أخبار العالم

استثمارات الشرق الأوسط على “رادار” الحكومات الصينية



تحمل بكين مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، لا سيما في ضوء الحرب التجارية التي تخوضها مع الولايات المتحدة الأميركية، مُستغلة في ذلك مقوماتها الرئيسية كثاني أكبر اقتصاد في العالم، وتسعى لاستمالة مزيد من الحلفاء، ولعب أدوار أوسع على مختلف الأصعدة.

وفي هذا السياق، كشف تقرير نشرته صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، عن أن الحكومات الصينية المحلية “تسعى إلى استمالة الاستثمارات من منطقة الشرق الأوسط وآسيا، وذلك في الوقت الذي تكافح فيه لجمع الأموال في الداخل؛ من أجل تحفيز التنمية الاقتصادية بعد الوباء”.. ويشير التقرير نفسه إلى أن:

  • مسؤولون حكوميون صينيون عقدوا اجتماعات رفيعة المستوى مع عدد من المؤسسات الخليجية الحكومية.
  • كما قام مستثمرون آخرون من الدول الآسيوية، بما في ذلك GIC (صندوق للثروة السيادية أنشأته حكومة سنغافورة في عام 1981 لإدارة الاحتياطيات) بعرض الفرص.
  • تؤكد تلك الاجتماعات على تعميق العلاقات الاقتصادية بين الصين والشرق الأوسط، وهي منطقة كانت تقليدياً مجال نفوذ للولايات المتحدة.
  • تأتي الاجتماعات أيضاً في الوقت الذي يحاول فيه المستثمرون العالميون تأمين سيولة من الشرق الأوسط، لا سيما بعد الطفرة النفطية في العام الماضي.

الاعتماد على الشرق الأوسط

الأستاذ المشارك بجامعة كورنيل، ألين كارلسون، والذي يركز عمله بشكل أساسي على القضايا المتعلقة بالسياسة الصينية والسياسة الخارجية والأمن الآسيوي، يقول في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:

  • لقد ارتكزت العلاقة الاقتصادية لفترة طويلة على حاجة الصين للوقود لدفع اقتصادها.
  • وبشكل أكثر تحديداً، فهي (الصين) تعتمد على نفط الشرق الأوسط أكثر مما تعتمد عليه الولايات المتحدة، حيث يأتي أكثر من نصف وارداتها النفطية من المنطقة.
  • ومع ذلك، توسعت العلاقة في السنوات الأخيرة إلى ما هو أبعد من التجارة من خلال زيادة الاستثمار الصيني في مختلف مشاريع البنية التحتية واسعة النطاق.
  • لقد أدى ذلك إلى حد ما إلى تعميق العلاقات الاقتصادية بين الصين والشرق الأوسط.

ويضيف: “ثم هناك بالطبع الدور الذي لعبته الصين مؤخرا في استئناف العلاقات بين السعودية وإيران، ويشير ذلك لكثير من المراقبين إلى تحول كبير داخل المنطقة ودور الصين فيها”.

ويشدد على أنه “رغم ذلك لا يوفر الشرق الأوسط أسواق السلع التي تقدمها الولايات المتحدة، وبالتالي من الصعب رؤية المنطقة تعمل كصمام أمان عام للصين ضد العقوبات الأميركية”.

ويختتم الأستاذ المشارك بجامعة كورنيل، تصريحاته قائلاً: ” تمنح المنطقة الصين مساحة أكبر قليلاً، لكنها لا تسمح لها بتجاوز العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين”.

مزيد من الاستثمارات

وبالعودة لتقرير صحيفة “الفاينانشال تايمز” فإنه نقل عن مسؤول كبير في جنوب الصين، قوله “إن بعض المؤسسات الحكومية في الشرق الأوسط حريصة على زيادة الاستثمار في الصين.. ونحن بحاجة إلى جذب المزيد من المستثمرين”.

