.
مساعي مصر لوقف القتال
ذكر إخطار من وزارة الخارجية المصرية، بأنه تم تأجيل لقاء وزير الخارجية المصري سامح شكري، مع المبعوث الخاص لمجلس السيادة السوداني، السفير دفع الله الحاج علي، إلى موعد لاحق لم يحدد بعد.
ولم يشر إخطار الوزارة إلى أسباب تأجيل اللقاء.
وكان من المفترض أن يلتقي شكري، السفير الحاج، السبت، في إطار السعي المصري لوقف القتال بشكل مستدام في السودان.
وكانت وزارة الخارجية المصرية، أعلنت أنها نجحت في إجلاء نحو 6400 مواطناً مصرياً جوياً، حيث قامت القوات المسلحة المصرية بتنفيذ 27 رحلة جوية لإجلاء مواطنيها في السودان على مدار الأيام الماضية.
وأعلنت الوزارة، السبت، أن نقاط التجمع والإجلاء للمصريين ستكون في بورتسودان “للإجلاء البحري” بالإضافة إلى المعابر البرية “قسطل وأرقين”.
وكانت وزارة الخارجية المصرية قد أعلنت أنها نقلت أعضاء البعثة الدبلوماسية والقنصلية التابعة للسفارة المصرية في الخرطوم إلى موقع آخر لم تعلن عنه لمتابعة تنفيذ خطة إجلاء مواطنيها في السودان.
تبادل اللوم
ودخل السودان في حالة من الفوضى وانعدام القانون منذ اندلاع القتال في 15 أبريل/نيسان بين القوات الموالية لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان والرجل الثاني محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، الذي يقود قوات الدعم السريع شبه العسكرية.
ومع احتدام المعارك على الأرض، تصدى الجنرالان المتنافسان لبعضهما البعض في وسائل الإعلام، حيث وصف البرهان قوات الدعم السريع بأنها ميليشيا تهدف إلى “تدمير السودان”، في مقابلة مع قناة الحرة التلفزيونية الأمريكية.
كما زعم أن “مرتزقة” يتدفقون عبر الحدود من تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى والنيجر لاستغلال الفوضى.
ومن جهته، وصف حميدتي، قائد الجيش في مقابلة مع بي بي سي، بأنه “خائن” و”غير جدير بالثقة”.
واتفق البرهان وحميدتي على عدة هدنات منذ بداية الصراع، لكن لم يتم تنفيذ أي منها بشكل فعال، وألقى كل طرف باللوم على الآخر لخرقها.
وتم آخر اتفاق على وقف إطلاق النار يوم الخميس ولمدة ثلاثة أيام، بعد وساطة بقيادة الولايات المتحدة والسعودية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة بهدف تأمين هدنة أكثر ديمومة.
وأسفرت الاشتباكات حتى الآن عن مقتل ما لا يقل عن 512 شخصاً وإصابة 4193 آخرين، وفقاً لوزارة الصحة السودانية، ويُخشى أن يكون عدد القتلى أعلى من ذلك بكثير.
وقالت الأمم المتحدة إن نحو 75 ألفاً نزحوا داخلياً بسبب القتال في الخرطوم وولايات النيل الأزرق وشمال كردفان، بالإضافة إلى منطقة دارفور المضطربة بغرب البلاد.
وفر عشرات الآلاف من السودانيين إلى دول مجاورة، بما في ذلك مصر وإثيوبيا وتشاد وجنوب السودان، في حين نفذت دول أجنبية عمليات إجلاء جماعية لمواطنيها
وأشارت الأمم المتحدة يوم الجمعة إلى أنه تم إجلاء آخر موظفيها الدوليين من دارفور.
وقالت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، رافينا شمداساني، إن 96 شخصاً على الأقل قتلوا في مدينة الجنينة في ولاية غرب دارفور منذ يوم الاثنين.
وصفت الأمم المتحدة الوضع في دارفور بأنه “مقلق”، في حين قالت منظمة “أطباء بلا حدود”، إن هناك تقارير عن انتشار النهب والتدمير وحرق الممتلكات، بما في ذلك في مخيمات النازحين.