يأتي ذلك في وقت أنشأت فيه مدن صينية مختلفة صناديق هذا العام لجمع الأموال للاستثمار في المجالات التي حددتها بكين، بما في ذلك أشباه الموصلات والتكنولوجيا الحيوية والطاقة الجديدة والتصنيع عالي التقنية والبنية التحتية . ويشير التقرير إلى أن كثيراً من تلك المدن والحكومات المحلية تسعى إلى الاستثمار الدولي لأول مرة ولديهم أهداف طموحة.

السياسة الخارجية الصينية

البروفيسور في العلاقات الدولية بكلية هاميلتون، آلان كفروني، يتحدث في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” عن تطورات السياسة الخارجية الصينية، ومدى حضور بكين في الشرق الأوسط (بما ينعكس على العلاقات الاقتصادية حالياً).

ويشير إلى أن “نجاح الصين في التوسط في إعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، وكذلك الحديث عن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية يشير إلى تطور رئيسي جديد في ميزان القوى الإقليمي والعالمي.

ويوضح أنه رغم أن الولايات المتحدة لا تزال المزود العسكري الرئيسي، فإن الصين هي المستورد الرئيسي للنفط من المملكة العربية السعودية وكذلك العراق”.

“في الوقت نفسه تسعى الصين أيضاً إلى التوسط في صفقة بين أوكرانيا وروسيا، ربما مع إمكانات أقل بكثير ولكنها مع ذلك علامة على العصر الجديد”.

ويضيء كفروني بذلك على الفرص المتاحة على صعيد العلاقات السياسية والتجارية، والتي تُعزز بدورها الحضور الاقتصادي للصين وتدعم توجهاتها في المنطقة، في وقت تواجه في بكين حرباً اقتصادية من جانب الولايات المتحدة، وهي الحرب التي يشير كفروني إليها باعتبارها “تعكس رغبة واشنطن في الحد من الصعود الاقتصادي والسياسي العسكري الأوسع للصين”، موضحاً أن حرب التكنولوجيا معقدة للغاية نظراً للشبكات الكثيفة لسلاسل التوريد والمشاركة واسعة النطاق للشركات الأميركية والأوروبية في الصين. وعلى المدى الطويل، من المشكوك فيه أنها ستنجح في منع صعود الصين.

  • بلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين في العام 2022 إلى أربعة أضعاف ما كان عليه قبل 15 عاماً.
  • بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين ودول الشرق الأوسط 507.152 مليار دولار أميركي في العام 2022، بزيادة 27.1 بالمئة على أساس سنوي.
  • على مدى السنوات الخمس الماضية، ارتفع حجم التبادل التجاري بين الصين ودول منطقة الشرق الأوسط من 262.5 مليار دولار أميركي إلى 507.2 مليار دولار أميركي.

بديل للولايات المتحدة

الكاتب الصحافي نزار الجليدي، يقول في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: “في واقع الأمر عين الصين مفتوحة على كل نقاط العالم، حتى في أفريقيا الآن تصنع ربيعها الحقيقي، وفي الشرق الأوسط تمثل بديلاً حقيقياً عن الاستثمارات الأميركية والأوروبية التي تكثر وتجحف كثيراً في معاملاتها مع دول الشرق الأوسط ودول الخليج”.

ويتابع: “الصين اليوم تأخذ موقعاً جديداً اقتصادياً في تعاملاتها مع دول الخليج ودول الشرق الأوسط، خاصة شمال أفريقيا” كما أنها في طريقها الحقيقي الى أفريقيا.

وتبعاً لذلك يعتقد بأن الصين تمثل خط قلق دائم بالنسبة لأوروبا والولايات المتحدة الأميركية، فهي تشكل “بركاناً صامتاً لا ينفجر إلا في الوقت المناسب (..)”، مشدداً على أن الصين في تقديره هي الطرف الآخر استفادة من العلاقات مع الشرق الأوسط، كما تستفيد عديد من الدول التي تعيش في حالة ركود اقتصادي، فضلاً عن الاستفادة التي تحققها دول الخليج التي “تحتاج إلى أسواق جديدة تدخلها حتى تحقق التنافس مع الشركاء العاديين”، ولذلك أوروبا وأميركا يحاولون بشتى الطرق إفشال المشروع الصيني، الذي يسير بخطى هادئة ولكنها ثابتة.





المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى